السوق السعودي أقل أسواق المنطقة نضجا وكفاءة

<a href="mailto:[email protected]">Fax4035314@hotmail.com</a>

منذ عدة أسابيع قابلت قريبا لي وهو كويتي الجنسية, ويسألني عن حال السوق السعودي وما مبررات ما يحدث في السوق من انهيار حاد, وقلبت الدنيا, يسألني عن مبررات ما يحدث وتفصيلها اعتقادا منه أن ما يحدث يحتاج إلى تحليل علمي أو منطقي أو أن لدي معلومات لما يحدث وتفسيرات, وقلت ليس لدي معلومات وتفسيرات لما يحدث من انهيار, ويكمل بسؤاله عما هي القرارات أو الإجراء الحكومي الذي تم اتخاذه, وقلت "رسميا" لم يحدث شيء أيضا, كل إجابة واجتهاد من قبلي كان يزيده سؤال وحيره, ثم توسع الحديث عن السوق الكويتي, وشرح لي بعض ما يحدث هناك, واقتنعت أن ما يحدث لدينا هو حالة فريدة, وذات خصوصية سعودية حتى في سوق الأسهم السعودية وليس غيرها من كل الجوانب والمعطيات بدون الخوض فيها.
آخر ما سمعت لأحد المحللين الكويتيين في التلفزيون قبل أيام, حين تحدث عن الانخفاض في السوق الكويتي مقارنة بدول الخليج, فرد المحلل الكويتي المحترف والمتمكن أن السوق الكويتي لا يقارن بالأسواق الخليجية من حيث الكفاءة والنضج, وأنا هنا أوافقه تماما, فعلاً, السوق الكويتي ذو التاريخ الطويل نسبيا, والإماراتي الأقل عمرا مما لدينا, والبحريني الأصغر, هي أكثر نضجا من سوقنا السعودي للأسف, برغم ضخامة السوق السعودي, كاقتصاد وطني كبير من حيث الناتج القومي والنمو, من حيث عدد الشركات ورؤوس أموالها وأرباحها ونموها, من حيث عدد المتداولين وضخامتهم بما يقارب سكان الخليج كاملا, للأسف أننا لا نجد سوقا توازي الاقتصاد السعودي من حيث النضج والكفاءة, سوق لا يخلق الأمان والثقة والاستثمار, سوق ليس مكتملا بأنظمته وتشريعاته, سوق مضاربة في معظمه وليس استثماريا, سوق لا توجد فيه بورصة معتبرة كأسواق العالم الأخرى أو حتى دول الخليج , سوق للأسف لا يوجد فيه من يقيم أسهمها فنجد من دبي "شعاع كابتل" أو من الكويت أو من قبرص من السعودية ؟! سوق لا يوجد فيه الكفاءة في إدارة الصناديق في البنوك فجميعها خاسرة الآن ما يزيد على 20 في المائة تقريبا فأين الاحتراف والتخصص, فأصبحت العملية جباية أموال من البنوك ونمو مع المؤشر, بنوك تتداخل في البيع والشراء والمضاربات, سوق تلغى فيه العمولات البنكية عن العملاء وتقدم للبنوك التي تربح المليارات، تناقضات لا أعرف حقيقة أي منهجية استراتيجية تتبع هنا.
نعم السوق السعودي للأسف أنه غير ناضج ولا يملك الكفاءة الكاملة لكي يمكن أن نطلق عليه سوق متوازن وذو أرضية صلبة يعتمد عليها, سوق ينتظر قرارات من أعلى المستويات بدون مبررات, باعتبار أن السوق يجب أن يدعم نفسه بنفسه من قوته الذاتية وليس بتدخل حكومي منتظر مع كل انخفاض, سلامة الأسواق وقوتها من دعمها لذاتها وليس بقرار خارجي مؤثر, ولأن السوق أصبح سوق مضاربات في مجمله, أصبح سوق المحترفين للمضاربة سوق أصبح لمحترفي "وول ستريت" وليس صالات الأسهم وأنظمة الإنترنت المتعطلة كل يوم وأوامر عملاء تعلق لأيام ولا ينفذ شيء ولا توجد أنظمة وقوانين تحمي هؤلاء المساكين حقيقة, حقيقة نعاني الخلل الكبير في السوق, من إدارة السوق, من البنوك, من الإعلام, من المحللين, من كل الأطراف حقيقة, أصبحت الصورة ضبابية وغير واضحة, وخسر هؤلاء الصغار للأسف حتى لفظهم السوق بكل قوة للخارج, وأصبح من المستحيل عودتهم, سوق اعتمد على تسهيلات البنوك وقروضها لتفخيخ السوق سعريا من خلال المضاربات, جملة من المعطيات والسلبيات الكبيرة في تقديري يعاني منها السوق السعودي, لكن هذا هو الواقع, الذي ذهب ضحيته للأسف سمعة الاقتصاد الوطني وخاصة الأسهم والشركات والأثر السلبي الذي حدث لكل العملية الاقتصادية, والآخر هذا المواطن الذي خسر كل شيء وخرج صفر اليدين إن لم يكن مدينا تطالبه البنوك أو غيرها من الممولين.
الحلول هي إيجاد الكفاءة والتشريعات والأنظمة والقوانين والرقابة والتفاعل والفاعلية من كل الأطراف سواء كانت هيئة سوق المال أو البنوك أو المتعاملين أو الإعلام, نحتاج إلى إعادة كل الحسابات لكي نعيد الثقة والقوة والصلابة للاقتصاد الوطني وسوق الأسهم السعودية, لن أسترسل في إيجاد الحلول باعتبارها تحتاج إلى إسهاب بلا حدود لكن هذه هي مبادئ ومفاتيح لكي نوجد سوقا جاذبة لا طاردا, يدعم الاقتصاد الوطني لا يضعفه, سوق يملك كل النضج والكفاءة, لكن كم من السنوات نحتاج؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي