بورصة المكسيك تواجه تقلبات ما بعد الانتخابات

بورصة المكسيك تواجه تقلبات ما بعد الانتخابات

حققت سوق الأسهم المكسيكية خلال الأسابيع الستة الماضية إنجازا يستحق الاهتمام فقد أفلحت في استعادة عافيتها بعد تدهور حاد، مما طرح بالضرورة سؤالا مفاده: ما إذا حان الوقت لإعادة النظر في الأطروحات التقليدية المتعلقة بحالات الهبوط في البورصات. ويكتسي هذا السؤال أهمية خاصة من خلال واقع البلاد الذي يتسم بالقلاقل والنزاعات التي اندلعت في أعقاب الإعلان عن النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات الرئاسية التي جرت في شهر تموز (يوليو) الماضي، حيث يجري الحديث في طول البلاد وعرضها عن خديعة انتخابية قسمت البلاد إلى قسمين.
ومع أن أحدا لا يستطيع أن يعرف كيف سينتهي هذا النزاع، فثمة إجماع في الرأي على أن أسواق المال المكسيكية استطاعت أن تحافظ على هدوئها حتى الآن. حيث لا وجود لقلق مقيم لدى المستثمرين الأجانب الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار الأوراق المالية وإلى إضعاف مستمر لعملة المكسيك (البيزو) وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة. وثمة من يقول إن الموقف القوي للأسواق المكسيكية هو أمر مثير للعجب في ضوء الأوضاع الهشة لغالبية البورصات الأخرى في العالم.
إن مؤشر آي بي سي في بورصة المكسيك سجل يوم 9 أيار (مايو) بالتزامن مع العديد من المؤشرات الأخرى من البلدان الصاعدة رقما قياسيا لم يسبق له أن سجله من قبل، وذلك ببلوغه مستوى 21923 نقطة. أما الهبوط العام الذي حدث بعد ذلك فقد أوصل المؤشر في 13 حزيران
(يونيو) إلى مستوى 15258 نقطة قبل أن يعاود الارتفاع مجددا إلى مستوى 19900. وإذا عدنا بالذاكرة 15 عاما للوراء فسرعان ما سنكتشف أن الأحداث الأخيرة ليست لها أية دلالة تذكر فسوق الأسهم المكسيكية كانت قد بدأت مرحلة الانتعاش التي ربما بلغت الآن نهايتها أو ربما هي مجرد وقفة لالتقاط الأنفاس، بنحو 400 نقطة فقط في بداية التسعينيات.
إن الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية في البلاد دفع صندوق النقد الدولي أخيرا لمطالبة المسؤولين في المكسيك بوضع حد لهذا النزاع بأسرع ما يمكن. كما أن بعض البنوك الاستثمارية، المعنية بما يدور في البلاد، عبرت عن رأيها بالقول إنه كلما تأخر حل هده المنازعات ازدادت احتمالات ظهور توترات في أسواق المال المكسيكية. وتخشى هذه البنوك من العواقب الاقتصادية المترتبة على ذلك والتي يمكن أن توقع ضررا بالغا بالدورة الاقتصادية الهشة نوعا ما.
إن ثمة في الأفق ما ينبئ بأوقات قادمة صعبة في المكسيك بالنسبة للدورة الاقتصادية، ويعتقد خبراء الاستثمار الاستراتيجيين بأن الوهن الذي أصاب الاقتصاد الأمريكي قد بدأ في إلقاء ظلاله على البلاد، وهم يتوقعون الآن من المحللين المحترفين أن يخفضوا من توقعاتهم لنتائج أعمال الشركات المكسيكية. كما تدور حاليا نقاشات حول ضرورة قيام البنك المركزي المكسيكي بتخفيض أسعار الفائدة من عدمها. ويرى البعض أن تدني نسبة التضخم في البلاد يسمح بسيادة أسعار فائدة منخفضة. ولكن ثمة وجهة نظر أخرى تقول إن على البنك المركزي ألا يحرك ساكنا على هذه الجبهة طالما بقيت نتائج الانتخابات موضع تنازع.
وتدور نقاشات، في ضوء الوضع المالي للدولة، حول مسار تطور أسعار المواد الخام الصناعية، فالمكسيك مصدر رئيسي للنحاس وبعض المعادن الأخرى وكذلك الفضة بغض النظر عن النفط الخام. إن المزيد من الخبراء يعتقدون أن الأسعار السائدة للمعادن مرتفعة أكثر مما ينبغي بسبب تدني نسبة نمو الاقتصاد العالمي. وهم لا يستبعدون حدوث أي تراجع في أسعار النفط، غير أن ثمة قلقا يسود الأوساط الرسمية في المكسيك منذ بضع سنوات من قلة استثمارات صناعة النفط الحكومية مما يمكن أن يؤدي إلى تراجع هذه الصناعة، ويجري توجيه اتهامات للسياسات الرسمية بأنها تسيء استخدام شركة ( بيميكس ) للنفط كبقرة حلوب للحصول على ما تحتاج إليه من أموال، ولهذا فإن المطلوب من الحكومة الجديدة أن تضع حدا لمثل هذه الممارسات وأن تدبر الاستثمارات الضرورية لتطوير هذه الصناعة.

الأكثر قراءة