البنوك والبلقان والهيمنة على بورصة أثينا

البنوك والبلقان والهيمنة على بورصة أثينا

البنوك ومنطقة البلقان سوية يهيمنان على الأحداث في بورصة أثينا، فأرباح البنوك بقيت عالية دونما تغيير، في الوقت الذي بدأت فيه استثمارات الشركات اليونانية في جنوبي أوروبا الشرقية تعطي أكلها. وشرع هذا المناخ الإيجابي في جذب المزيد من المستثمرين الأجانب، وبشكل خاص رأس المال المساهم. هذا وقد بلغت حصة الأجانب في رسملة السوق نسبة قياسية قدرها 44 في المائة. وبعكس ذلك لا يكاد المستثمرون اليونانيون يستعيدون عافيتهم بعد أثر الخسائر التي تكبدوها في انهيار البورصة نهاية عام 1999، مكتفين بتغيير تركيبة حقائبهم الاستثمارية بين الحين والآخر.
وسجل المؤشر العام لبورصة أثينا رقمه القياسي لهذا العام عند 4300 نقطة، وذلك في الثامن أيار (مايو) الماضي، بينما راح يتأرجح بعد عملية تصحيح طفيفة، طوال هذا الصيف، بين 3600 و3700 نقطة. ولكن يتوقع مانوس هاتسيداكس، من مؤسسة بيجاسوس للوساطة الذائعة الصيت، عودة المؤشر مع نهاية العام الحالي إلى أربعة آلاف نقطة، حيث أن الأرقام الأساسية للاقتصاد اليوناني والشركات اليونانية لا تزال تشير إلى مستقبل واعد. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد هذه السنة والسنة المقبلة بنسبة 4 في المائة لكل منهما. وبالنسبة للشركات المدرجة أسهمها في البورصة فيتوقع هاتسيداكس أن تزداد أرباحها على المدى المتوسط بنسبة 15 إلى 16 في المائة سنويا. وستعكس السجلات المحاسبية في هذه الأثناء التوفير في التكاليف الناجم، على سبيل المثال، عن تقليص الاعتماد على النفط، وتخفيض التكاليف الإدارية.
حققت الشركات في النصف الأول من العام الحالي زيادة في أرباحها بنسبة 40 في المائة، وقد لعبت بعض العوامل الخاصة دورا في تحقيق ذلك مثل بيع بعض أقسام الشركات. وبالتالي فإن هاتسيداكس يحصر الزيادة في أرباح التشغيل في 12.5 في المائة، وهو ما يمثل نتيجة التشغيل قبل دفع الفوائد والضرائب وقبل خصم الاهتلاكات. وأيضا يتوقع هاتسيداكس زيادة في الأرباح الاسمية للشركات المدرجة أسهمها في البورصة للسنة باكملها بنسبة 20 في المائة. وبالنسبة لعلاقة السعر بالعائد والتي تبلغ 14، فيتوقع أن تصل في العام القادم إلى 12 في المائه نتيجة للزيادات المتوقعة في الأرباح.
والجدير بالذكر أن البنوك تحتل رأس قائمة الشركات الرابحة، حيث إنها واصلت تحقيق أرباح متزايدة بشكل ملحوظ طوال السنوات الثلاث الماضية، ففي الربع الأول ازدادت أرباح البنوك بنسبة 80 في المائة. ومن المتوقع أن تحقق البنوك وفقا للأرقام المتاحة، زيادة في الأرباح خلال الربع الثاني قدرها 78 في المائة. هذا وقد كان رد فعل البورصة إيجابيا إزاء سحب عرض بنك قبرص للاستحواذ على بنك إمبوريكي، المملوك من قبل الدولة، في العشرين من تموز (يوليو) الماضي، ويذكر أن هذا العرض هو أهم عروض الاستحواذ لعام 2006. وكانت نية بنك قبرص الاستحواذ على رابع أكبر البنوك اليونانية مقابل أسهم بشكل أساسي. بينما عرض بنك "كريديت أجريكول" الفرنسي (بنك الإقراض الزراعي) أن يدفع، بعد تحسين عرضه قليلا في الأسبوع الماضي 25 يورو للسهم الواحد، مما يعني رزمة تبلغ قيمتها 3.3 مليار يورو. وبطبيعة الحال فإن جزءا كبيرا من هذا المبلغ سوف يتدفق إلى البورصة، كما يقول هاتسيداكس، حيث إن بنك "كريديت أجريكول" الفرنسي لا يريد أن يشتري حصة الحكومة فقط التي تشكل 22 في المائة، وإنما يريد شراء جميع الأسهم.
أما القطاع المغري الآخر فهو قطاع الاتصالات. وقد قامت الحكومة بمزيد من الإجراءات لتحرير صناعة الاتصالات مما دفع الشركات إلى التنافس بينها على حصص السوق. وبشكل عام فإن شركات الاتصالات أصبحت حاليا موضع اهتمام المستثمرين خصوصا أن هذه الشركات قد غزت أسواقا جديدة بفضل خدماتها الجديدة. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الحكومة لا تزال تمتلك حتى الآن ما نسبته 38 في المائة من شركة "أو تي أي" التي كانت سابقا تحتكر سوق الاتصالات في اليونان. مع أن ثمة نية لدى الحكومة للتنازل عام 2007 عن جزء كبير من هذه الحصة لمستثمر استراتيجي. وتعتبر شركة "أو تي أي" مثيرة للاهتمام بشكل خاص بسبب الحصص التي تملكها في شركات بلدان جنوب شرق أوروبا وبسبب حصتها البالغة 66 في المائة في شركة " كوزموتي "، وهي الشركة الرائدة في مجال الهاتف الجوال. و يعتقد هاتسيداكس أن ثمة فرص واعدة للاستثمار في بعض المجالات التي قد يسهل إغفالها مثل تربية الأسماك، وهو النشاط الذي أثبت جدواه في الخارج.
ولا تزال البنوك تستثمر جزءا من أرباحها في البلدان الصاعدة المجاورة، حيث يلاحظ ارتفاع هوامش أسعار الفائدة، في الوقت الذي يلاحظ فيه تراجع هذه الهوامش في اليونان بسبب المنافسة الضارية. هذا وقد أحدث شراء "ناشيونال بانك"، وهو أكبر المؤسسات المالية في اليونان، في ربيع هذا العام، لنصف أسهم " فايننس بانك " التركي بـ 2.3 مليار يورو ضجة كبرى في البلاد. ومن المعروف أن الهدف من هذه الصفقة هو مشاركة " ناشيونال بانك" في توسيع سوق الإقراض التركي الذي ما زال في أولى مراحل التطور.
وبهذا يقول هاتسداكس، تصبح اليونان سوقا يتسم بالنمو. غير أن الشركات توجه استثماراتها حاليا نحو تركيا ودول البلقان، وهو ما يمثل فرصة ومجازفة في آن معا. ولكن نجاح هذه الشركات في الخارج قد تجسد حتى الآن في تحويلات مالية إلى الداخل، كما أن البورصة قد كافأت هذه الجهود خير الجزاء.

الأكثر قراءة