وضعنا وصفة لدعم الرعاية الصحية من خلال زيادة الجرعة التقنية

وضعنا وصفة لدعم الرعاية الصحية من خلال زيادة الجرعة التقنية

وضعنا  وصفة لدعم الرعاية الصحية من خلال زيادة الجرعة التقنية

كشف مارك بلات، مدير استراتيجيات الرعاية الصحية العالمية بالمجموعة الصحية الرقمية التابعة لشركة إنتل، عن سر تحول الشركة من مجال صناعة المعالجات إلى مجال الرعاية الصحية الرقمية. وأكد أهمية صناعة التكنولوجيا الحديثة في تطوير المجتمعات. ودعا "بلات" إلى ضرورة اتخاذ خطوات استباقية في مجال الرعاية الصحية الرقمية لمواجهة أزمة انتشار الأمراض المزمنة في الدول المتقدمة والنامية. وأشاد بالتقدم التكنولوجي الذي حققته مدينة الملك فهد الطبية في مجال الرعاية الصحية المتطورة. "الاقتصادية" التقت مارك بلات، وكان معه الحوار التالي:

أنشأت "إنتل" أخيرا اتحاد Continua لتوافق معدات الصحة الرقمية، ماذا عن ماهية هذا الاتحاد، والغرض من إنشائه، ومن مؤسسوه؟
تم الإعلان عن اتحاد "كونتنيوا" كاتحاد عام أخيرا. والمهمة الرئيسية لهذا التحالف هي البحث عن الوسائل والطرق اللازمة للمساعدة على تحسين الرعاية الصحية للمواطنين لأفراد داخل منازلهم، فإذا كان هناك مريض بمرض القلب، ولم يكن بوسعه الذهاب إلى الطبيب لعمل الفحوصات اللازمة، فيمكن فحص ضغط الدم والوزن ومتابعة حالة القلب لدى المريض في المنزل. ويمكن نقل تلك المعلومات إلى الطبيب عبر الإنترنت، والذي بدوره يقوم باتخاذ قرارات للمساعدة ومتابعة الحالة الصحية.
وما يحاول تحالف "كونتنيوا" فعله هو جلب صناعة التكنولوجيا الحديثة لتطوير المجتمعات. ومن ثم يصبح بمقدور الناس الحصول على الرعاية الصحية اللازمة دون عناء متابعة المستشفيات. والغرض من هذا الاتحاد هو زيادة التوافق بين أجهزة الرعاية الصحية الرقمية والبرامج.
وستكون كل الأجهزة التي تتبع مقاييس Continua متوافقة بعضها مع بعض وستحمل شعار "مستهلكين جُدُد"، وتأمل الشركة أن يؤدي استخدام مقاييس الصناعة الواضحة إلى اعتماد تكنولوجيات الصحة الرقمية.
ويعمل اتحاد Continua على تشجيع الشركات المصنعة للأجهزة الصحية الرقمية، مثل أجهزة إدارة الأمراض المزمنة، وأجهزة مراقبة كبار السن؛ بالإضافة إلى البضائع الاستهلاكية المتعلقة بالصحة واللياقة للانضمام إليه، ومن ثم العمل على دعم توافق أجهزتهم المتنوعة.
هذا يعني أن أي جهاز يقوم بقياس ضغط الدم ويتبع مقاييس Continua سيتمكن ـ على سبيل المثال ـ من نقل نتائجه إلى الطبيب عبر أي مساعد شخصي رقمي أو جهاز لاسلكي مزود بتكنولوجيا Continua. ومن هنا يستطيع الطبيب أن يستخدم معدات أو برامج معتمدة لتلقي معلومات حول حالة المريض.
وعلى جانب الرعاية الصحية للمستهلك، فإن هذه الخطوة تعني أن المدرِّب الشخصي سيتمتع بإمكانية وصول إلى كل المعلومات الخاصة بعملائه، بغض النظر عن أماكن وجودهم أو استخدام العميل أو المدرِّب لجهاز معين.
إن "إنتل" قد عملت على برنامج الصحة الرقمية منذ فترة. وهو برنامج ضخم للمساعدة على تمكين مساحة الرعاية الصحية الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، فإنه برنامج مهم للغاية بالنسبة للمجموعة الصحية الرقمية بالشركة.
أما بالنسبة لمؤسسي اتحاد Continua، فهم مجموعة متنوعة تضم عددا من الشركات الكبيرة (Cisco و GE Healthcare و Philips و Intel نفسها) والصغيرة (جمعية الطب الاتصالي بهارفارد Partners HealthCare ومجموعة Tunstall).
والغرض من اتحاد Continua لا يتمثل في إعادة اختراع مقاييس، بل استخدام المقاييس الموجودة بالفعل في إيجاد أجهزة متوافقة. وتشمل المقاييس المعتمدة التي سيتم أخذها في الحسبان كلا من تكنولوجيات البلوتوث، USB، WiFi.

لماذا التحول المفاجئ لشركة "إنتل" من مجال صناعة المعالجات إلى مجال الرعاية الصحية الرقمية؟
في الحقيقة "إنتل" مهتمة بالرعاية الصحية الرقمية منذ نحو سبع سنوات، وتم تعييني في "إنتل" منذ ست سنوات. وأنا طبيب عائلة أمارس الطب منذ سنوات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتحقت بشركة إنتل في عام 2000. ومن ثم، فإن التحول لم يكن مفاجئا، وما حدث هو أن "إنتل" قررت، منذ 18 شهرا، إعادة تنظيم جميع وحداتها التجارية وتحويلها إلى مجموعة منصات. وربما أفضل منصة معروفة طورتها شركة "إنتل" كانت طرح تقنية "سنترينو Centrino" في عام 2003.
نجحنا في إدراك أن عملاءنا ليسوا بحاجة إلى رقائق فحسب، بل في حاجة إلى خبرة وإلى منصات. إنهم بحاجة إلى أشياء ذات مغزى وأهمية بالنسبة لهم، ومن ثم قمنا بإعادة تنظيم شركتنا برمتها إلى منصات. والمجموعات الخمس التي تم تشكيلها هي: المكتب الرقمي، الشركة الرقمية، المنزل الرقمي، قنوات تطوير الاقتصاديات الناشئة، والمجموعة الخامسة هي الرعاية الرقمية.
وتعطي الشركة الرعاية الصحية اهتماما جادا كمنصة أساسية في المستقبل. وقد أدركت إنتل منذ عدة سنوات عدم قناعتها بالاقتصار على صناعة المعالجات السريعة. ووجدنا أننا نحتاج إلى مساعدة المستهلكين في قطاع الصحة الإلكترونية عن طريق إنشاء وتطوير نماذج أو طرق جديدة لاستخدام الكمبيوتر لحل المشاكل التي تواجه عمله. وإذا كنا نستطيع المساعدة على علاج بعض المسائل الأساسية التي تقض مضجعك ليلا عن طريق الاستخدام الأفضل لتكنولوجيا المعلومات، فإننا بذلك نستطيع تنمية صناعتنا بشكل أسرع أيضا.
لقد وجدت "إنتل" أن هناك حاجة إلى إحداث نقلة في مجال الرعاية الصحية، من تزويد الرعاية الوجيزة acute care إلى إدارة الحالات طويلة الأجل، ويعود ذلك، في جزء منه، إلى تقدم الشعوب في السن سريعا، والجزء الآخر إلى الأمراض المزمنة التي تنتشر في كل من الدول المتقدمة والنامية. ومن ثم كان من الواجب أن نتخذ خطوة استباقية لمواجهة هذه المشاكل.

إلى أي مدى يمكن أن يسهم توافق الأجهزة والمقاييس والأنظمة البيئية في تسريع التحول المرجو في مجال الرعاية الصحية؟
لن يكون التحول في الرعاية الصحية ممكنا من دون تحقيق توافق الأجهزة المدعَّمة بمقاييس. وقد بين قطاع التكنولوجيا، بشكل متكرر، أن جميع اللاعبين يستفيدون من المقاييس عن طريق تحفيز الابتكار وتوجيه الصناعة بأكملها نحو إنتاج أكبر وبتكلفة أقل. وتستطيع "انتل" بخبرتها في مجال المقاييس والسياسات أن تساعد على تسريع التحول المرجو في مجال الرعاية الصحية عبر منهج يعمل على تطوير أكبر لعملية توافق أجهزة الرعاية الصحية، وتزويد وسائل أساسية مشتركة لتحسين الاتصال بين الناس والمعلومات، وتمكين أدوات مثل السجلات الصحية الشخصية، ومنصات الصحة الشخصية، والسجلات الصحية الإلكترونية. وتهدف الشركة إلى تطوير منصات موحدة المقاييس تشجع الشركاء على تطوير حلول ومنتجات حديثة متوافقة.
لا ريب أن الأجهزة البيئية هي أفضل ما نقوم به، وإن توافق الأجهزة والبرامج هو القوة الكبرى لتحسين الرعاية الصحية وكفاءتها.

ماذا عن الخطط والاستراتيجيات التي تسعى "انتل" لتحقيقها في مجال الرعاية الصحية؟
تتمثل خطة واستراتيجية "انتل"، في التركيز على تحسين الرعاية الوجيزة في المؤسسات، وتطوير تكنولوجيات الصحة الشخصية، وتسريع التقدم في مشروعات أبحاث الطب الحيوي، وتطوير مقاييس وسياسات من شأنها أن تدعم الابتكار وتوافق الأجهزة عبر النظام البيئي للرعاية الصحية. وبوسع الشركة، عن طريق كل هذه الجهود مجتمعة، أن تساعد مجموعة واسعة من اللاعبين المعنيين على تحسين الاتصال بين الناس والمعلومات بطرق تساعد على تقدم سبل الوقاية، والتعرف المبكر على الأمراض، ونجاح العلاج، ودعم جلساء المرضى، والعيش المستقل.

تعمل "انتل" على تطوير حلول ومنتجات صحية شخصية، ماذا عن أبرز هذه الحلول والمنتجات، ومدى أهميتها في علاج الأفراد؟
طورت "انتل" حاليا نماذج أولية لاستخدامها في مجال الرعاية الصحية، إن إحدى المشاكل التي تواجهها الرعاية الصحية هي نقل العدوى من طبيب إلى آخر. فدوما ما نقول للأطباء "اغسلوا أيديكم". حتى الكمبيوترات ولوحات المفاتيح غالبا ما تحمل جراثيم. وعندما يلمسها الأطباء ينقلون الجراثيم من مريض إلى آخر. ومن ثم هذا القرص يكون مختوما ومغلفا، ويمكن غسله وحمايته من الجراثيم. وهذا القرص مزود بـ "بار كود" يمكن من خلاله التأكد من أن الشخص الذي يعطى له الدواء هو الشخص المطلوب، ويكون هناك "بار كود" موضوع على الرسغ وآخر موضوع على الدواء مطابق للأمر الموجود بالكمبيوتر، وإذا أعطى الكمبيوتر أمرا بالموافقة، فعندئذ يمكنني أن أعطي الدواء للمريض. وهناك أيضا كاميرا يمكن من خلالها التقاط صور للمريض. فإذا كان به جرح غائر أو عدوى، يمكن التقاط صور وإرسالها إلى الطبيب المختص، الذي يقوم بدوره بتقديم المساعدة وتوضيح ما يجب عليّ فعله. وكل هذه التقنيات متضمنة في قرص واحد. وهذه هي أول منصة طرحتها "إنتل" في الأسواق.
كما تقوم "إنتل" بتطوير حلول صحية شخصية لمساعدة الناس على مراقبة وتحسين صحتهم وحياتهم، وتقديم العون لمؤسسات الرعاية الصحية للحصول على رعاية راقية وأكثر فعالية. ومن المجالات الأساسية للشركة التركيز على حلول الكمبيوتر الشخصي لإدارة الصحة الشخصية. إن الكمبيوتر الشخصي الذي يستخدم نماذج للصحة لديه القدرة على جلب معلومات من أحدث الأجهزة الصحية والموارد الفورية لتحقيق أقصى استفادة لصالح التدريب البدني للمستهلكين، وإدارة وزنهم، ومراقبة حالتهم الصحية المزمنة.
كما تعمل "إنتل" على إنتاج أو المساهمة في تصنيع شبكات أجهزة استشعار، وسماعات طبية مزودة بتكنولوجيا البلوتوث تسمح لمرضى الزهايمر بالعيش لفترة أطول؛ بالإضافة إلى نظام "واي ماكس" يسمح للمستشفيات والمعامل بالمشاركة في المعلومات لاسلكيا من مسافات يبلغ طولها 30 ميلاً.
كما أنه عن طريق ربط جهاز ضغط الدم والترمومترات وقارئ النبض يمكنك أن تسجل معلومات فورية في السجل الطبي للمريض.
إن مريض شلل الرعاش ربما لا يرى الطبيب إلا كل بضعة أشهر لأقل من نصف ساعة، ولهذا قام فريق "إنتل" بتصميم جهاز يمكنه تجميع معلومات يومية عن الكلام، والرعشة، والحركة التي تصدر عن المريض.
فهناك ساعة لإرسال المعلومات الخاصة برعشة المريض، ولوحة خاصة يمكن استخدامها لقياس مدى التناسق والتوافق العضلي. ومن الممكن استخدام مثل هذه المعلومات حتى يتمكن مرضى الشلل الرعاش من تناول الأدوية فقط عند الضرورة، ما يعمل على تقليل آثارها الجانبية الضارة.
ويعمل باحثو "انتل" على تطوير شبكات أجهزة الاستشعار التي تستخدم علامات تعريف ترددات الراديو RFID للمساعدة في مراقبة الأنشطة اليومية لكبار السن. وبمقدور تلك الشبكات، عن طريق جمع البيانات من الأدوات المنزلية المزودة بعلامات RFID، بما فيها أكواب الشرب، أن تتعقب حركات المريض في أرجاء المنزل، وبالتالي تستنتج إن كان قادرا على أداء الأنشطة اليومية، أو تتعقب إن كان المريض قد تناول علاجه في الوقت المحدد.
كما تجري الشركة أيضا أبحاثا على علبة حبوب دوائية مبرمجة يمكنها التواصل عندما تناول المريض الدواء.
كما قام باحثو الشركة، في مشروع آخر مرتبط بالرعاية الصحية، بتصميم نظام مراقبة أطفال عالي التقنية، يمكنه أن يساعد الآباء على تعقب الحالة الصحية لأطفالهم تلقائيا.
كما أن جهاز اختبار مرض الشلل الرعاش يضم معدات كانت "إنتل" قد قامت بتصنيعها خصيصا من أجل أجهزة المساعد الشخصي الرقمي PDAs. ومن الممكن تعديل هذا الجهاز لقياس المهارات الحركية بغرض تعقّب شفاء ضحايا السكتة الدماغية.
ومن ضمن الأجهزة الطبية الشبكية، توجد أجهزة قياس ضغط الدم والترمومترات وأجهزة قراءة الضغط التي يمكنها أن تسجّل لنا معلومات فورية حول السجل المرضي للمريض.

ماذا عن أسباب زيارتكم للمملكة العربية السعودية؟
بالنسبة لي، أعتقد أن السبب الرئيسي لوجودي في السعودية هو التعلم. وزيارة المستشفيات والالتقاء بالمسؤولين ومعرفة احتياجاتهم التي يمكننا أن نقدمها لهم. لا ندعي أنا لدينا جميع الحلول، ولا ندعي أننا خبراء، فمجال الرعاية الصحية كبير ومليء بالخبراء. هدفي هو الاستماع والتعلم. وفيما يتعلق بالمؤتمر الخاص بالرعاية الصحية الذي عقد في المملكة، فهدفي محاولة شرح ما أعرفه في مجال الرعاية الصحية، وتناول المعايير وأفضل الطرق المعروفة لتنفيذ تقنية الرعاية الصحية الموجودة حول العالم. ومن ثم، يأتي قدومي لحضور هذا المؤتمر للتعليم، والاستماع والتعلم من خبرائكم لمعرفة ما يمكننا أن نسهم به في مجال الرعاية الصحية.

هل قمت بزيارة المستشفيات السعودية ؟ وما انطباعاتك حول اعتماد استخدام التكنولوجيا بها؟
قمت بزيارة لمدينة الملك فهد الطبية، وهو مركز حديث ومتطور للغاية، ويوجد به بنية تحتية رائعة، ولا يقل من ناحية التطور التكنولوجي عن أي مركز عالمي قمت بزيارته طوال حياتي. ومركز الملك فهد الطبي يدرك أهمية وإمكانية استخدام تقنية المعلومات والاتصالات. والقائمون على المركز لديهم رؤية ثاقبة حول ما يريدون فعله وتحقيقه في مجال الرعاية الصحية المتطورة. فهم لديهم أشعة إكس رقمية. وبدأوا بتعبئة سجلاتهم الطبية الإلكترونية. ولديهم أنظمة متطورة وكمبيوترات في العديد من الأماكن للأطباء يمكن من خلالها الوصول إلى المعلومات. ونحاول أن نسهم معهم في فهم تقنيات مثل RFID وأنظمة الاتصالات الخاصة بتقنية الاتصال الصوتي عبر الإنترنت في المستشفيات. إنها مستشفى حديثة ومتطورة للغاية وأناس أذكياء جدا.

إلى أي مدى يمكن أن تسهم الرعاية الصحية الرقمية في القضاء على جراحات الموضع الخطأ، أو الأخطاء الطبية بوجه عام؟
هذا السؤال جيد، وهو أحد المجالات التي نسعى لتحقيقها. أعتقد أن تكنولوجيا RFID التي تحدثنا عنها هي أحد التقنيات التي بإمكانها المساهمة في القضاء على مثل هذا الأخطاء الطبية.
يمكن وضع ملصق حول الشخص يوضح ماهيته، ولماذا هو موجود بالمستشفى، ويوضح مثلا أن الشخص المُصاب يحتاج إلى جراحة في الركبة اليسرى وليس اليمنى. وعندما يأتي المريض إلى المستشفى تكون هناك معلومات كافية تحول دون إجراء جراحات خاطئة. وعندما يتم إدخال المريض غرفة ما تكون هناك معلومات حول هذا المريض وسبب وجوده، وما يعاني، وتكون جميع هذه المعلومات متاحة على شاشة أمام الطبيب.
ويمكن أيضا وضع علامة على ركبة المريض تحدد موضع الجراحة. وتكون هذه المعلومات متوافرة دوما وسهل الوصل إليها في أي مكان بالمستشفى، الأمر الذي يمكن من خلاله التقليل من العمليات الجراحية الخاطئة بشكل كبير.

ثمة مخاوف حول الوصفات الطبية عن بُعد وعدم فاعليتها، كما كشفت دراسة نشرتها "Journal of American Medical Association" أخيرا أن الأجهزة التي تستخدم تكنولوجيا الكمبيوتر وتعمل على تقليل الأخطاء في وصف العلاج تزيد المخاطر الأخرى، فالعلاج، على الأخص، يمكن طلبه للمريض الخطأ، أو يُرسَل إلى المكان الخطأ، أو يتأخر لما يزيد على 24 ساعة، ما تعليقكم على ذلك؟
التقنية التي أتحدث عنها هي تقنية وجه لوجه وليست بالضرورة تكنولوجيا عن بُعد. وهذه التقنية يمكن أن يستخدمها الطبيب أو الممرضة داخل المستشفى. ويمكن أن تدخل هذه التقنيات في مجال الطب عن بُعد. ولكن ليس هذا هو الغرض الرئيسي منها، فالغرض الرئيسي هو استخدمها في المستشفيات لتساعد على تحسين نوعية الرعاية الصحية.
وأظهرت دراسات على مدار عشرين عاما أن الطب عن بُعد وإبقاء الأفراد داخل منازلهم يفي بالغرض.
وخلال هذه العملية، يتم طرح مجموعة من الأسئلة على المريض من قبيل: هل أنت اليوم أحسن حالا أم لا؟ وأنت تجيب بالضغط على زر نعم أم لا، هل أخذت دواءك اليوم؟، فتضغط بنعم أو لا. هل يمكنك أن تخبرني بوزنك؟ فتقوم بكتابة وزنك، هل وزنك يقل أم يزيد؟ هل تأكل جيدا؟ هل تنام جيدا؟ ثم يقوم الطرف المقابل بإعطاء بعض النصائح والتوصيات حول ما يجب عليك فعله. وكل هذه الأسئلة تكون بلغات مختلفة. فإذا كان هناك شخص يعاني هبوطا في القلب، أو أحد أمراض الرئة، فيمكن تقديم النصائح والإرشادات اللازمة لتحسين حالته الصحية، حيث يوجد في الولايات المتحدة العديد من الجنسيات واللغات.
على سبيل المثال، هناك بعض المرضى يعانون أمراضا عقلية أو انفصاما في الشخصية، أو الأمراض العقلية، والشيء المهم بالنسبة للذين يعانون الأمراض العقلية هو أن يأخذوا دواءهم، فإذا لم يتناولوا الدواء فسيزيد المرض لديهم، وبالتالي يذهبون إلى المستشفى، وإذا أخذوا الدواء فسيظلون في بيوتهم. وباستخدام تلك الأدوات على مدار 18 شهرا وصلت نسبة الرعاية الصحية 90 في المائة، مقارنة بنسبة 40 في المائة دون استخدام تلك الأدوات. ونتيجة لذلك، قل عدد مرضى الانفصام الشخصي داخل المستشفيات على مدار عام بنسبة 90 في المائة.
إن الطب عن بُعد سليم وفعال وآمن وثمة تاريخ طويل وراء هذه النوع من الطب.

رغم تخصيص الولايات المتحدة مبالغ كبيرة في مجال العناية بالصحة لكل فرد، إلا أنها لم تنجح في استخدام الوسائل المعلوماتية والتكنولوجية الحديثة في مجال الحفاظ على الصحة، وهذا ما أكدته مجلة "Health Affairs" في عددها الصادر عن شهر مايو/يونيو، وتناولت دراسة جاء فيها أن الولايات المتحدة تأتي في مرتبة متأخرة جداً بين الدول الأخرى من حيث تبني التمويل اللازم لاستخدام التقنيات الحديثة في مجال الصحة، وبينما لا تتعدى مخصصات الحكومة الأمريكية في مجال استخدام التقنيات التكنولوجية في مجال الصحة أكثر من مليار دولار، نجد أن الإدارة الوطنية لتقديم الخدمات الصحية ببريطانيا أنفقت أكثر من 5.11 مليار دولار في خطتها الموضوعة لتحسين استخدام وسائل التقنيات التكنولوجية في مجال الصحة في بلد يبلغ تعداد سكانه زهاء 60 مليون نسمة. ما تعليقكم على ذلك؟
من وجهة النظر التجارية، أنا لا أخالف ما جاء في الموضوع المنشور الذي تحدثت عنه. ولو بوسعي أن ألخص ما جاء في الدراسة التي مفادها أن الدول الأخرى تنفق على تقنية المعلومات في مجال الرعاية الصحية أكثر من الولايات المتحدة، وتتقدم الولايات المتحدة في هذا المجال بطرق معينة. أعتقد أنني لا أخالف هذا الرأي، وسبق أن تحدثنا عن هذا الموضوع داخل أمريكا، والعديد من المديرين التنفيذيين في "إنتل" أجروا عددا من المقابلات الصحافية في هذا الشأن. نعلم أن هذه مشكلة في الولايات المتحدة، ونعمل على تشجيع الناس داخل البلاد على الاعتراف بأنه بالفعل توجد مشكلة في الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، وأنه من الواجب وضع سياسات تعمل على حل تلك المشكلة.
وأود أن أقول إن الولايات المتحدة تنفق بسخاء على مجال تقنية معلومات الرعاية الصحية، فهي تنفق ما نسبته 40 في المائة من إنفاق العالم برمته على تقنية معلومات الرعاية الصحية، ولكن هذا يعني أيضا أن هناك 60 في المائة متبقية لدى باقي دول العالم. وكما أشرت في سؤالك، فإن دول مثل بريطانيا لديها التزام كبير نحو تحديث البنية التحتية الخاصة بها. لا ريب أنه أكبر التزام موجود لدى دولة في العالم.
وربما يرجع سبب المشكلة إلى أن "الحوافز المالية" في الولايات المتحدة ليست كافية للتحفيز. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة دولة كبيرة، إلا أنها لم تحقق ما حققته بعض الدول المهتمة بالرعاية الصحية الرقمية. يوجد أيضا في بريطانيا مركز قومي للصحة، وفي أمريكا لا يوجد لدينا مثل هذا المركز. لكن هذا لا يمنع أن الولايات المتحدة بها عدد من المؤسسات تنفق بسخاء على مجال الرعاية الصحية ولديها بنية تحتية حديثة ومتطورة للعناية بأفرادها.

كيف تستشرفون مستقبل سوق تكنولوجيا معلومات الرعاية الصحية؟
أعتقد أن المستقبل سيكون زاهرا جدا، وأعتقد أننا سنشهد استمرارية في عمليات الأتمتة والتحديث في المستشفيات، وسنرى كيف أن عملية الأتمتة ستساعد على تحسين جودة مستوى الرعاية الصحية. سنرى مزيدا من المعرفة ودعم القرارات، وهذا هو أفضل ما نسعى إلى تحقيقه، وهو الأمل المنشود. والآن ما نقوم به هو تزويد الأطباء بالمعلومات، وعندما يكون هناك تراكم للمعلومات في سجل، يمكننا عندئذ ألا نقول إن هذه مجرد اختبار في المعمل، ولكن نقول هذا اختبار بالمعمل، وهذه أشعة إكس وهذا المريض، وهذا السجل الجينومي، وهذا سجل شخصي للجينات، والجينات تقول إن هذا الدواء يعالج كذا، ويتسبب في حدوث كذا بالنسبة لشخص آخر. وأعتقد مع تكنولوجيا المعلومات يمكننا أن نأخذ هذه المعلومات ونحولها إلى معرفة. وتلك هي النتيجة الأساسية التي نسعى إليها. وباستخدام المعرفة ودعم القرار يمكننا أن نجعل الرعاية الصحية أكثر أمانا، وأكثر فاعلية، وأكثر خصوصية.

الأكثر قراءة