خطة طموحة لتأسيس شركة سيارات عالمية عملاقة

خطة طموحة لتأسيس شركة سيارات عالمية عملاقة

نشأت الفكرة - فيما يعتقد – خلال حفل عشاء في ناشفيل. فهناك ووفقاً لما يقال نسج الملياردير الأميركي كيرك كيركوريان مع اللبناني الأصل كارلوس غصن رئيس شركتي نيسان ورينو، خطة طموحة منتصف حزيران (يونيو) الماضي يقومان بموجبها ببناء أكبر شركة في العالم لإنتاج السيارات وبما لا يقارن مع الشركات الأخرى، وذلك من خلال إقامة تحالف بين شركات جنرال موتورز ونيسان ورينو لتبدو جميع عمليات الاندماج التي تمت حتى الآن في هذا القطاع باهتة أمام هذا التحالف بما في ذلك اندماج دايملر- بنز وكرايزلر التي كان كيركوريان أحد كبار المساهمين فيها - وإن كان قد آثار غضب الألمان فيما بعد -
ويملك كيركوريان البالغ من العمر 89 عاماً نحو 10 في المائة من أسهم شركة جنرال موتورز من خلال شركته تراسيندا ولكي تدر الشراكة أخيراً بعض الربح فإنه يضغط منذ فترة طويلة من الزمن لوضع خطة بهدف إعادة العافية للشركة المنتجة للسيارات في ديترويت والتي تعاني من كشكول من الأمراض. وهو يعتقد أن الشريك المثالي بالنسبة له هو كارلوس غصن، أحد النجوم البازغة في سماء صناعة السيارات العالمية.
وفي رسالة بعث بها لهيئة الرقابة على البورصات الأمريكية، بررت شركة كيركوريان الاستثمارية هذه الفكرة بما يلي:" إننا نعتقد بأن مشاركة جنرال موتورز في التحالف العالمي مع رينو ونيسان سيحقق توفيرا كبيرا في التكاليف". وجاء في الرسالة أيضاً: أن نيسان ورينو على استعداد تام لشراء "حصة أقلية لا بأس بها"، في شركة جنرال موتورز يعتقد، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أنها قد تصل إلى 20 في المائة من الأسهم بمبلغ وقدره ثلاثة مليار دولار.
وقال كيركوريان إن الشراكة بين رينو ونيسان قد أحدثت تطورات هائلة في مجال الإنتاج والتسويق، ولهذا ينبغي على إدارة جنرال موتورز أن تشكل لجنة، على الفور، للبحث، بالتعاون مع مجلس الإدارة، بجدية تامة في الاحتمالات المطروحة. هذا وقد كان من نتائج هذه الأنباء على البورصة أن ارتفعت أسعار أسهم جنرال موتورز بنسبة ملحوظة. وقد انشغلت الإدارة بإجراء سلسلة من المكالمات التلفونية دون أن يرشح شيء عن محتواها، ويبدو، كما يتردد في ديترويت، أن رئيس شركة جنرال موتورز ريك واجنر ليس في عجلة من أمره لإعطاء جواب على ذلك. خصوصاً وأن أي تحالف من هذا النوع من شأنه أن يعرض منصبه للخطر، هذا أولاً. وثانياً أن لجنرال موتورز تجارب سيئة في مجال التحالفات، كما حدث مع شركة فيات على سبيل المثال.
أما رينو، فكانت بعكس ذلك، وإذ أجابت رسمياً بأنها معنية جداً بهذا المشروع، وقالت إن التحالف بين رينو ونيسان هو "تحالف مفتوح"، لم يكن في يوم من الأيام "مقصوراً على شريكين فقط"، وذلك وفقاً للأنباء القادمة من باريس. يضاف إلى ذلك أن ثمة مشاريع مشتركة منذ مدة طويلة، مثلاً، في بناء الشاحنات. أما كارلوس غصن فيقول بأن أحد الشروط المسبقة لإقامة تحالف مع جنرال موتورز على أسس راسخة يقتضي "الدعم الكامل" من جانب الإدارة في ديترويت.

ويذكر في هذا السياق أن الأمريكيين سبق لهم أن قرعوا باب كارلوس غصن. ولكن رئيس رينو ونيسان، البالغ 52 عاماً من العمر، رفض عرضاً بالملايين مقابل أن ينتقل من موقعه الحالي إلى شركة جنرال موتورز. وقد استطاع في هذه الأثناء أن يحقق كل ما يمكن تحقيقه، إذ ما إن انضمت شركة رينو الفرنسية لثاني أكبر شركة يابانية منتجة للسيارات في عام 1999 حتى تولى غصن دفة القيادة في طوكيو، وتمكن خلال ثلاث سنوات فقط من وضع مجموعة نيسان على طريق النجاح، بعد أن كانت تعاني من خسائر فادحة ومن ديون باهظة، حيث أصبحت الشركة الآن تحقق أرباحاً سنوية تبلغ نسبتها 10 في المائة. وبالمقارنة فإن جنرال موتورز قد منيت العام الماضي بخسائر تقدر بعشرة مليارات من الدولارات. إن النجاح الذي حققه غصن في الشرق الأقصى قد أوصله لأعلى منصب في رئاسة نيسان-رينو، التي لا تزال الحكومة الفرنسية أهم مساهم في الشركة. أما الآن فإن غصن يقود في الوقت نفسه شركتين من كبريات شركات السيارات، وبهذا فهو يعتبر أحد أكثر مديري الصناعة نفوذاً.
ولكن في النهاية كان لا بد له من مواجهة الهزيمة، حيث إن إعادة هيكلة شركة رينو التي تعاني من الوهن والضعف تسير بشكل بطيء. أما بالنسبة لشركة نيسان فإن أرقام المبيعات منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، في حالة تراجع في جميع الأسواق، كما أن الزبائن في أمريكا يعزفون عن الماركات الأخرى باستثناء المنتجين اليابانيين الآخرين. تويوتا وهوندا. وربما فات السيدين غصن وكيركوريان شيئاً ما أثناء تناولهما وجبة العشاء في ناشفيل: ألا وهو أن أكثر منتجي السيارات تحقيقاً للربح في العالم يشيحون بوجوههم عن التكتل في شركة واحدة كبيرة. فشركات تويوتا وهوندا وبي إم دبليو وبورشه حققت، كشركات مستقلة، تطوراً ونجاحاً قل نظيره.

الأكثر قراءة