خطر الصين يجبر المغرب على إدخال تعديلات على صناعة المنسوجات

خطر الصين يجبر المغرب على إدخال تعديلات على صناعة المنسوجات

خطر الصين يجبر المغرب على إدخال تعديلات على صناعة المنسوجات

بخلاف الصوت الرتيب المنتظم لآلات الحياكة ليس هناك شيء يذكر يعكر مناخ الكفاءة العالية في مصنع السراويل الذي يملكه عبد الخالق الشريبي في إحدى ضواحي الدار البيضاء.
تصطف العاملات اللاتي يرتدين زيا أزرق موحدا ويعقدن شعورهن تحت أغطية رأس بيضاء ويقمن بحياكة قطع من الأقمشة بلون البيج بسرعة فائقة. لا يكدن يرفعن عيونهن عن أعمالهن لمتابعة الزائرين الذين يتوافدون على المصنع من حين لآخر.
ويقول الشريبي إن مصنعه لم يشهد هذا القدر من الكفاءة قبل ذلك ولكن هذا
ليس وقت الاسترخاء، فقد أصبح الوضع صعبا منذ فتح الأسواق الأوروبية العام الماضي أمام الشركات الآسيوية التي اجتذبت عملاء من منافساتها المغربية التي تعاني من ضعف في الإمدادات أو تدني الجودة أو ارتفاع الأسعار.
ولكن ما زال قرب المغرب من أوروبا ورقة رابحة بشرط أن يتمكن من الوصول إلى معدلات الإنتاج اللازمة للحصول على صفقات من شركات الملابس الأوروبية القادرة على الاختيار بين عدد وافر للغاية من المنتجين على مستوى العالم. ويصر الشريبي على أن يكون بين الناجحين.
ففي مصنعه تقوم آلات حياكة مزودة بأجهزة كمبيوتر بحياكة النسيج في وقت
قياسي. كما أن العاملات مدربات على أداء خمس مهام على الأقل، ما يجعل طرق الإنتاج أكثر مرونة ويساعد على عدم توقف الإنتاج بسبب مرض أي منهن.
ويضيف الشريبي: في يوم من الأيام كان لدي 12 فتاة يقمن بحياكة مئة جيب "تنورة" في الساعة، والآن لدي فتاة واحدة تحيك 200 جيب في الساعة.
ولكن الشريبي يقول إن صافي الأرباح من حجم المعاملات الذي يراوح بين 35 و54 مليون درهم (بين أربعة ملايين و5.2 مليون دولار) سنويا لا يتعدى ما بين 5 و7 في المائة في الوقت الحالي مقارنة بنحو 30 في المائة في الماضي في دلالة على حجم المنافسة في السوق.
وفي العام الماضي عانى المغرب من تراجع في صادرات المنسوجات بعد أن تم تقريبا إلغاء الحصص المخصصة للمنتجين الأفارقة التي كانت في واقع الأمر تمنع وصول المنتجات الآسيوية للسوق الأوروبية.
وأظهرت هذه الأزمة مدى اعتماد المغرب على أوروبا التي تستورد 92 في المائة من منسوجاتها وأثارت مخاوف على مستقبل القطاع الذي يمثل 40 في المائة من مبيعات المنتجات المصنعة إلى الخارج ويعمل به نحو 40 في المائة من القوة العاملة في مجال التصنيع.
ولكن في الأشهر الأخيرة بدأت الصادرات تنتعش مرة أخرى وتشير تصريحات بعض المنتجين إلى أن الطلبيات بدأت تزيد مجددا بعد أن أدرك العملاء في بريطانيا، إسبانيا، وفرنسا أن للمغرب ميزة كبيرة وهي قرب المسافة.
وتقول لمياء الإسماعيلي رئيس قسم المنسوجات والمنتجات الجلدية في وزارة الصناعة والتجارة "لا يمكن أن ترسل الصين الطلبات إلى أوروبا في الوقت المطلوب نظرا لبعدها الشديد وتكلفة الوقود كبيرة للغاية".
وزادت صادرات الملابس الجاهزة 12.3 في المائة والجوارب والملابس الداخلية 6. 9 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي ولكن النسبة ما زالت أقل 30 في المائة في الملابس الجاهزة و15 في المائة في الجوارب والملابس الداخلية مقارنة بعام 2004.
ويرى مراقبون في الصناعة أن قرب المغرب من أوروبا لا يعنى سوى أن بإمكانه الاستفادة من مواعيد التسليم التي أصبحت أكثر قصرا ولكن حتى يمكنه ذلك فعليه أن يكون متفوقا على أي منتج آخر.
وهناك مخاطر كبيرة نظرا لأن قطاع المنسوجات يمثل تسعة مليارات درهم أو 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في بلد يكافح البطالة والفقر.
ولتشجيع علامات تجارية كبرى مثل: ليفي ستراوس، ديزل، وزارا على جعل المغرب أحد قواعد الإمداد الرئيسية، تعرض الحكومة المشاركة في تمويل استثمارات جديدة وخفضت إلى حد كبير الرسوم المفروضة على واردات المواد الخام والإكسسوارات.
كما أن ميناء جديدا يفتتح في العام المقبل في طنجة سيوفر وسيلة أرخص لنقل المنتجات إلى أوروبا والولايات المتحدة، وستساعد منطقة مجاورة للتجارة الحرة في السماح للشركات باستيراد المواد وإعادة تصدير الملابس الجاهزة معفاة من الضرائب.
وفيما قد يبدو غريبا يقول محللون إن أكبر خطر يواجه تجارة المنسوجات في المغرب ربما يكون مفتاح النجاح لها في المستقبل. فربما تقيم شركات صينية قريبا مركزا لها في المغرب لتكون أقرب للعملاء الأوروبيين وتستفيد بسهولة من الحصص الأمريكية التي تمكن المغرب من الحصول عليها بموجب اتفاقية للتجارة الحرة.
ويرى مسؤولون أن هذا القطاع من الممكن أن يحقق صادرات قيمتها 40 مليار درهم خلال خمس سنوات مقابل 24.25 مليار عام 2004.
ولكن ما زالت هناك مشكلات تطارد هذه الصناعة مثل ظلها، إذ إن أغلب العاملين المغاربة في مجال المنسوجات يعملون بشكل غير مشروع ويحصلون على أجورهم نقدا من الشركات التي لا تحتفظ بأي سجلات لعدد ساعات العمل.

الأكثر قراءة