نمو قياسي للنشاطات التجارية والتوظيف في ألمانيا خلال كأس العالم

نمو قياسي للنشاطات التجارية والتوظيف في ألمانيا خلال كأس العالم

يمكن القول إن كافة المؤشرات الاقتصادية تقريباً في منطقة اليورو قد تطوّرت على نحوٍ إيجابي خلال الأسابيع القليلة الماضية. ولكن على ما يبدو أيضاً أن عدد المتغيرات قليل، حيث يظهر الوضع الاقتصادي بأنه قد مضى عبر ممر ثابت من النمو، والذي من الممكن أن يستمر طوال فصل الصيف. في المقابل، تشير المؤشرات المبكرة، منها مؤشرات بنك "دي تست" – DZ، والتي بالكاد ارتفعت شيئاً طفيفاً أخيرا، إلى نحوٍ مختلف، وبناءً عليها لن يتسارع النمو بنسب ذات قيم أعلى. وإضافة إلى هذا، تتبادر الشكوك فيما إذا تطوّر الازدهار على نحوٍ مستقل، فهل سيتمكن من البزوغ عن طريق التدفّق في ساحة الاقتصاد العالمي. وتشير بيانات النمو الاقتصادي من الربع الأول إلى أسس التفاؤل الاقتصادي، تلك البيانات التي تشير إلى تسارع ملحوظ عقب الانهيار المؤقت مع نهاية عام 2005. فقد تطوّر الاستهلاك الخاص خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام على نحوٍ إيجابي، ونما نحو 0.6 في المائة. وهذا ما يدعو لتوقع انتعاش واضح في الاقتصاد الداخلي، وإضافة إلى هذا، فقد انخفض معدل البطالة العمالية حتى أيار (مايو) إلى 7.9 في المائة. ويرتكز النمو في الحجم العمالي في ألمانيا بصورة أساسية على القطاعات الهامشية التابعة لسوق العمل، وكذلك على المشاريع الحكومية في فرنسا، الشيء الذي يضع التطوّر تحت أضواء ساطعة على نحوٍ أفضل. وارتفع حجم استثمارات المنشآت الإجمالية في منطقة اليورو عقب مراجعة وتدقيق المعطيات يوم الأربعاء نحو 0.9 في المائة، بدلاً من النسبة المُعلن عنها سابقاً، وهي 0.3 في المائة. وبالتالي تعزز تلك وتؤكّد على قوة الاقتصاد الداخلي، ولاسيّما أن فصل الشتاء الطويل أعاق اقتصاد البناء على نحوٍ ملحوظ . ويتوقّع الخبراء الاقتصاديون نقلة في الاستثمارات الإنشائية في الربع الثاني. وكذلك يتحدث الحجم الإنتاجي المتزايد من السعات في المهن التشغيلية عن المزيد من الاستثمارات؛ وبلغ في الربع الثاني، بناء على الدراسات بنحو 82.4 في المائة أعلى من النسبة طويلة المدى البالغة 82 في المائة. وتدعم الدراسة الأخيرة للمفوضية الأوروبية الصورة الإيجابية. وترفع الشركات من الخطط الاستثمارية لهذا العام الجاري، وتتوقّع زيادة فعلية بنحو 7 في المائة، إلى جانب اختلافات كبيرة ما بين دول اليورو الكبرى. وتريد الشركات الألمانية الاستثمار بقوة أكبر، بينما تظهر الاستعداد لهذا من قبل الشركات في فرنسا، واسبانيا أقل بوضوح. كما تخطط الشركات الإيطالية إلى القيام باستثمارات أقل من العام الماضي. والمعلومات المعروضة حتى الآن عن الاقتصاد في الربع الثاني تشير إلى نمو قوي في منطقة اليورو، حيث نما الإنتاج في المهن التشغيلية خلال الأشهر المبكرة بصورة جيدة، حتى لو كان أقل قوة مما تسجّله إحصاءات الوضع الاقتصادي الجيدة جداً. والإنتاج المنخفض خلال نيسان (أبريل) في منطقة اليورو، لم يقطع بعد الوُجهة المتقدّمة إلى الأمام. وتؤكّد المعطيات القومية الصادرة عن دول اليورو الكبرى على تطوّر إيجابي خلال أيار (مايو) الماضي. ووحدها المعطيات الصادرة عن إيطالي، تشير إلى بعض الضعف، والذي زاد العبء على حجم النمو خلال الربع الثاني. وتشير الدراسات الإحصائية للمفوضية الأوروبية، والدراسات الإحصائية لقوائم الشراء RBS/NTC في المهن التشغيلية إلى إدراك الثقة المتزايدة للشركات حتى حزيران (يونيو) الماضي. وتُقيّم الشركات ببساطة مخازنها ومستودعاتها على أنها ممتلئة على نحو جيّد بصورة متزايدة، وبالتالي بالكاد يمكن توقّع المزيد من الحوافز في تجهيز المخازن والمستودعات عقب الربع الثاني . وبناءً على الدراسات الإحصائية، فقد تحسّن حجم الطلب أخيرا على نحوٍ جيد. وفي المقابل تشير الإحصاءات الصارمة فيما يتعلّق بحجم الطلب حتى نيسان (أبريل) إلى فترة ثبات في الطلب والمشتريات من الداخل، كما من الخارج، بعد أن نمت تلك حتى بداية العام بصورة قوية. ودون الطلب المتأرجح بصورة قوية في مجال بناء المركبات فإن وُجهة التقدّم في حجم الطلب سليمة. ويشير أصحاب الخدمات الإنتاجية في منطقة اليورو بناءً على دراسة إحصائية لـ RBS/NTC في حزيران (يونيو) الماضي، إلى سوق تجارية جيدة والمزيد من الطلب. وما ساهم في هذا هو أن الخدمات الإنتاجية الألمانية، كنتيجة لبطولة كأس العالم لكرة القدم، أشارت إلى نمو قياسي خلال حزيران (يونيو) الماضي، في مجال النشاطات التجارية، والتوظيف. وبالفعل قيّمت الشركات في منطقة اليورو إجمالاً المظاهر التجارية للمرة الثانية على التوالي على أنها أقل إيجابية. وهذا من الممكن أن يشير إلى أن التطوّر المتقلّب لأصحاب الخدمات التجارية مستمر، ولكن لا ينمو أكثر. وفي مقابل الثقة المتزايدة لتجّار بيع التجزئة فقد انخفض حجم المبيعات خلال أيار (مايو) للمرة الثانية على التوالي. ولعب في هذا التراجع القوي في حجم المبيعات لتجارة بيع التجزئة الألمانية بنحو 2.2 في المائة الدور الأكبر. وأشار مكتب الإحصاءات الألمانية إلى وجود نقص في هذا العدد بلغ نحو 0.4 في المائة، وبالتالي فإن التطوّر في منطقة اليورو جرى على نحوٍ أفضل، أكثر مما تشير إليه المعطيات الأوروبية غير المدققة بعد. وتشير المعطيات الإجمالية إلى ازدهار ضخم, لاسيما وأن الشركات الصناعية، وشركات الخدمات الإنتاجية، تتحدث بصورة متزايدة عن نياتها، في توظيف المزيد من الأيدي العاملة. ومن الممكن أن تزداد هذه الوُجهة قوة عن طريق حجم الدخل الإجمالي المتزايد للاقتصاد الداخلي. ولكن من غير الواضح ببساطة، فيما إذا كانت قوة اقتصاد اليورو أصبحت كافية، لتتمكن من عدم اعتمادها على التدفّق المالي الأجنبي. ويشير بعض الخبراء في الوقت الراهن إلى ازدهار داعم لنفسه، الذي من الممكن أن يستمر على الأقل حتى نهاية العام، وتتراجع المخاوف من ضعف الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من العام. ويبقى الخبراء الاقتصاديون الآخرون متشككين، ويرون ضعفاً في منطقة اليورو خلال النصف الثاني من العام. ولكن على ما يبدو أن المفوضية الأوروبية تنتمي إلى دائرة المتفائلين، حيث تراجعت بالفعل يوم الأربعاء عن تأكيد توقعاتها بالنمو خلال ربع الصيف بصورة طفيفة، ولكنها تتوقّع نمواً ضخماً قياساً على القدرة الكامنة. وبالفعل تُقدّر المفوضية للربع الرابع تسارعاً في النمو. وتشيع التوقعات على نحوٍ متزايد، تلك التي تشير في الطليعة إلى ضعف متوقّع في الوضع الاقتصادي لليورو خلال عام 2007، في الداخل والخارج. وما يؤكّد عليه الخبراء الاقتصاديون من دويتشه بنك من وجهة نظرهم، بأن اللقاء المشترك للسياسة المالية الصارمة في الدولتين الكبيرتين، ألمانيا وإيطاليا معاً، إلى جانب سياسة مالية أقلّ توسّعاً خلال العام المقبل، ستعملان على كبح الوضع الاقتصادي. ورفضت مفوضية الاتحاد الأوروبي عن طريق تقريرها السنوي حول منطقة اليورو الذي عرضته يوم الأربعاء الفرضية التي تقول إن إلغاء عجز الخزانة المالية، والسياسة المالية الموجّهة طبقاً لاستقرار قيمة النقد، ستعمل على تقليص الازدهار. ويكمن الخطر الحقيقي في أن التعديلات الضرورية لسياسات الاقتصادات الكبيرة تبقى غائبة، وبالتالي فإن مظاهر النمو متوسطة المدى ستضعف.

الأكثر قراءة