دوف شارني: غريب الأطوار و صاحب نظرية الرأسمالية الجديدة و الناجحة
رجل الأعمال الأول في الولايات المتحدة عام 2004 إنه دوف شارني الذي نجح في تشييد أكبر مصنع للنسيج في أمريكا في غضون ستة أعوام و أسس لواحدة من أكثر العلامات التجارية الفتية شهرةً ( أمريكان أباريل - AA- American Apparel) . ولا يطمح شارني الذي لا يزيد عمره على 37 عاما في أن يفتخر بكونه مليونيرا عصاميا بدأ سلم النجاح من بدايته لكنه يسعى إلى أن تكون شركته صورة مثالية تحذو حذوها باقي مصانع هذا القطاع حول العالم. هذه هي رسالته التي يعمل على تحقيقها منذ أن استأجر مبنى المصنع في عام 1999 في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، وبدأ بتصنيع القمصان والسترات القطنية؛ كان يكتب كلمة ( الثورة الصناعية) بأحرف ضخمة على واجهة المصنع و بما أن أغلب الأيدي العاملة هناك أجنبية فهذه الجملة مكتوبة أيضا باللغة الإسبانية ) أمريكان أباريل ثورة صناعية) . وكل زبون يرمق بنظره الرسالة، وهي المعلّقة على جدران المحلات التجارية يخطر في باله التساؤل التالي: هل بالفعل من الممكن إنتاج النسيج في الولايات المتحدة الأمريكية، ودفع أجور مميزة للعاملين، وبرغم هذا تتحقق الأرباح للشركة ؟
في الحقيقة، يدفع شارني لموظفيه بالمعدل نحو 13 دولار للساعة، أكثر من ضعف الحد الأدنى للأجر. وإضافةً إلى الأجر، هناك مساهمات في التأمين الصحي، ومحاضرات مجانية لتعليم اللغة الإنجليزية، ودراجات للخدمة، وهواتف عمل مجانية. ورغم هذا فإن شارني وهو من أصل كندي لا يتمتع بأي رومانسية اشتراكية فالأجور التي يدفعها للعاملين تُوضع بناءً على معدل القطع والذي عليهم إنتاجها خلال اليوم، وهم يقومون بهذا، حسب أقوال شارني: "الناس الراضون ينتجون في وقت أقصر، وسترات أفضل. ولهذا نحن نملك العمالة الأكثر كفاءة في الإنتاج حول العالم". وبالتالي فهو يطبّق التشريعات، التي تسري في قطاع النسيج الأمريكي. أما بالنسبة للآخرين، فقد قام الكثير من الشركات المصنّعة للنسيج بإغلاق مصانعها محليا، ونقلت إنتاجها إلى آسيا.
ويتبني شارني استراتيجية النجاح نفسها لمصانع زارا الإسبانية العملاقة للنسيج كما أنه يقوم بالإشراف بنفسه على كل شيء من مستودعات المواد، والتصاميم، والإنتاج، حتى الإعلانات، والشحن. ويتميّز كل هذا بالسرعة، والمرونة، وبرغم كل هذا، فلا يمكن اعتبار مجموعته على أنها باهظة الأسعار مقارنة بالشركات المنافسة مثل فروت أوف ذا لوم – Fruit of the loom، أو جاب - Gap.
والنجاح الذي حققته مجموعة، أمريكان أباريل، عن طريق علامات "صُنع في وسط لوس أنجلوس - Made in downtown L.A "، عمل على إسكات المتشككين: في غضون أربعة أعوام ارتفع حجم المبيعات من 40 مليون دولار إلى 250 مليونا. ويوظّف شارني نحو أربعة آلاف عامل، وينتج المصنع في ولاية كاليفورنيا ما يزيد على مليون قطعة من الملابس أسبوعياً. ويصب معظم إنتاج مصانع شارني في خدمة المستهلك مباشرة في حين تعتمد مصانع أخرى مثل دونا كاران، ومارك جاكوبس على إنتاج ملابس الشرطة في نيويورك.
و افتتح شارني متجره الأول في تشرين الثاني (أكتوبر) من عام 2003 في لوس أنجلوس. ويوجد في الوقت الراهن نحو 100 متجر ما بين الساحل الغربي، ونيويورك. وتوسع شارني منذ فترة طويلة متوجها نحو أوروبا وآسيا حيث توجد اليوم متاجر AA في سيول و طوكيو و في باريس ولندن و برلين و أمستردام و في زيوريخ و ميونيخ و المكسيك. ويُضاف شهرياً متجر جديد. وسيعمل على فتح المتجر الثامن في هامبورج في ألمانيا مع نهاية تموز (يوليو). و يحلم شارني بتجاوز حاجز ألف متجر في عام 2008 .
بالنسبة لجودة المنتجات فهي متوافرة، و بالنسبة للأسعار فهي مقبولة. ولكن هذا وحده لا يمكن أن يبرر النجاح. لكن شارني يرفع شعار (تسوّق دون عرق ) لأنه يعتمد في منسوجاته على القطن الطبيعي تماما. وعلى ما يبدو فإن الأمر يدور هنا حول طبيعة هذه الشخصية غير المعتادة التي ساعدت على ترويج هذه العلامة التجارية.فهذه التركيبة المتناقضة تخيف اليساريين لأنه يحقق في عمله الكثير من المال، ويروج للتجارة الحرة، و في الوقت ذاته تستثير غضب المحافظين بسبب انتقاده الدائم لسياسة الهجرة في الولايات المتحدة و تستشيط منه المجتمعات المهنية غضباً لأن مصنعه لم ينضم إلى المجتمعات المهنية. ويبتعد شارني بنفسه عن جميع الأنماط التقليدية: "نحن لسنا بحاجة إلى أحد، ولا إلى الآخرين. نحن أصحاب الرأسمالية الجديدة، والرأسمالية الناجحة".