تزايد انتقادات رجال الأعمال والمجتمع الصناعي لسياسة ميركل الاقتصادية
رغم مرور أقل من عام على تولي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السلطة على رأس حكومة ائتلافية موسعة تضم الحزبين الكبيرين في ألمانيا وهما المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه والاشتراكي الديمقراطي المنافس الرئيسي للأول، فإن العلاقة بينها وبين مجتمع الصناعة والأعمال أصبحت سيئة للغاية.
ففي بداية حكم ميركل كان التفاؤل هو سيد الموقف بالنسبة لمجتمع المال والأعمال بشكل عام في ألمانيا، حيث انتظر الجميع مضي المستشارة ميركل قدما في طريق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى إخراج الاقتصاد الألماني من دائرة الركود أو النمو البطيء. ولكن تردد الحكومة الألمانية في إجراء أي إصلاحات جذرية أصاب مجتمع الأعمال والصناعة بخيبة أمل كبيرة، الأمر الذي أدى إلى تزايد الفجوة بين الجانبين.
ويمثل قرار نوربرت رويتجين أحد أقرب حلفاء ميركل بالتنحي عن منصبه الرفيع في اتحاد الصناعة الألماني، وهو المظلة التي تضم عشرات الآلاف من الشركات الصناعية الألمانية، مؤشرا قويا على الانقسام الحالي بين حكومة ميركل ومجتمع المال والأعمال.
وبصورة أكثر تحديدا فإن انسحاب رويتجين من اتحاد الصناعة الألماني يثير العديد من الأسئلة بشأن مستقبل رئيس الاتحاد يورجن تومان الذي كان من أقوى المدافعين عن تولي رويتجين المنصب الرفيع في كانون الثاني (يناير) الماضي مع الاحتفاظ بمقعده في البرلمان الألماني حتى موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2009.
ومع تزايد الانتقادات التي وجهت إلى تومان بسبب موقفه في قضية رويتجين اضطر الرجل إلى التحرك لقطع الطريق على التكهنات بشأن استقالته من رئاسة اتحاد الصناعة الألمانية.
وبعد قرار رويتجين التنحي عن منصبه في اتحاد الصناعة الألماني من أجل الاحتفاظ بمقعده في البرلمان ستتجه الأنظار إلى سياسي بارز آخر في الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تقوده ميركل وهو راينهارد جويهنر الذي يشغل مقعدا في البرلمان، وفي الوقت نفسه يتولى منصبا رفيعا في إحدى المؤسسات التي تمثل مصالح جهات معينة.
وكانت أصوات عديدة قد طالبت رويتجين باختيار أحد المنصبين حتى لا يظهر تعارض في المصالح بين وجوده في البرلمان الألماني وعمله في اتحاد الصناعة، وهو جماعة مصالح تدافع عن الشركات الصناعية الألمانية.
أما جويهنر فيشغل منصب المدير العام في اتحاد أصحاب العمل الألماني. وهو يصر على عدم وجود أي مبرر لكي يترك أيا من المنصبين ويقول إن وضعه الحالي يفترض أن يكون ميزة وليس عيبا، وأنه على أعضاء البرلمان في ألمانيا أن تكون لهم أعمال في دنيا الصناعة.
وأشعلت قضية رويتجين وجويهنر الدعوة مجددا إلى وضع "مدونة سلوك" للسياسيين الألمان بحيث يتم الاتفاق بشكل واضح على ما هو مسموح وما هو محظور بالنسبة لرجال السياسة في ألمانيا حتى يضمن المجتمع عدم تعارض المصالح عندما يكون لعضو البرلمان نشاط آخر.
وهذه ليست المرة الأولى التي يثور فيها الجدل بشأن عمل أعضاء البرلمان الألماني في أعمال أخرى. وبالطبع فالأزمة التي تمر بها العلاقة بين ميركل ومجتمع المال والأعمال لا تقتصر على هذه النقطة، إنما الأخطر هو سياساتها
الاقتصادية بشكل عام.
فهناك حالة قلق بشأن تداعيات تطبيق الزيادة الجديدة في ضريبة القيمة المضافة (المبيعات) على نمو الاقتصاد الألماني. فقد قررت الحكومة الألمانية زيادة ضريبة القيمة المضافة من 16 إلى 19 في المائة بدءا من أول كانون الثاني (يناير) المقبل، وهو ما يثير قلق المجتمع الاقتصادي في ألمانيا والمجتمع الألماني بشكل عام.