أمريكا ومحافظوها الجدد في مفترق الطرق مع الدول "المارقة"

أمريكا ومحافظوها الجدد في مفترق الطرق مع الدول "المارقة"

مع دخول الغزو الأمريكي للعراق عامه الثالث، يبدو من الواضح أن حكم التاريخ على هذه الحرب لن يكون في صالح الغزاة. قامت الحرب على فكرة أقنعت بها الولايات المتحدة نفسها بأن العراق قد حل محل أفغانستان في استقطاب وتدريب الإرهابيين، وصار مكانا لإطلاق العمليات الإرهابية.
ولا تزال الفرصة مفتوحة أمام أمريكا لإقامة دولة عراقية يهيمن عليها الشيعة، إلا أنها ستكون ضعيفة لسنوات. على الرغم من وجود بعض الفوائد الإيجابية للحرب استفاد بها العراقيون مثل تحريرهم من ديكتاتورية صدام حسين، إلا أنها لا تبرر الدماء التي أهدرت والخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الحرب.
ينتقد فرانسيس فوكوياما غزو العراق، موجها النقد كذلك إلى المحافظين الجدد من داخل الإدارة الأمريكية وخارجها، إذ يستعرض الكتاب كيف فشلت حكومة بوش في إدارتها السياسة الخارجية الأمريكية بقرارها الخاص بغزو العراق.
ففي البداية أخطأت الإدارة بجعلها النظرية المركزية لسياستها الخارجية هي الحرب الوقائية، ثم أساءت تقدير ردود الأفعال العالمية إزاء محاولاتها الهيمنة على العالم، وأخيرا فشلت في تقدير الصعوبات التي تتضمنها إعادة الهيكلة الاجتماعية واسعة المجال في العراق، وقللت من شأن الصعوبات التي تواجه إقامة حكومة ديموقراطية ناجحة هناك.
يستعرض الكتاب الجدل القائم بين معارضي إدارة بوش حول وجود برنامج لدى المحافظين الجدد تسير تبعا له سياستهم الخارجية أثناء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس بوش، ويقدم استعراضا شائقا لتاريخ حركة المحافظين الجدد منذ فترة الثلاثينيات، حيث يؤكد فوكوياما أن للحركة برنامجا معقدا اختلف الآن كثيرا عما كان عليه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) قرر بوش اتخاذ سياسة جديدة للأمن القومي تقوم على شن مجموعة من الحروب الوقائية للدفاع عن الولايات المتحدة ضد ما تطلق عليها الإدارة الأمريكية مصطلح الدول المارقة وضد الإرهابيين الذين يمتلكون أسلحة دمار شامل، كما قررت الولايات المتحدة أن تعمل على نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط كحل بعيد المدى لمشكلة الإرهاب.
يحلل الكتاب الأخطاء التقديرية التي وقعت فيها إدارة بوش في استجابتها لتحدي ما بعد 11 أيلول (سبتمبر)، ويقترح الكتاب أسلوبا جديدا للسياسة الخارجية الأمريكية يمكن من خلاله إعادة إصلاح هذه الأخطاء. يتضمن هذا الأسلوب دمج المزايا الإيجابية لسياسة المحافظين الجدد مع رؤية أكثر واقعية للطريقة التي يمكن بها استخدام القوة الأمريكية بها حول العالم.
في بداية الفترة الرئاسية الثانية قال بوش إن المصالح الحيوية لأمريكا ومعتقداتها الراسخة صارت شيئا واحدا، إلا أن الحرب على العراق أظهرت أنه كان من الأفضل للولايات المتحدة أن تحتفظ بعلاقاتها القوية مع أصدقائها في الشرق الأوسط، حيث هاجم الكثيرون حول العالم ما يسمى بالجهود الأمريكية لنشر الديمقراطية ووصفوها بأنها ممارسات غير شرعية.

Title: America at the Crossroads: Democracy, Power, and the Neoconservative Legacy
author: Francis Fukuyama
Publisher: Yale University Press
ISBN: 0300113994
March 2006
Pages: 240

الأكثر قراءة