دراسة: ساعات العمل الطويلة تؤثر على سلوك وصحة المرأة أكثر من الرجل
دراسة: ساعات العمل الطويلة تؤثر على سلوك وصحة المرأة أكثر من الرجل
شهدت السنوات الأخيرة زيادة في عدد النساء العاملات في مختلف القطاعات ويأتي ذلك عقب حصولها على المؤهلات الأكاديمية التي خولتها اقتحام نشاطات عملية مختلفة في قطاعات اقتصادية واجتماعية متنوعة، استطاعت من خلالها إثبات جدارتها في العمل، فلم يعد دورها محصوراً في المجال التعليمي أو الطبي فقط، حيث تنوعت فرص العمل المتاحة للمرأة في الشركات والبنوك والمستشفيات والمتاجر وغيرها من القطاعات.
ورغم أن توافر فرص العمل المتنوعة أمام المرأة يعتبر ظاهرة صحية، إلا أنه لا يخلو من بعض الجوانب السلبية، كون معظم هذه الأعمال تتطلب ساعات عمل طويلة، تؤثر بدورها بشكل سلبي على النساء العاملات بصفة خاصة، وهذا ما أكدته دراسة حديثة، بينت أن النساء اللاتي يعملن في وظائف تتطلب العمل لساعات طويلة يملن أكثر لاتباع أسلوب حياة غير صحي أكثر من الرجال الذين يعملون في الوظائف نفسها.
وجد الباحثون أن تصرفات الرجل لا تتأثر بعدد ساعات العمل بينما وجدوا أن النساء اللاتي يعملن لساعات طويلة يملن لتناول الوجبات السريعة المشبعة بالدهون كما يملن للتدخين بشراهة أكثر ويتناولن كمية كافيين أكثر، إضافة إلى عدم ممارستهن للرياضة.
الدكتورة إجلال الجلالي رئيسة قسم التغذية العلاجية في مستشفى قوى الأمن في الرياض اعترضت على نتائج هذه الدراسة، مبينة أن ساعات العمل الطويلة ليست السبب في اتباع المرأة العاملة نمطا غذائيا غير صحي، بل هناك عوامل أخرى مثل المشاكل النفسية التي تتعرض لها الموظفة وطبيعة وبيئة العمل وظروف الحياة التي تعيشها هي التي تجعل المرأة تلجأ لأسلوب غذائي غير صحي.
وقالت الجلالي" إن المرأة العاملة التي يتوافر لها الغذاء الصحي في المنزل ولديها من يساعدها في أعباء المنزل لن تلجأ لتناول الأغذية غير الصحية، كما أن الوعي لدى الموظفة يجنبها الوقوع في اتباع الأنظمة الغذائية غير الصحية", إلا أنها أيدت نتائج الدراسة في ناحية واحدة وهي ممارسة الرياضة، موضحة أن المرأة العاملة التي تقضي ساعات طويلة في العمل خارج المنزل لا تمارس الرياضة بشكل كاف وذلك يرجع لشعورها بالمسؤولية تجاه عائلتها، لذا فهي تفضل تكريس باقي وقتها بعد انتهاء فترة الدوام لرعاية شؤون عائلتها.
يأتي هذا بعد أن قام علماء نفسيون من مركز الأبحاث الاقتصادي والاجتماعي بتحليل آثار الضغوط النفسية على عادات الأكل, وبحثوا كذلك عن تأثير ساعات العمل الطويلة على المرأة والرجل.
وذكر الدكتور داريل اوكونور أحد الباحثين المشاركين في الدراسة " أن المرأة التي تقضي ساعات طويلة في العمل تميل أكثر لتناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسكريات, كما أنها لا تمارس الرياضة بشكل كاف وتتناول كميات كافيين كبيرة، وإذا ما كانت مدخنة فإنها تميل للتدخين بشراهة أكثر من الرجل المدخن", بينما لا تؤثر ساعات العمل الطويلة على الرجل بشكل سلبي، فعلى سبيل المثال المدة التي يقضيها الرجل في ممارسة الرياضة لا تتأثر وكذلك بالنسبة لتناول كميات من الكافيين أو التدخين لا تتأثر كذلك".
وحول المخاطر الصحية التي تترتب على اتباع نمط الحياة غير الصحي قالت الدكتورة إجلال إن تناول مثل هذه الأطعمة غير الصحية تزيد من الضغوط النفسية التي تؤثر بدورها على مناعة الجسم فتضعفها وتجعل الشخص معرضا أكثر للإصابة بالأمراض، مبينة أن الأطعمة المشبعة بالدهون لها علاقة بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري وتسبب البدانة كذلك التي ترتبط بعدد من الأمراض المختلفة.
وحول النصائح التي تساعد الموظفة على اتباع أسلوب حياة صحي وفي الوقت نفسه تأدية عملها على أكمل وجه أوضحت الدكتورة إجلال أن على المرأة التي تعمل لفترات طويلة أن تأخذ فترة استراحة خلال وقت الدوام تتناول خلاله الأطعمة الصحية الخفيفة مثل الفواكه والخضراوات وتكثر من السوائل حيث تكون هذه الفترة وقتا للاسترخاء بعيداً عن هموم العمل, مشيرة إلى أن فترة الراحة ضرورية لتستطيع الموظفة بعدها ممارسة عملها بنشاط أكبر.
وفي استطلاع لآراء موظفات في قطاعات حكومية وأهلية يعملن في وظائف تتطلب العمل لمدة ثمان ساعات وأكثر قالت مها موظفة في أحد البنوك " أن طبيعة عملنا لا تتيح لنا الوقت الكافي لتجهيز الأغذية الصحية لذا نتناول في معظم الأوقات الوجبات السريعة مع علمنا بضررها على الصحة إلا أنه لا بديل أمامنا".
من ناحيتها تقول سارة ـ موظفة في شركة الأهلية ـ " إن فترة الدوام الطويلة سلاح ذو حدين يمكن الاستفادة منه لاتباع حمية غذائية معينة بالنسبة لي ساعدتني فترة الدوام الطويلة كثيراً في تخفيف وزني إلا أني أشاهد الكثير من الموظفات يعتمدن في أغذيتهن على الوجبات السريعة وذلك لأن معظم أماكن العمل لا توفر بوفيهات لذا تضطر الموظفات إلى تناول الوجبات السريعة المتوافرة".
أما خلود وتعمل في أحد المستشفيات فتقول " إن النظام الغذائي الذي يتبعه الشخص يعتمد على مدى وعيه وثقافته, فكلما زادت ثقافة الشخص زاد حرصه على تناول الأغذية الصحية, ومن تجربتي بالعمل فترة الدوام تصل إلى ثماني ساعات يومياً لا أتناول إلا الأغذية الصحية ولا أجد صعوبة في تحضيرها رغم أعباء المنزل".
وفيما يتعلق بممارسة الرياضة أجمع معظم من تم استطلاع آرائهن على أنهن لا يجدن الوقت الكافي للممارسة الرياضة بسبب مسؤوليات المنزل والعمل وتقول سارة " أتمنى لو تتوافر في أماكن العمل أندية صحية لنمارس فيها الرياضة الخفيفة في فترة الاستراحة لان معظمنا لا يجد الوقت الكافي لممارسة الرياضة خلال أيام الأسبوع بسبب فترة الدوام الطويلة وكذلك في نهاية الأسبوع لكثرة الالتزامات الاجتماعية".