من أجل إنقاذ سوق الأسهم السعودية

<p><a href="mailto:[email protected]">Abdalaziz3000@hotmail.com</a><br>

أنقذوا سوق الأسهم السعودية. دعوات أخذت تتكرر هنا وهناك بشكل كبير, وعند تحليل مضمون هذه الدعوات تجد أن المقصود بإنقاذ سوق الأسهم السعودية هو إعادة السوق إلى ما قبل شباط (فبراير) 2006, أي العمل على رفع المؤشر بمجموعة من الحلول الإسعافية إلى نحو 20 ألف نقطة لكي يستطيع المتعلقون فك تعليقتهم, ولكي يعود جميع أفراد المجتمع السعودي رجالا ونساء, موظفين وأصحاب أعمال, كبارا وصغارا, للمضاربة في سوق الأسهم لكي يربح الجميع على المدى القصير ويخسر المجتمع والوطن على المديين المتوسط والبعيد.
نعم أيها الإخوة هذا معنى إنقاذ سوق الأسهم لدى هؤلاء رغم مهنية بعضهم, وأنا وغيري كثير لا نتفق معهم على هذا المفهوم, لذلك تجدنا نسلك مسلكا مختلفا معهم في عملية الإنقاذ المنشودة, مما يبدد الجهود نتيجة لتضاربها بدلا من تكاملها, لذا فإنني أعتقد أنه علينا قبل أن نبذل الجهود لإنقاذ السوق أن نتفق على إجابة منطقية علمية لهذا السؤال المهم, ماذا يعني إنقاذ سوق الأسهم؟ من أجل أن نتعاون جميعا لإنقاذها.
ولكي نجيب عن هذا السؤال دعونا نستعرض بشكل سريع حركة المؤشر قبل التصحيح الحاد الذي تعرض له, فصعود المؤشر إلى أكثر من 12 ألف نقطة في عام 2005 جعل العديد من المحللين المحترفين يرفعون أيديهم استسلاما قائلين إن جميع وسائلنا التحليلية لا تنطبق على سوق الأسهم السعودية, وعليكم البحث عن محللين من نوع آخر وبقواعد تحليلية مختلفة, وهذا ما كان حيث انبرى للتحليل كل من هب ودب حتى رجل الشارع العادي الذي لا يفرق بين ورقة مالية وورقة نقدية وأخرى تجارية.
إذن سوق الأسهم السعودية خرجت من قواعد الاستثمار وتحولت إلى صالة قمار منذ أن غادر المؤشر الـ 12 ألف نقطة دون مبرر علمي مقنع, فما بالنا عندما وصلت إلى أكثر من 20 ألف نقطة, وكانت الطامة الكبرى, هبوط حاد مصحوب بآلام نفسية شديدة عندما خرج كبار المقامرين الذين اصطنعوا العرض والطلب بعد أن حققوا أرباحا خيالية على حساب الكثرة الطامعة في الربح الوفير بالجهد القليل.
وإذا سلمنا بمقولة المحللين الحقيقيين, فماذا يعني إنقاذ السوق السعودية إذن؟ هل الإنقاذ يعني إعادة المؤشر إلى الأرقام الفلكية غير المنطقية التي سجلها مرة أخرى وبأي طريقة كانت لنفك قيد المتعلقين ولنعيد الشعب السعودي مرة أخرى للمضاربة على حساب أعماله الأساسية, أم أن الإنقاذ يعني تحويل سوق الأسهم من سوق ناشئة إلى سوق ناضجة تحقق أهداف مجتمع الأعمال للوصول والاستفادة من السيولة المتاحة لتأسيس وتطوير الشركات أو زيادة وتنويع منتجاتها وخدماتها بما يسهم في تحقيق توجه الحكومة في إرساء دعائم نمو اقتصادي مستدام ومتنوع وزيادة مستويات التوظيف والسعودة في المملكة, إضافة إلى تحقيق رغبة أصحاب المدخرات في تنمية مدخراتهم.
في اعتقادي أننا ننقذ سوق الأسهم بتحويلها إلى سوق ناضجة لتحقيق أهداف مجتمع الأعمال وأصحاب المدخرات وخطط الدولة التنموية معا, وهذا لن يكون إلا إذا كانت سوقا استثمارية, بمعنى سوق يسود فيها الاستثمار على حساب المضاربة التي تشكل ملح السوق لا أساسها, ولكي تكون السوق استثمارية, يجب أن يكون العائد المالي السنوي على السهم منافسا للبدائل الاستثمارية الأخرى, بمعنى أن يكون مكرر أرباح الأسهم كأصول متداولة ضمن النطاقات المقبولة في قطاعاتها وبما يتماشى مع المكررات في الأسواق المجاورة والعالمية التي تشكل بديلا متاحا للمستثمر السعودي, خاصة بعد النهضة الاتصالية التي أصبحت متاحة للجميع.
وإذا اتفقنا على هذا المضمون لقضية إنقاذ سوق الأسهم, فإننا سنجد أن جهود الحكومة ممثلة في هيئة السوق المالية وغيرها من الأجهزة الحكومية والمخلصين من القائمين على الشركات المساهمة والمهتمين من المحللين والكتاب تسير في هذا الاتجاه, إذ بدأت تثمر ثمارها الطيبة حيث أصبحت بعض أسعار أسهم العوائد تتجه إلى المنطقية لتكون أسهما استثمارية ذات أرباح موزعه تقارب العائد على الودائع, كما بدأت السوق الأولية تنشط حيث تم إصدار وتغطية أسهم وسندات بقيمة 5.55 مليار ريال في الأيام القليلة الماضية مما يحول السيولة إلى مشاريع ذات قيمة مضافة ويعمق سوق الأسهم, كما بدأنا نلحظ تقلص المضاربين "مضاربو الغفلة " وعودتهم إلى أعمالهم وأنشطتهم السابقة .
إن من يعتقد أن على الحكومة دعم السوق عبر الإيعاز للمحافظ شبه الحكومية بالشراء أو بالدعم النفسي عبر إطلاق المحفزات التي لا تمس جوهر السوق المتمثل في زيادة أرباح الشركات حالم كبير، لأن أسواق المال العالمية أثبتت أنها تصحح نفسها بنفسها وأن أي تدخلات من الرسميين كانت ذات تاثير كارثي على الأسواق، ولن ينقذ السوق على المديين المتوسط والطويل إلا شركاتها وإنجازاتها ونمو أرباحها، أما غير ذلك فهي مجرد شكليات يتم استغلالها مضاربيا على المدى القصير جدا قبل الرجوع إلى المسار العادل للسوق.
وختاما أقول إن الإنقاذ الحقيقي لسوق الأسهم يتمثل في إيجاد الثقة المتبادلة بين المستثمرين "أصحاب الأعمال أو المدخرات", وهيئة السوق المالية كمنظم بما يحفزهم للاستثمار الحقيقي, الاستثمار ذي القيمة المضافة الذي يوسع وينوع قاعدة الاقتصاد الكلي ويولد الفرص الوظيفية ويرفع من مستوى معيشة الأفراد ويوفر منتجات وخدمات عالية الجودة وبأسعار مناسبة بما يرفع الناتج المحلي, وهذا لا يتم إلا بتغليب الاستثمار على المضاربة, وتغليب الاستثمار المؤسسي على حساب الاستثمار الفردي, وتطوير الأوراق المالية بما يفعل دورها في إكمال الدورات المالية, وتعميق السوق, وتفعيل دور المؤسسات المالية التي تقدم خدمات المشورة والوساطة والإدارة والحفظ والترتيب, وحماية المتعاملين من الهزات العنيفة, أما رفع المؤشر دون مبرر يستند إلى أداء الشركات المدرجة وأرباحها الموزعة فذاك والله دمار حقيقي لا إنقاذ كما يعتقد البعض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي