قرية "ذي عين الأثرية" جمال وخضرة وأشجار موز وعين ماء

قرية "ذي عين الأثرية" جمال وخضرة وأشجار موز وعين ماء

كان الغموض يلف مخيلتي عن قرية أثرية تقع أسفل تهامة، ذكرها لي أحد الزملاء من الذين زاروا منطقة الباحة، الواقعة جنوبي المملكة، فما شاهدته ليس كما سمعته عن هذه القرية الأثرية القابعة تحت جبال عالية جدا، تبقى لمزيد من الطمأنينة، أن أسأل أي شخص من سكان مدينة الباحة ليخبرني عن القرية والمسافة التي سأقطعها نحوها، إضافة إلى سلامة الطريق وإمكانية السير فيه دون معاناة.
الإجابة كانت مشجعة، وتبقى تحديد الوقت للانطلاق، حيث إن المعلومات تشير إلى أن الوقت الأنسب عند الساعة الرابعة عصرا، إذ إن درجات الحرارة تبدأ في الانخفاض بعد هذا الوقت، كون أن الموقع بطبيعته حار، ومفارقة عجيبة تحملها جل المناطق الجنوبية في بلادي، لأن بضعة كيلو مترات تحمل اختلافا وتناقضا في الأجواء بين موقع وآخر، وهذه تضيف بعدا آخر نحو دعم وتشجيع السياحة الشتوية في بلادي.
الطريق أو عقبة الباحة أسهم بكل صدق في دعم رحلتي وتشجيع السياحة الداخلية، وهذا دور كبير يجسد لوزارة النقل مدى الجهود المبذولة منها في دعم السياحة، وهنا الدور المطلوب للنشر عن الإنجازات التي قامت بها الوزارة نحو طرق قل لها مثيل على مستوى العالم، خاصة في المنطقة الجنوبية، ولك أن تتخيل وأنت تسير في عقبة شاهقة بارتفاع يصل إلى نحو ألفي متر تقريبا عن سطح البحر، تخترق صخورا صماء عبر أنفاق يصل تعدادها إلى 25 نفقا متعة إضافية يراها المسافر عبر عقبة الباحة الباهرة، وهنا مصدر المتعة.
المفارقة المخجلة هي بداية الوصول إلى القرية الأثرية، التي تسمى "قرية ذي عين الأثرية"، حيث تعود التسمية إلى وجود عين تضخ الماء طوال العام على مزارع للنخيل والموز والكادي (شجرة ينتج منها زهور ذات رائحة جميلة جدا)، وذلك أن اللوحات الدالة عليها لوحات صغيرة وكأنها تخجل أن تشير إلى مكان قال عنه الحضور في تلك اللحظات، إنه لو كان في مكان آخر، كدولة أوروبية أو آسيوية لأصبح من أبرز المواقع التي تسجل ضمن البرامج السياحية لزيارتها والإقامة والجلوس فيها للاستمتاع بمكان قل أن ترى له مثيلا، إذ ترى الماء والخضرة، والأجمل عندما يكون غروب الشمس.
المدخل إلى القرية الأثرية لا يشير إلى أن هناك مكانا بهذا الجمال والروعة، طريق ضيق، أتربة وصخور متناثرة على جانبيه يسمح بمرور سيارة واحدة فقط، تقف بسيارتك بالقرب من القرية، تبحث عن معلومات أو كيفية الدخول إلى القرية وعين الماء، لتشاهد كشكا من الخشب وقف بداخله شخص يبيع المرطبات والموز، تقف وتسأله عن القرية وعين الماء، ليشير بيده إلى الطريق الصخري، والحقيقة أنني تركت أطفالي بداخل السيارة لأن الطريق يوحي بصعوبة السير بالنسبة لصغار السن أو كبار السن، عندها تترجل أقدامك يدفعك فضولك لمعرفة مصدر الماء الذي يثير في داخلك فرحا وعشقا لتاريخ سطره رجال هذه القرية، لأن مرور الماء من العين وانتقاله إلى مزارع الموز هو الآخر وحده حكاية وقصة عظيمة لرجال رحلوا منذ مئات السنين، كما هي جميلة قرية ذي عين الأثرية، ولكن مناظر الإهمال والتجاهل أثارت في داخلي حنقا وغيرة أن يكون في بلدي مثل هذا المكان ولكنه مهمل، سأترك الصور تتحدث عن أغلى مكانة سطرتها عظمة الخالق عز وجل داخل سطوري، حملت نفسي المسؤولية عن غيابي طوال هذه السنين للبحث عن برامج سياحية عبر مكاتب سعودية للسفر إلى خارج بلادي، للبحث عن الماء والخضرة، ولكنها كانت على بعد مئات الكيلو مترات من مدينتي الرياض ولكنها للأسف كانت مغيبة عن ناظري.

الأكثر قراءة