ارتفاع أسعار النفط يدعم أرباح الشركات العالمية إلى مستويات فلكية
حقق قطاع الصناعة النفطية في الربع الماضي أرباحا خيالية، كانت أولى البشائر للشركة الأمريكية الأولى في العالم، أكسون موبيل حيث جلب ارتفاع أسعار البترول لها وللشركة البريطانية - الهولندية رويال داتش شل و كذلك الإسبانية ريبزول سرعة نمو هائلـة نسبيا، كما يتضح من التقارير الربعية .قبل ذلك كانت الشركتان البريطانية بريتيش بيتروليوم والأمريكية كونوكو فيليبس قد أعلنتا عن قفزات واسعة في مدى الأرباح المحققة.
أكسون موبيل وحدها حققت أرباحا بما يزيد عن عشرة مليارات دولار. هذا يعني أن الشركة الأمريكية والتي يقع مقرها الرئيسي في مدينة ارفنج في ولاية تكساس كانت تربح ما يزيد على 100 مليون دولار في اليوم الواحد. هذا الارتفاع انعكس في الوقت نفسه على أسعار أسهم الشركة، حيث سجل سعر السهم رقما قياسيا، حيث بلغ سعر السهم في التعامل نحو 67.20 دولار أي بزيادة نسبة مئوية واحدة. وبالتالي تمتلك اكسون موبيل حالياً سوقاً برأسمال يزيد على 400 مليار دولار. وتعتبر أكسون موبيل من حيث قيمة البورصة المسجلة أغلى شركة في العالم.
ويبدو أنه لا يوجد نهاية لهذا التصاعد في الأرباح على المدى القريب، حيث إن أسعار البترول مستمرة خلال الربع الثالث الجاري في الارتفاع. في منتصف تموز (يوليو) وصلت سعر النفط المتداول في نيويورك أعلى مستوياته بقيمة 78.40 دولار للبرميل الواحد وفي الوقت الحالي يتداول سعر البرميل الواحد بقيمة 74 دولارا.
الربح الصافي لشركة اكسون موبيل ارتفع خلال الربع الثاني بنسبة 36 في المائة ليصل إلى 10.4 مليار دولار، وبهذا بقيت الشركة تحت القيمة التي حققتها خلال الربع الرابع من عام 2005، حيث وصل الربح الصافي ما يقارب 10.7 مليار دولار. كما بلغت نتيجة السهم الواحد فوق القيمة الفعلية بقيمة ثمانية سنتات أمريكية، وبذلك فاقت في المعدل المتوسط توقعات المحللين. حجم التعامل ارتفع أيضا بنسبة 12 في المائة إلى 99 مليار دولار، ولكنه ظلّ أقل من توقعات السوق. ووفق ما أفادت به أكسون موبيل جنت الشركة أرباحا ليس فقط من ارتفاع أسعار البترول فحسب، بل أيضا من الهوامش المعدلة في قطاع أعمال مصافي البترول. الإشارة الإيجابية على ذلك كان الارتفاع في كميات الإنتاج بنسبة 6 في المائة مقارنة بالعام الماضي، حيث أعلنت أكسون موبيل عن تراجع في كميات الإنتاج وذلك لأن الإيرادات من حقول الغاز والبترول القديمة أخذت تتضاءل شيئا فشيئا. كما أعلنت أكسون موبيل عن نواياها في الاستثمار في المشاريع الداعمة خلال العام الحالي بقيمة 20 مليار دولار. وهذا يعادل زيادة بنسبة 13 في المائة عن المبلغ المستثمر خلال العام الماضي.
من جانب آخر حققت الشركة البريطانية الهولندية رويال داتش شل أرباحا قياسية خلال الربع الثاني. فبفضل ارتفاع أسعار البترول تحسنت قيمة الفائض خلال الربع الثاني بنسبة 40 في المائة إلى 7.3 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. الربح المتعارف عليه في قطاع البترول العائد من تكاليف إعادة المحصلات ارتفع خلال الوقت الحالي بنسبة 36 في المائة ليصل إلى 6.3 مليار دولار (أي ما يعادل 4.9 مليار يورو) وفاق بذلك توقعات مديري صناديق الدعم المالي في لندن. رئيس مجلس إدارة شركة شل الهولندي ييرون فان دير فير أفاد بأن الأرباح العالية عائدة أيضا بجانب ارتفاع أسعار النفط إلى تحسينات في الكفاءة.
لمجموع السنة الحالية اضطر فان دير فير إلى خفض إنتاج الشركة ، حيث ستبقى قيمة الإنتاج اليومية للشركة عند 3.4 مليون برميل بدلا من القيمة المستهدفة في الأصل وهي 3.6 مليون برميل. وبرر فان دير فيير ذا التعديل بتوقفات الإنتاج الحاصل في نيجيريـا. فهذا البلد الإفريقي يمر منذ سنوات طويلة بأزمات سياسية. ويذكر أن الشركة الهولندية البريطانية تشارك بنسبة 30 في المائة في أكبر شركة منتجة للبترول هناك.
الخسائر في الإنتاج تبلغ لدى رويال داتش شل ثقلا كبيرا. ففي عام 2004 أقرت الشركة بتقييمها الخاطئ جدا لاحتياطات الطاقة المتوافرة لديها على مستوى الشركة، ما أدى إلى تراجع الشركة خلف صفوف الشركات المنافسة بمسافة بعيدة. فبينما تمتلك أكسون موبيل في الوقت الحالي احتياط نفطي يزيد على 21.6 مليار برميل نفط وغاز، والشركة البريطانية نحو 17.9 مليار برميل لا تمتلك رويال داتش شل إلا 11.5 مليار برميل.
ولتغطية هذا النقص رفعت رويال داتش شل من استثماراتها بصورة كبيرة. ففي العام الماضي ارتفعت الموازنة المخصصة إلى 17.4 مليار دولار، وذلك بعد أن بلغت القيمة في عام 2004 نحو 15 مليار دولار. وحتى نهاية عام 2006 تخطط الشركة إلى استثمار 19 مليار دولار في التنقيب عن أبار بترول جديدة أو استنفاد الاحتياطيات الحالية لأبعد الحدود، وذلك قبل أن ترتفع القيمة من جديد في عام 2007 إلى 21 مليار دولار. و أكد فان دير فير خطة الاستثمار الحالية بالإشارة إلى أن شركته في مدة غير بعيدة لن تكون قادرة على الحصول على كميات من النفط والغاز أكثر من التي تبيعها في الوقت الحالي. حيث تبلغ النسبة بين الاحتياطيات المتجددة إلى كمية الإنتاج حاليا 67 في المائة فقط. ويتوقع مديرو صناديق الدعم المالي بأن القيمة المرجوة وهي 100 في المائة لا يمكن تحقيقها إلا بعد ثلاثة أعوام.
وأما بالنسبة للشركة الإسبانية ريبسول فقد استطاعت زيادة الربح الصافي لديها خلال الربع الثاني بنسبة 8.5 في المائة إلى 857 مليون يورو. وبهذا تجاوزت نتائج الشركة جميع التوقعات. في كفة الإنتاج كانت كميات الغاز والبترول المنتجة مخيبة للآمال، حيث تراجعت القيمة المنتجة بنسبة 7 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي. السبب الأول في هذا التراجع كان قلة الإنتاج في الأرجنتين حيث منيت ريبسول بخسائر لأسباب عديدة منها كانت الاضرابات. هذا ومنذ أن قامت الشركة في عام 1999 بشراء شركة البترول الأرجنتينية "واي بي اف YPF" التي تمتلك سلسلة محطات التعبئة الحكومية الإسبانية السابقة مركز ثقلها في استخراج وإنتاج البترول في قارة أمريكا اللاتينيـة. هذا التوجه المتمركز في منطقة واحدة أضر بـشركة ريبسول مرارا وتكرارا، وبالأخص بسبب الأزمات والعوائق السياسيـة في الأرجنتين وفنزويلا وبوليفيا.
في هذه الدول الثلاث اضطرت ريبسول إلى تصحيح قيم احتياطاتها النفطية وخفضها. فهكذا تكفي الاحتياطيات الحاليـة للشركة تقريبا تسع سنوات فقط - في العادة في قطاع البترول يجب أن تكفي الكمية ما بين 12 إلى 14 عامـا. وفي كل الأحوال تقدمت الشركة خلال العام الحالي كثيرا في خطاها في البحث عن آبار بترول جديدة في مناطق أخرى، من بين الخطوات الناجحة كانت الاكتشافات الجديدة في ليبيـا وشراء حقل بترول في خليج المكسيك أمام السواحل الأمريكيـة.