قريبا: بصمة الأصابع والقزحية تحل محل المفاتيح وبطاقات الائتمان
قريبا: بصمة الأصابع والقزحية تحل محل المفاتيح وبطاقات الائتمان
لن يحتاج أحد إلى إدخال يديه في جيبه في المستقبل. فهناك شيء حميم بالنسبة للجسد سيحل محل الأشياء التي تجلجل في الجيوب مثل المفاتيح وبطاقات الائتمان ودفاتر الشيكات. وعندما تحتاج إلى فتح باب أو شراء شيء ما، سيكون لديك عدة خيارات لعمل ذلك، إما بواسطة بصمة الإصبع، أو الأوامر الصوتية، أو فحص كمبيوتري لمقلة العين.
كل هذه الامكانات ستصبح متوافرة للمستخدم، إذ قالت شركات مثل Pay By Touch كلمتها في هذا الصدد. وهذه الشركة تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها، وتعمل في مجال القياس البيولوجي biometrics؛ أي تكنولوجيا التعرف على الأشخاص من خلال السمات البيولوجية الفريدة. وهذه السمات الفريدة لا تتضمن بصمات الإصبع فحسب، بل وقزحية العين والكفوف والأصوات أيضا. وتُستخدَم هذه السمات على نحو متزايد بدلا من المفاتيح وبطاقات الائتمان بل وحتى الكلمات السرية للكمبيوتر.
تأسست شركة Pay By Touch في عام 2002، وقد سجلت الشركة أكثر من مليوني شخص يرغبون في الحصول على بصمات أصابعهم والعمل بها كبديل عن الشيكات وبطاقات الائتمان في أكثر من ألفي متجر، بما فيها العديد من السلاسل الضخمة للبقالة. وعند القيام بشراء أي شيء، يقوم الزبون بضغط طرف إصبع السبابة على جهاز اللمس، ثم يدخل رقم التعريف الخاص به كإجراء أمني إضافي ليتم خصم قيمة مشترياته من حسابه الجاري أو إضافتها إلى فاتورة بطاقة ائتمان.
وقد صرحت الشركة في 21 آذار (مارس) الماضي أنها ستقوم بتركيب نظام الدفع الجديد في سلسلة متاجر Albertson التي تضم ما يزيد على 200 منفذ للبيع ما بين محلات السوبر ماركت والصيدليات.
منع المتطفلين
لا تقتصر فائدة علم القياس البيولوجي على المتاجر فحسب. فالمدارس الابتدائية تقوم بتركيب أجهزة مسح القزحية لمنع المتطفلين من الدخول. ويزداد استخدام الشركات لبصمة الأصابع للتأكد من حقيقة مستخدمي الكمبيوتر لديها. كما يتم تركيب أجهزة قراءة بصمة الإصبع على أقفال البيوت والمكاتب.
وينظر الكثيرون إلى شركة Pay By Touch كواحدة ضمن الشركات التي تعمل بكفاءة على استغلال الحاجة المتزايدة إلى علم القياس البيولوجي. وتأخذ الشركة، حسب كلام جون موريس رئيس الشركة ومسؤول التشغيل الأول، رسما ثابتا مقابل كل بصمة إصبع يتم التعرف عليها إيجابيا، يصل إلى 15 سنتا للمتاجر الكبيرة.
ما فائدة نظام البصمة بالنسبة للمتاجر؟ إن استخدام أجهزة مسح بصمة الإصبع fingerprint scanners يساعد على تسريع أوقات الشراء عن طريق تقليل "عامل التخبط" في طابور دفع الحساب داخل المتجر. ونظرا لإمكانية ربط نظام دفع شركة Pay By Touch بالعديد من أجهزة دفع الحساب، يستطيع البائعون بالتجزئة أن يوفروا الأموال عن طريق تشجيع الناس على استخدام حسابات ذات رسوم منخفضة، مثل حساب جار يمكن الدخول إليه عبر بطاقة الشراء. ولاحظ مركز أبحاث بيرنشتاين في تقرير حديث له أنه من الممكن أن يؤدي نظام دفع الحساب الجديد من Pay By Touch على زيادة الضغط على شركات بطاقات الائتمان بحيث تقوم بتخفيض رسومها على البائعين القطاعي حتى لا يخسروا حصتهم في السوق.
منبه الصفقات
يقول مالكو محلات السوبر ماركت بشكل عام إنهم سعداء بالنتائج التي توصلت إليها Pay By Touch. تقول تريشا بليسلي مدير تكنولوجيا البيع القطاعي بسلسلة متاجر كَب فوودز التي تملكها Supervalu: إننا نريد تشجيع أي شخص لديه حساب جار يرغب في تسجيله لدى نظام Pay By Touch". ولكنها رفضت أن تعلق عما إذا كان هذا النظام يوفر للمتاجر أموالا.
وتجري شركة Pay By Touch تجربة باستخدام نظام الدفع بالإصبع الخاص بها في تخصيص الصفقات إلى المتسوقين الأفراد بناء على مشترياتهم السابقة، وهي حيلة لم يكن لصحيفة "صنداي" أن تتحكم فيها على الإطلاق.
يقول المؤيدون لنظام الدفع بالإصبع أن نظام القياس البيولوجي يعد بمثابة أداة حماية ضد سرقة الهوية أفضل من الطرق المتوافرة حاليا. وبرغم كل شيء، فإن الحصول على رقم بطاقة ائتمان أسهل من بصمة الإصبع أو الصوت. ولكن نظرا لأن نظام القياس البيولوجي يعتمد على البيانات البيولوجية للمرء، فمن المحتمل أن يجعل بعض المستخدمين أكثر عصبية مما تفعله التكنولوجيات الأخرى.
وتعي شركة Pay By Touch وشركاؤها من باعة التجزئة هذه العقبات. وفي سبيل ذلك تتحمل الآلام وتعاني – كما يقول موريس - لتوضيح أنها تأخذ وتخزن لوغاريتم بصمة الإصبع، بدلا من البصمة نفسها (كمجرد وصف). ومع ذلك، فإن دفع الحساب بواسطة بصمة الإصبع قد يؤدي إلى حالة من الهياج العصبي.
خطر الخصوصية
يقول جاي ستانلي مدير الاتصالات لمشروع التكنولوجيا والحرية، التابع لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي، إن المعلومات التي يتم الحصول عليها عبر شركة تستخدم نظام القياس البيولوجي قد يمثل تهديدا لخصوصية المستهلك، بالرغم من أنه لم يتهم شركة Pay By Touch. وأضاف قائلا: إن المشكلة الرئيسية في الوضع الذي نقف فيه الآن تكمن في أن التكنولوجيا تسبق القانون.
ولا يعترض اتحاد الحرية المدنية الأمريكي على تكنولوجيا القياس البيولوجي في حد ذاتها. يقول ستانلي "إننا في حاجة إلى قانون لمنع الجانب المظلم من أي تكنولوجيا جديدة للتأكد من أنها لن تُستخدَم ضدنا بواسطة الحكومة التي تستغلها أو الشركات التي تبيعها".
أما بالنسبة للكثيرين، فإن دفع الحساب بواسطة بصمة الإصبع سيصبح روتين مثل الذهاب إلى ماكينة الصراف الآلي. وتأمل شركة Pay By Touch أن تقود الموجة الجديدة بقدر المستطاع. وفي كانون (يناير)، استطاعت أن تضم منافستها BioPay مقابل 82 مليون دولار، وأغلقت رأس مالها أخيراً على 60 مليون دولار من شركات الاستثمار والمستثمرين الخاصين. وجاء هذا بعد ثلاثة أشهر من إعلان الشركة عن جمع 130 مليون دولار إضافية.
ورفض موريس مناقشة المبيعات، أو أي خطط قد تقوم الشركة بالإعلان عنها. ولكن الشركة تتوقع أن تضاعف أرباحها هذا العام عن العام الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى الشركات التي اشترتها.
طموحات على الإنترنت
صرح موريس أن الشركة تأمل في توسيع نطاق خدماتها ليشمل معلومات التأمين الصحي. كما تمتلك الشركة مبادرة ستجعل المستهلكين يستخدمون بصمات الأصابع للقيام بالشراء الفوري على الإنترنت باستخدام أجهزة الاستشعار المتوافرة على بعض أجهزة الكمبيوتر المحمول. وتخطط الشركة للإعلان عن المشاركة في متجر على الإنترنت في وقت لاحق من هذا العام.
تقول سابنا كوبر المحلل بشركة Frost & Sullivan: أعتقد أن نظام البصمة سينتشر قريبا. إنها مجرد مسألة وقت قبل أن تقوم سلسلة وال-مارتس العالمية باستخدامه. وتتوقع سابنا أن تقوم سلاسل بيع التجزئة الأخرى باستخدام نظام البصمة خلال سنة ونصف.
إن نظام البصمة ليس متميزا في كل الأحوال. يقول فيليب يون وهو مستشار أول بمجموعة النظام البيومتري الدولية International Biometric Group : إن البصمات لا تعمل مع جماعات معينة مثل عمال البناء الذين تنمحي بصماتهم من جراْ طبيعة عملهم التي تؤدي إلى ذلك.
قراءة الكف
يقول كوبر إن نظام البصمة كاف واقتصادي السعر بحيث يفي بمعظم حاجات المستهلك. ويتفق يون معه في ذلك. أما طرق القياس البيولوجي البديلة، فهي غير ملائمة لطابور دفع الحساب داخل المتجر. فمسح القزحية مكلِّف وقد يرهِب الزبائن. أما التعرف الصوتي، فربما لا يعمل بشكل جيد في المتاجر الممتلئة بالضجيج.
ويرى كوبر أيضا أن إمكانيات القياس البيولوجي تتعدى الاستخدام في المتاجر. فبالنظر إلى الأمام، نجد أن نظام البصمات يمكن استخدامه في الشراء عبر الهواتف الخلوية المزوَّدة بأجهزة استشعار أو قد يحل محل المفاتيح للدخول إلى المنزل.
وبالرغم من أن بصمات الإصبع هي الأكثر استخداما، فمن المحتمل أن تظهر نظم أخرى من القياس البيولوجي على ساحة المنافسة. وتقوم شركة Fujitsu بإنتاج جهاز للتعرف الكفي يمكنه التعرف على الزبائن باستخدام "أشعة شبه تحت الحمراء" للتعرف على شكل الأوعية الدموية للكف. وهذا الجهاز مستخدم على نطاق واسع في أجهزة الصرف الآلي في اليابان. وتتوقع الشركة أن تقوم بتجربة هذه الطريقة في الولايات المتحدة في الربع الثالث من العام الجاري، بالرغم من أن الشركة لن تقول شيئا عن طريقة استخدامه. وهناك احتمالات لاستخدامه في مجالات مثل دخول المباني وفي الأجهزة الإلكترونية مثل الكمبيوترات.
من مميزات جهاز التعرف الكفي لشركة Fujitsu أنه لا يتطلب التلامس بين المستخدم والآلة، مما يعطي انطباعا بأنه الأفضل من الناحية الصحية. ولا تسمح أنظمة PalmSecure إلا بأكفّ الأيدي التي تتعرف فيها على تدفق دموي نشط، وهي محاولة لإحباط من يحاولون تمرير يد معتمدة ولكنها بعيدة.
وتستخدم شركة Pay By Touch كاشفا حراريا لمنع خطط الخداع المشابهة. وتعمل للتغلب على العقبات الأخرى المحتملة التي تواجه الاستخدامات الأوسع للقياس البيولوجي، ولتشكيل رؤية مستقبلية يمكنك من خلالها مغادرة المنزل من دون تلك القطع البلاستيكية المثلثة والكثير من الأشياء الأخرى التي ترهق نفسك بحملها.