تسارع في انخفاض القيمة الشرائية للعملة وتراجع الثقة بـ "المركزي الأوروبي"

تسارع في انخفاض القيمة الشرائية للعملة وتراجع الثقة بـ "المركزي الأوروبي"

تسارع انخفاض القيمة الشرائية للعملة في منطقة اليورو خلال النصف الأول من عام 2006. فبعد أن وصل معدل التضخم إلى 2.2 في المائة خلال عام 2005، وصل خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام إلى نحو 2.4 في المائة. وهذا من الواضح أنه أكثر من نمط استقرار الأسعار للبنك المركزي الأوروبي على المدى المتوسط، ولكنه يوفّر الشروط للاقتراب من 2 في المائة، الشيء الذي يمكن للبعض أن يتصوّره على أن يصبح 1.7 إلى 1.8 في المائة. والقوة المحرّكة لارتفاع الأسعار هو سعر النفط، والذي ارتفع منذ بداية العام نحو عشرة يورو إلى 60 يورو للبرميل. ولو تم استبعاد بند الطاقة لبلغ معدل الغلاء خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 1.5 في المائة.
ويؤثّر سعر النفط مباشرةً في تضخّم أسعار الاستهلاك، لأن الطاقة تصبح أغلى، حيث يدفع المستهلكون أخيرا مقابل الطاقة نحو 11 في المائة أكثر مقابل العام الماضي. ويهدد سعر النفط استقرار الأسعار مباشرةً، لأنه يمثّل تكاليف الشركات. وكذلك غيرها من باقي المواد الخام، خاصة المعادن، التي أصبحت أكثر غلاءً بفعل الاقتصاد القوي منذ عام 2002، فهي تعمل على إيجاد ضغط على التكاليف أيضاً. وقائمة مؤشرات المواد الخام لمؤسسة هامبورج ، وهي القائمة المحسوبة وفقاً لمؤشرات الطاقة، ارتفعت أخيرا باليورو ما يزيد على 20 في المائة. وطبعاً تعمل الشركات على تمرير هذه التكاليف بصورة متزايدة للمستهلك، معدّلة على أساس اقتصاد ضخم. وبلغت أسعار الإنتاج في حجم الترويج المحلي خلال أيار (مايو) نحو 6 في المائة أعلى من العام الذي مضى، حيث ارتفعت بالسرعة نفسها التي شهدها عام 2000 لدى ارتفاع أسعار النفط. وبلغت تكلفة ما قبل الإنتاج بنحو 4.5 في المائة أعلى من العام الذي مضى، والوُجهة تشير إلى تقدّم مستمر. وبدت البضائع الاستهلاكية أغلى بنحو 1.7 في المائة، ويتضاعف معدل الغلاء منذ عام تقريباً. وتشير الدراسات الإحصائية لمؤشرات القوائم الشرائية إلى أن الشركات في قطاع المهن التشغيلية، وفي قطاع الخدمات الإنتاجية ستعمل على رفع أسعارها الترويجية أكثر، وعلى نحوٍ متزايد.
وإذا ما تم التغاضي عن التوتر في الشرق الأوسط وغيرها من مناطق العالم المنتجة للنفط و هو ما عمل على زيادة سعره فإن الاقتصاد القوي بالأخص يعمل على دفع أسعار النفط و المواد الخام بقوة إلى الأعلى. وفي مكافحة مثل هذه التعديلات للأسعار المقصودة في الأمر، والتي تنعكس في معدل التضخّم، لا يمكن للسياسة المالية التقدّم فيها على نحوٍ منطقي، فهي لا تؤثّر سوى عن طريق المماطلة الزمنية البعيدة. ولكن من المهم بالنسبة للبنوك المركزية، ألا يتم تثبيت معدل الأسعار المرتفع في أذهان الناس. طالما أن مسؤولي بنك الاحتياط يؤمنون بالوعد، بأنه سيعمل على الحفاظ على استقرار الأسعار بصورة دائمة، إذ يمكن للبنوك الاحتياطية أن تقبل بارتفاع مؤقّت لمعدل التضخّم دون وقوع أضرار. وعلى هذا، يصف البنك المركزي الأوروبي استقرار الأسعار بأنه لا يجب أن يؤثّر التضخّم في سلوك الأفراد اقتصادياً. ولا يُفترض بالناس الهلع خوفاً من جرّاء ارتفاع الأسعار المستقبلي بعيداً عن الشراء، والاستثمارات، أو أن يضعوا متطلبات أجور قاسية وغير مواتية.
وعقب ستة أعوام بمعدل من التضخّم بما يزيد على 2 في المائة بالمعدل، وفي غمرة صدمة أسعار النفط المتكررة، يوجّه البنك المركزي الأوروبي في الوقت الراهن نظرة خاصة على استقرار توقعات التضخّم. وتشير الدراسات الإحصائية للمستهلكين في منطقة اليورو، إلى أنهم يتوقعون بالنسبة للعام المقبل أسعاراً أعلى وعلى نحوٍ متزايد. وارتفعت أخيرا التوقعات حول معدل تضخّم أعلى بشكل سريع، وخاصةً في ألمانيا، حيث يهدد رفع قيمة الضريبة المضافة في كانون الثاني (يناير) من عام 2007 بارتفاع الأسعار. وبرغم هذا، ووفقاً لتقديرات البنك المركزي الأوروبي في تقرير الربع لتموز (يوليو) فإن توقعات المستهلكين لا تُعتبر مقياساً جيّداً بالنسبة للتوقعات العامة بالتضخّم. وعلى ما يبدو فإن المستهلكين متأثرون إلى حدٍ كبير بمعدل التضخم الفعلي على نحوٍ عام، وهذا يظهر لدى إصدارهم الأحكام والتوقعات.
وتشير الدراسات الإحصائية المعتادة للمشاركين في الأسواق المالية، والبنوك العامة، إلى أن هؤلاء الخبراء يتوقعون منذ أعوام، أن يبلغ معدل التضخم بالمعدل من خمسة إلى عشرة أعوام نحو 1.9 في المائة. وتظهر ثقة الخبراء العاملين بالبنك المركزي الأوروبي، والتي تؤكّد استقرار الأسعار على المدى المتوسط، أكيدة. ولكن بدأت مختلف الاعتبارات بالظهور، حيث توقع نحو 47.3 في المائة من الذين خضعوا لدراسات الاستفتاء التي أجراها البنك المركزي الأوروبي الأخيرة، أن يبلغ معدل التضخّم في غضون الأعوام الخمسة المقبلة نحو 2 في المائة أو أكثر. ولم يسبق أن كانت هذه النسبة من التوقعات على هذا النحو مرتفعة إلى هذا الحد. ويستنتج البنك المركزي الأوروبي من هذا، بأن معدل خطورة التضخّم على المدى البعيد قد ارتفع.
والاحتمالية الثالثة، والتي يمكن قياس توقعات التضخم بها، تكمن في هذه اللحظة في الأسواق المالية نفسها، حيث يتم عرض فرص الاستثمار مع الحماية من التضخّم على نحوٍ متزايد. والأكثر تعارفاً هي قروض الحكومة المشيرة إلى التضخّم لمزيد من دول اليورو، وألمانيا أيضاً في الوقت الراهن، حيث ترتفع مدفوعات الدول المستقبلية بفعل معدل التضخم. وبمقارنة عوائد قروض الحكومة بقروض غير مُشار إليها في القوائم، تسمح للمدينين أنفسهم، بمعادلة حجم التضخّم المتوقّع مستقبلياً في السوق بصعوبة. ومنذ منتصف عام 2005 ارتفع هذا المقياس بالنسبة لتوقعات التضخّم، وبناءً على القرض نفسه و الفترة الزمنية، فإنه يشير إلى معدل تضخّم متوقّع من 2.2 إلى 2.3 في المائة.
وحتى هذا المقياس لا يُعد أكثر من قيمة تقريبية من معدل التضخّم المتوقّع. والقروض المشيرة إلى التضخم تعتمد في الأغلب على معدل الغلاء المعدّل، باستثناء سعر التبغ، والذي انخفض خلال الأعوام الماضية مقارنة بمعدل التضخّم العام. وهذا يتضمن بشكل عام أن توقعات التضخم أعلى مما ذُكر بنحو 2.2 إلى 2.3 في المائة. ومن البعيد الأخذ بعين الاعتبار، أن أسواق القروض المشيرة إلى معدل التضخّم تُعتبر صغيرة، وبالتالي مضمونة من بين عوائد حصص السيولة. وهذا يعني، أن توقعات التضخم تشير إلى معادلة حجم التضخم. وفي المقابل، فإن عوائد القروض غير المحميّة من التضخم تتضمّن حصة لمفاداة مخاطر التضخّم: ولهذا يُطالب المستثمرون عوائد أعلى بعض الشيء كمعادلة، وبالتالي من الممكن أن يؤدي هذا إلى ارتفاع حجم التضخم. وبناءً على دراسات البنك المركزي الأوروبي، يمكن أن تسجّل حصة مفاداة خطورة التضخّم في منطقة اليورو من 25 إلى 30 نقطة أساسية، وبالتالي يمكن القول إن قيمة معادلة حجم التضخم باتت أعلى.
وتشير دراسات البنك الأوروبي المركزي إجمالاً إلى عدم استقرار معلوم حول قيمة ارتفاع توقعات التضخم بالضبط، وبالتالي حول مصداقية البنك المركزي. ومن الواضح أن، الكثير من المقاييس لتوقعات التضخم ارتفعت، الشيء الذي يشير إلى مخاطر ارتفاع الأسعار.

الأكثر قراءة