الغارة على الأسماء المستعارة

الغارة على الأسماء المستعارة

الغارة على الأسماء المستعارة

رغم أن الكتابة باسم مستعار ظاهرة ملحوظة قبل انتشار الإنترنت، إلا أن الإنترنت عززت من هذه الظاهرة، فأصبح بإمكان الفرد كتابة ما شاء متى ما شاء وأينما شاء. وبهذه الوسيلة الجديدة والنافذة الإعلامية الأكبر تزايد عدد الكتاب وتنوعت الأقلام وزادت بل تسارعت الردود والتعقيبات حدة ووتيرة.
إن كتاب الإنترنت بشكل عام هم في الواقع أشخاص لم تسنح لهم الفرصة أو لم تتح لهم الكتابة في الصحف اليومية، أو أنهم من الأقلام الجديدة التي أرادت أن تخوض تجربتها في الفضاء التخيلي مباشرة، فهي من وجهة نظرهم أسلس وأسرع وأكثر حرية وأكثر تفاعلا مع القراء. وهي بالفعل كذلك. فعلى سبيل المثال، لكي تنشر مقالة في صحيفة مطبوعة، لا بد من إرسال المقالة قبل يوم النشر بيومين أو ثلاثة، أما في الصحف الإلكترونية ومنتديات الإنترنت فبمقدور كتابها نشر مقالاتهم وتعليقاتهم على الأحداث في الحال.
إن الكتابة بالأسماء المستعارة أو المعرفات الرمزية هي الصفة السائدة للكتابة في الإنترنت، بل إنه عندما اشترط أحد المنتديات المشهورة الكتابة بالاسم الحقيقي كاد أن يهجر.
عندما كثر كتاب الإنترنت ذوو الأسماء المستعارة، ضج البعض ولم يرق له ذلك، إما لفجاجة اللغة المستخدمة، أو لحدة الطرح والتهجم غير المبرر على الآخرين، أو الخروج عن اللباقة واللياقة، أو لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة، أو الغيرة بسبب كثرة القراء والتعليقات، أو لمجرد الكتابة باسم مستعار.
بل قام البعض بكيل التهم المختلفة لمن يكتب باسم مستعار، بغض النظر عن صلب الموضوع. ورغم أنني شخصيا لا أحب بعض ما يكتب في الإنترنت، إلا أنني لا أعتقد أن مشكلة مقالات الإنترنت في تذييلها باسم مستعار، بل بما يحويه بعضها من إظهار عدم احترام للقراء، أو التعدي على الآخرين.
فلو كتب شخص موضوعا مميزا ومتوازنا تحت اسم مستعار، فأعتقد أن القراء سيقدرون ذلك، وفي المقابل لو كتب شخص باسمه الحقيقي وبصورته الحقيقية في صحيفة مطبوعة أو على الإنترنت وكال السباب واللعان أو الاستهزاء بالآخرين فسيكون الموضوع ممجوجا من القراء، ولن يشفع له اسمه ولا أصله وفصله.
والسؤال المطروح عن الأسباب التي تجعل البعض يفضل الكتابة بالاسم المستعار، يعمد البعض إلى ذلك ليتجاوز الخطوط الحمراء سواء الدينية أو الاجتماعية أو السياسية أو حتى العمرية. والبعض بسبب عدم رغبته بإشعار من هم حوله من أسرته وأقربائه أو أصدقائه أو مراجعه الوظيفي بما يطرحه. كما يستخدم البعض الاسم المستعار للتهرب من المساءلة النظامية والقضائية.
يحاول البعض التشنيع في الكتابة باسم مستعار لأسباب دينية، وأن في ذلك كذبا على القراء، ولا أظن الأمر كذلك، لأن القراء يعلمون أن المعرف اسم مستعار، بل إني علمت أن الشيخ عبد العزيز بن باز ـ يرحمه الله، عندما تم سؤاله عن الكتابة باسم مستعار في الصحافة، قال: إنه إذا كان فيه مصلحة فلا بأس.
إذن فالعبرة بالمكتوب حسنا وسوءا ولعل لمن يكتب باسم مستعار أسبابه.

<p><a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a></p>

الأكثر قراءة