تشارلي ماكريفي يقود السوق الداخلية الأوروبية نحو الاندماج

تشارلي ماكريفي يقود السوق الداخلية الأوروبية نحو الاندماج

عندما تولى تشارلي ماكريفي مفوّض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية منصبه في خريف عام 2004 رفع شعار "الاندماج في السوق عندما لا يكون هناك ما يستدعي تجنب ذلك". ولا توجد معرفة واضحة بالسوق برغم كافة برامج توفير القدرة التنافسية، وعلى ما يبدو فإن ماكريفي يأخذ الشعار على محمل الجد. وعندما تهددت أوروبا قبل بضعة أشهر بالتراجع جرّاء الحماية الاقتصادية، تحدّث بوضوح عن أسواق مفتوحة. ولم يتردد في البدء بإجراءات تنتهك العقد ضد كل من فرنسا، إسبانيا، بولندا، وإيطاليا، التي حاولت عزل أسواقها في مجال الطاقة والمالية.
وقاوم ماكريفي المحاولة لإفشال التشريعات. وعلى ما يبدو أن قائمته لمبادئ التشريعات قصيرة، حيث يحاول بأساليب أخرى. وبالفعل هدد أخيراً القطاع المالي عن طريق أحد أنظمة الاتحاد الأوروبي في المسألة؛ بألا تعمل على خفض تكاليف الأسهم لتطوير عملية الشراء. ولكن هدفه الفعلي هو، تحريك القطاع ليصبح صاحب التزام ذاتي بواجباته. ولكن على الأسواق أن تقرر بنفسها شكل الطريق الذي من الممكن أن تتخذه لتحقيق المزيد من الشفافية والمنافسة.
ومن الممكن أن يحظى الإيرلندي بشهادة مؤقتة جيدة جداً، فيما يتعلّق بعدم تحفّظه على أي مشروع من الممكن أن يعمل على تقدّم افتتاح السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي. وفي النهاية لا توجد قواعد سيئة فقط، ولكن منطقية أيضاً. وهنا توارى ماكريفي بنفسه خلف شعار ثانٍ، والذي يشير إلى عدم المضي بالمشاريع إلا عندما تشير إلى جدواها. وفي المقارنة مع سلفه، فريتس بولكيشتاين، فإنه مستعد للمضي باعتقاداته ضد حركة الريح أيضاً.
وقد أسهم ماكريفي في فشل الانفتاح المتسع والمجهّز من قبل بولكيشتاين لسوق الخدمات الإنتاجية على المنافسة، حيث بقي صامتاً، عندما جادل الساسة والمجتمعات المهنية ضد المشروع مستخدمين حقائق خاطئة بعنف. وبدلاً من التأكيد على المنافع المباشرة على ألمانيا، في تصحيح الوضع القانوني، توارى في مكتبه.
وهذا ما يمكن أن يسميه المرء الذرائعية. ويمكن للبعض أن يشير إليها على أنها نقص في المصالح اللافتة. ونظر الإيرلندي إلى التحوّل نحو بروكسل على أنه تحوّل غير مرغوب فيه ولن ينتج عنه سوى القليل من الجدوى، حسبما جاء عن ناقديه، وبالأخص في برلمان الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الحكم يدوي كذلك مدى خيبة الأمل، حيث أن ماكريفي لا يملأ مكاتب النوّاب بالأفكار بصورة متواصلة. وعلى ما يبدو أن البرلمان لديه ما يقوله في شأن سياسة السوق الداخلية، ويغطي جزءا كبيرا من هذا الحديث عن طريق تفويضه.
يظهر تقدير ماكريفي بتجنّب النزاع أكثر صحةً، بينما حاول بولكيشتاين المواجهة. ويعلم ماكريفي، كونه وزيرا سابقا، بأن من الصعب اتخاذ موقف ضد دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وهو نفسه، كوزير، عمل على إعاقة قرارات متنازع عليها بصورة مطلقة.
وعلى ما يبدو أن ماكريفي يُتهم بأنه يعارض تجنّب المواجهة في أمرٍ واحد فقط، حيث إنه قرر على نحوٍ مغاير المضي بإجراءات انتهاك العقد ضد حركة الحماية الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي. فمن ناحية تُعد أغلب النزاعات لم تدخل دائرة الصراع بعد، ومن ناحية أخرى، فهو يعلم الوضع القانوني في مثل هذه الحالات الموجودة على ضفته. وببساطة يمكنه توجيه إجراءات انتهاك العقد بنفسه على نحوٍ ضئيل، إذا لم تلتف الدول المتأثرة من حوله. بدا ممكناً بالفعل أن المفوضية ستفوز في النزاع ضد الحماية الخاصة للبنوك الإيطالية، لأنه حتى في إيطاليا ارتفع حجم الضغط على مدير البنك المركزي الحالي انطونيو فازيو.
ويمكن القول إن محاولة ماكريفي مرحب بها، وهي تسعى إلى دفع المنافسة في الأسواق الداخلية قدر الإمكان دون تحديد الاتجاهات، وتُعتبر النجاحات في هذه السياسة حتى الآن محدودة جداً. وحاول مرتين تهديد البنوك والبورصات، التي تريد أن تسمح بالاتجاهات التشريعية، بتعريضها للضغط: بهدف تحفيز نطاق المدفوعات بصورة موحّدة، وتخفيض تكاليف التخليص. ولكن القطاع تجاهله. وبالفعل تسيء التهديدات الفارغة إلى المصداقية على مدار الزمن. ومن يزال يُصدّق مفوض السوق الداخلية، بأنه سيعمل على اتخاذ إجراءٍ ما، إذا ما استخفّ القطاع باقتراحه حول الالتزام الذاتي؟
وكذلك حتى صناديق الادخار لا تخشى من ماكريفي إلا قليلا. وفي نزاع محوري حول الحق الخاص للحملة الشرعيين- العامين لأسماء صناديق الادخار، لا ينوي هو الأخذ بها، لأنه لا يعتبر إطارها الشرعي واضحا على نحوٍ كاف. وعلى ما يبدو أن ماكريفي راض، إذا ما تمكّن أحد المستثمرين الخاصين من الاستفادة من بيع اسم أحد صناديق الادخار التابعة لصناديق الادخار في برلين، هذا حتى عقب أن طالبت المفوضية بهذه الأسماء في إطار إعادة هيكلة مجتمعات البنوك.
ولم تكن صناديق الادخار آمنة في عهد بولكيشتاين، حيث لم يعمل الهولندي (الكتوم) كما سمّاه المستشار، جيرهارد شرودر، في إحدى المرات، على ردع نفسه برغم كافة مقاومات الدول في المضي للمبادرات. ولكن لم يتخذ ماكريفي هذه الخُطى. وحتى نهاية فترة عمله الإدارية في عام 2009، لا يخطط للقيام بمشاريع كبرى. وبالفعل يريد فتح السوق في قطاع الصحة في الاتحاد الأوروبي، ويحاول إعادة إحياء براءات الاختراع التابعة للمجتمعات، وعلى أية حال، لا يمكن تطبيق أي منها إلا حين يصبح المناخ السياسي مواتياً. وبالتالي يمكن انطلاقاً من الشعار لفترة حكم ماكريفي، والذي يشير إلى الإمساك بالسوق بصورة أقل، فإن الشعارات سوف تصبح عدم القيام بأي شيء أصلاً.

الأكثر قراءة