العدوان الإسرائيلي على لبنان يصيب السياحة في البلدين والمنطقة كلها في مقتل
مع تتابع الغارات الإسرائيلية على بيروت والهجمات الصاروخية عليها تتضاءل آمال دول منطقة الشرق الأوسط في انتعاش الحركة السياحية المرجوة في المنطقة. فعلى الرغم من أن العمليات القتالية المباشرة محصورة داخل حدود البلدين إلا أن كامل منطقة الشرق الأوسط واقعة تحت الضغط نفسه في معاناة الحرب ذاتها. وألغى الكثيرون ممن يريدون قضاء إجازاتهم السنوية في المنطقة حجوزاتهم قبل موعد السفر، بالإضافة إلى أن الكثير اضطر إلى قطع عطلته في المنطقة وغادر البلاد على الفور، وقد سجل قطاع السياحة خسائر جزئية عالية في الإيرادات.
مع تصاعد الموقف بين إسرائيل و لبنان لحق الضرر كبير بقطاع بدأ متفائلا خلال المعرض الدولي للسياحة الذي أقيم قبل أشهر في العاصمة الألمانية برلين، فبعد تداعي عدد السياح على إثر اندلاع الحرب في العراق في عام 2002، سجلّت دول الشرق الأوسط في العام الماضي اندفاعا سريعا متزايدا في عدد السياح. فحسب ما ورد عن الوكالة الاتحادية الألمانية للاقتصاد الخارجي زار لبنـان العام الماضي ما يقارب 900 ألف سائح فيما قضى نحو مليوني سائح إجازتهم في إسرائيل، كما بلغ عدد السائحين في الأردن 5.8 مليون وفي سورية 3.4 مليون سائح . وبالنسبة لكلا الطرفين المشاركين في الحرب الأخيرة التي تشهدها المنطقة العربية كانت هنالك توقعات ومخططات لتنشيط السياحة، ففي لبنان كان خبراء السياحة يتوقعون تزايد عدد السياح بنسبـة 20 في المائة، وبلوغ الزوار السائحين مليوني شخص خلال أربعـة أعوام. أما إسرائيل فقد وضعت خططاً سياحية كبيرة وأشارت إلى خطوط رحلات جوية جديدة من ألمانيا.
إضافـة إلى ذلك وضعت إسرائيل برنامجا تنمويا جديدا يسعى إلى قيام البنية التحتية للسياحة في إسرائيل على قاعدة جديدة. الهدف المنشود له هو مضاعفة عدد السائحين حتى عام 2011. لكن كل هذه الخطط والتوقعات لن يحالفها النجاح بتلك السرعة المتوقعة: فمن جهـة أصدرت وزارة الخارجية الألمانية تحذيرا رسميا من زيارة إسرائيل و منطقة الشرق الوسط كلها فقامت تبعا لذلك شركات السياحة والسفر أمثال (دير تور) و( شتوديوزيس ) بإلغاء جميع العروض المقدمة في برنامج السياحي لمنطقة الشرق الأوسط. ومن جهـة أخرى تتوارد المخاوف من أن الوضع الحالي قد يكون له تأثيرات طويلة المدى، حيث صرحت متحدثـة باسم شركة السياحة والسفر الألمانيـة (دير تور) بأن هناك ثمـة خطر من أن تصاعدا آخر للوضع اللبناني - الإسرائيلي قد يشّل الحركة السياحيـة بصورة تامـة.
على صعيد الشركات السياحية الألمانية، لم تتوقع دير تور أبدا من أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط قد يحتد إلى هذه الدرجة. فكما في إسرائيل كانت نوايا شركات السياحة أيضا معقودة في لبنان بإدراج كلا الدولتين في برامجها للسياحة العالمية، فقد قامت شركة السياحة (مايرز فيلت رايزن) و(دير تور) بوضع برامج لجولات سياحية في ربوع كلا البلدين سيتم تقديمها في كتيبات الأخيرة لعروض 2006، إلاّ أنّ التنفيذ والالتزام بهذه العروض أمر مشكوك فيه جدا في الوقت الحالي. ففي كتيب الرحلات السياحة خلال فصل الشتاء والذي يسري ابتداء من الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) اعتمدت شركة دير تور ولأول مرة تل أبيب من المدن العالمية كوجهة للرحلات السياحية. ومن باب تشجيع الخطط السياحية للشركات الأجنبية قامت إسرائيل بعمل دعاية ضخمة لجلب السائحين واشترت العديد من الرحلات الجوية المؤجرة.
وألغت العديد من الشركات السياحية الألمانيـة الرائدة في هذا القطاع رحلاتها إلى المنطقـة، من تلك الشركات شتوديوزيس ومقرها مدينة ميونخ ودير تور ومايرز فيلت رايزن حيث قامت تلك الشركات بإلغاء جميع الرحلات السياحية حتى 31 تشرين الأول (أكتوبر) إلى إسرائيل ولبنان. كما اعتذرت شركة السياحة والسفر دكتور تيجيس ومقرها مدينة كيل شمال ألمانيا عن جميع الرحلات الجوية حتى 30 أيلول (سبتمبر) إلى كل من سورية والأردن ولبنان، فيما ألغت الشركة الأم العملاقة توي كامل برنامجها السياحي في إسرائيل وذلك حتى نهاية تموز (يوليو) الحالي. في المقابل تقدم أغلبية الشركات لجميع زبائنها فرصاً لإلغاء حجوزاتهم أو تغيير وجهة السفر مجانا.
ووفق ما ورد عن متحدث باسم الشركة شتوديوزيس كانت إسرائيل حتى قبيل عدوانها الأخير وجهـة سياحية مربحة للشركة. ففي خريف العام الماضي تم وضع برامج سياحية جديدة لتلك المنطقة، حجز منها 300 زبون. وبغض النظر عن الرحلة اليومية لمدينة بعلبك السياحية في لبنان والتي تنظمها الشركة في برنامجها السياحي لسورية، لم تدرج شتوديوزيس في برنامجها أي عروض إلى لبنان وتبقى مصر تحتل قمة هرم الرحلات السياحية الاستكشافية، بينما اختفت تماما الأردن وسورية من قائمة الحجوزات. ويذكر أن في هاتين الدولتين تنطلق برامج الرحلات الاستكشافية التي لم يتم إلغاؤها لحد الآن ابتداء من 30 أيلول (سبتمبر) للعام الحالي.
أمـا على صعيد الرحلات البحرية فقد ألغت الشركات وجهاتها إلي ميناء العاصمة اللبنانية بيروت إلى أجل غير مسمى. فقد قامت شركة هانزا للرحلات البحرية في مدينة بريمن شمال غربي ألمانيا بإلغاء رحلتين لسفنهـا في ميناء بيروت من برنامجها لشهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وبدلا من ذلك تنوي الشركة التوقّف في ميناء أنتاليـا في تركيـا.