المكسيكيون بين ضغط العولمة ومكافحة الفقر

المكسيكيون  بين ضغط العولمة ومكافحة الفقر

بعد أن خرج المنتخب المكسيكي مبكرا من بطولة كأس العالم التي اختتم أمس في ألمانيا اتجهت الأنظار بقوة نحو الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد الأحد الماضي لاختيار خلف للرئيس بيسينتي فوكس الذي يمنعه الدستور من الترشح لفترة رئاسية جديدة. ويوجد عند الجيران الجنوبيين للولايات المتحدة الأمريكية، وثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل الكثير من العوامل المؤثرة في زوايا هذه اللعبة: حيث يدور الأمر سياسياً حول تثبيت الديمقراطية. ففي الأعوام الماضية بالفعل تطوّرت بعض الأمور، وخاصةً عن طريق تشريع الشفافية، حيث تحقق للمواطنين مدخل أفضل للمعلومات، وبالتالي تراجع الفساد في الدولة. لكن الرئيس فوكس وهو مدير سابق لشركة كوكاكولا، فشل في عدة مشاريع لإعادة الهيكلة في البلاد والسبب وراء فشل هذه المشاريع هو أن حزبه الشعبي للعمل القومي وحزب الثورة الديمقراطية صاحب التوجهات اليسارية لا يتمتعان بالأغلبية في البرلمان.
وتقف المكسيك في مواجهة تحديات اقتصادية ضخمة، حيث حققت تلك الدولة الصاعدة خلال الأعوام العشرة الماضية تقدماً ضخماً لا جدال فيه. ويمكن قراءتها عن طريق سطور من العلامات المميّزة: أولاً المديونية الأجنبية، التي تصاعدت حتى وصلت في منتصف التسعينيات إلى 32 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وانخفضت عقب تسديد الديون السابق لأوانه بنحو سبعة مليارات دولار لدى البنك الدولي، وبنك التنمية الأمريكي الدولي لاحقاً نحو 6.4 في المائة. ولا تتركّز المديونية المتبقية إلى أكبر حدّ منها بالعملة المحلية، البيزو، ولكن سيتم تخصيصها حتى فترات زمنية أطول. وبالتالي فإن المكسيك ستصبح محصنة أكثر من ناحية اقتصادية. وبموازاة ذلك نجح البنك المركزي في المكسيك بفضل سياسة الاستقرار الثابتة في تقليص معدل التضخّم إلى نحو 3 في المائة، وقلل من تخفيض قيمة العملة وإضافة إلى هذا، يمتلك بنك المكسيك ما يزيد على 70 مليار دولار، وتُعد كافية لخدمة الالتزامات قصيرة المدى على مدار عامين من الزمان.
ولكن يمكن القول بأن النمو الاقتصادي غير مثمر حتى هذه اللحظة. ومن المفترض أن يرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي نحو 4 في المائة خلال العام الجاري، ولكن بلغت النسبة بالمعدل خلال الأعوام الخمسة الماضية نحو 1.9 في المائة. وهذه ليست أقل فقط بكثير من 7 في المائة، تلك التي وعد بها فوكس فور تسلمه مقاليد السلطة ولكنها لا تكفي أيضاً، في تحقيق تقدم ملموس في مكافحة الفقر. مع أن هذا ضروري في أي دولة، والتي يعيش فيها نحو 50 في المائة من الحجم السكاني الإجمالي في حالة من الفقر الشديد.
وتعاني المكسيك من سوق عمل غير مرنة، وقطاع طاقة حكومي بطيء. ولكن 85 في المائة من الصادرات المكسيكية تتدفق على أسواق الولايات المتحدة االتي تجتذب أيضا قوى عاملة وافدة من المكسيك بأعداد تقدر بالملايين بصورة شرعية أو غير شرعية. ويحوّل هؤلاء العمّال الأجانب سنوياً ما يزيد على 20 مليار دولار إلى عائلاتهم في المكسيك.
وتلمس المكسيك كذلك منذ بضعة أعوام ضغط العولمة، حيث تفوّقت الصين على المكسيك من حيث حجم التداول التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية حيث يمكنك أن تجد المنتجات الصينية دائما في الأسواق الأمريكية من ألعاب وأحذية وحتى أجهزة التلفزيون .وعلى هذه الحال تركز المكسيك حاليا على تحسين البنية التحتية ورفع جودة المستوى التعليمي بهدف رفع حجم الإنتاجية، والقدرة التنافسية، وبالتالي فرص تحقيق القيم المُضافة.
والمتقدّمون الأبرز للرئاسة هما فيليبي كالديرون من حزب العمل القومي ومنافسه أندريه مانويل لوبيز أوبرادور الحاكم السابق لبلدية العاصمة من حزب الثورة الديمقراطية وتحدث كلاهما عن مكافحة الفقر ولكن بالقطع يمكن التمييز بين برنامجيهما. فكالديرون يتطلع إلى التقدّم في أسعار السوق الاقتصادية، والأنظمة السياسية المالية، وإلى تعزيز قدرات النمو الاقتصادي عن طريق تحقيق المرونة والتخفيف من التشريعات القانونية. ولوبيز أوبرادور يمكن مقارنته بالرئيس الفنزويلي خوجو شافيز، يريد أن يحقق المزيد من مئات الألوف من فرص العمل الجديدة عن طريق برنامج النفقات الحكومية خلال فترة قصيرة، والاستثمار أكثر في قطاع الطاقة الحكومي. ومن المفترض تحسين الرعاية الحكومية على الفقراء.

الأكثر قراءة