الشركات الألمانية تتحول من صيد إلى صياد
بعد سنوات طويلة من الخمول ألمت حمى الاستحواذ بالشركات الألمانية. فبعد الأرقام القياسية التي سجلتها عمليات الاستحواذ خلال النصف الأول من العام الحالي، يتوقع الخبراء عمليات استحواذ ضخمة أخرى خلال السنة والنصف التالية. ويقول هيرمان بريله مدير الفرع الألماني لبنك (يو بي اس) السويسري تعليقا على ذلك: "كلا، لم تصل هذه العمليات إلى الذروة بعد " حيث من المتوقع أن تشهد الثماني عشرة شهرا القادمة عددا من الصفقات بقيمة تزيد على 30 مليار يورو. وستبرز الشركات الألمانية في العديد من هذه العمليات كشركات مشترية كما يؤكد بريله وسيكون في مقدمة المشروعات موضوع عمليات استحواذ هذه شركات من قطاع الطاقة وصناعات تقليدية أخرى.
في نصف السنة الأول حققت سوق الاندماج و الاستحواذ في ألمانيا قفزة كبيرة إلى الأمام، فوفقا لأرقام مؤسسة (تومسون فايننشيال) للبيانات تجاوز حجم مشتريات الشركات هذه السنة حجمها في الفترة المقابلة من العام الماضي بنسبة 120 في المائة. وبفضل عمليات استحواذ كبيرة مثل شراء شركة شيرينج للصناعات الدوائية ( ومقرها برلين ) من قبل شركة باير أو عرض شركة أيون لشراء شركة انديسا الإسبانية تصاعد الحجم إلى154 مليار دولار متجاوزا بذلك حتى قيمة إجمالي السنة الماضية بأكملها وبشكل واضح. وبعكس ذلك تراجع العدد الصافي لعمليات الاستحواذ قليلا خلال هذه الفترة.
ولأول مرة منذ عام 1998كانت مشتريات الشركات المحلية لشركات أجنبية تزيد على مشتريات الشركات الأجنبية لشركات ألمانية. وفي هذا يقول أليكساندر غيرت، الخبير في شؤِون صفقات الاندماج و الاستحواذ في بنك (يو بي اس) السويسري: " لقد تحولت الشركات الألمانية من صيد إلى صياد". وبهذا سلبت الشركات المستثمرين الماليين الذين كانوا في قمة نشاطهم السنة الماضية سلبتهم طموحهم، حيث تقلصت حصة المستثمرين الماليين أي الشركات القابضة مثل شركة بلاكستون أو شركة كي كي آر كمشترية في السوق الألمانية - تقلصت من 38 في المائة في السنة الماضية إلى 18 في المائة أي إلى أقل من النصف.
ولعل من أسباب ذلك أن الائتلافات المقترحة تزيد وبالتالي تعرض أكثر مما لدى الشركات القابضة. كما أنها تستطيع اتخاذ القرارات بأسرع مما يستطيع المستثمرون الماليون. وأيضا تعلمت الشركات نفسها أساليب التمويل من الشركات القابضة. وكمثال على ذلك يذكر بريله مجموعة شركات(ليندا) الصناعية التي استطاعت، حتى قبل التغلب على المسائل القانونية، أن تنهي الترتيبات التمويلية لشراء منافستها البريطانية (بي أو سي). ومن الجدير بالذكر أن سوق الاستحواذ البالغ قيمتها نحو 500 مليار يورو تشهد حاليا منافسة لم يسبق لها أن شهدتها من قبل.
ولعل عروض التمويل الأجنبية المتدنية التكاليف هي مما يزيد من حرارة حمى الاستحواذ " فكل جهة تحاول بالطبع أن تستفيد من الشروط المناسبة طالما ظلت أسعار الفائدة منخفضة: كما يقال. ولهذا السبب لا تزال حصة عمليات الاستحواذ الممولة نقدا والتي تبلغ نسبتها على نطاق العالم 68 في المائة مرتفعة جدا. فبالمقارنة كانت هذه النسبة عام1998 لا تتجاوز 35 في المائة، حيث كانت غالبية عمليات الشراء تتم تسويتها بواسطة الأسهم. ولكن سوق رأس المال الأجنبي الذي قدر العام الماضي بما يقارب 2 مليار دولار وهو أعلى رقم حتى الآن كان مدعاة للقلق. ويقول بريله:
" أنا أفترض أن لدينا نوعا من أنواع الفقاعات فالبنوك تقدم حاليا عروضا تمويلية في غاية الجرأة لأنها تستطيع أن تحول القروض وما يتعلق بها من مخاطر إلى المستثمرين الآخرين."
وبعكس ما كان سائدا في الماضي، لم تعد الشركات الألمانية تتردد في الإقدام على عمليات استحواذ عدائية. فوفقا لبيانات لدى بنك (يو إس بي) السويسري يتبين أن 65 في المائة تقريبا من عروض الشراء التي تقدمت بها شركات ألمانية هذا العام كانت ذات طابع عدائي أو لا إرادي على الأقل بما في ذلك عرض شركة أيون للاستيلاء على شركة انديسا، وميرك لشراء شيرينج والبورصة الألمانية للاستحواذ على بورصة يورونيكست الباريسية.