شكوك حول قيام تحالف ناجح بين" جنرال موتورز" و" رينو" و"نيسان"
في الوقت الذي تمر فيه شركتا جنرال موتورز الأمريكية ورينو الفرنسية بعملية إعادة هيكلة مؤلمة، انتهت "نيسان" اليابانية أخيرا فقط من عملية إصلاح شاملة حققت نجاحا كبيرا. لذا كيف يكون وضع ذلك بالنسبة لتحقيق شراكة جذابة بين هذه الشركات؟
لقد خولت مجالس إدارات شركات تصنيع السيارات الثلاث ريتشارد واجونر رئيس مجلس إدارة شركة جنرال موتورز وكارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركة رينو ونيسان الذي يحظى بإشادة كبيرة في البدء في النظر في إقامة شراكة بين الشركات الثلاث.
لكن شركتا تصنيع السيارات الخاصة الأمريكية والأوروبية تمران بأوقات صعبة، ويتشكك المعلقون الأمريكيون في قدرة "رينو" على لعب دور "المنقذ" لجنرال موتورز المتعثرة بعد عدم تمكنها من اقتحام السوق الأمريكية نفسها. ومنيت "جنرال موتورز" التي تصارع بشدة لكي تظل تحتفظ بمكانتها أكبر شركة لتصنيع السيارات في العالم بخسائر بلغت 10.6 مليار دولار في 2005، فيما انخفضت حصتها في السوق الأمريكية إلى 26.5 في المائة وهي أدنى نسبة منذ 80 عاما. وبعيدا عن العثرة التي يتعين على الشركة الأمريكية إخراج نفسها منها، يحيط الشك تاريخ التحالفات عبر المحيط. ففي العام الماضي اضطرت "جنرال موتورز" إلى أن تدفع لشركة فيات الإيطالية
المتعثرة ملياري دولار لم تكن تمتلكها لتجنب اندماج بين الشركتين اتفقتا عليه في السابق.
من جانبه، أعرب ديتر زيتشه رئيس مجلس إدارة شركة ديملر كرايسلر أنجح الشركات العالمية فيما يتعلق بالاندماج عبر الحدود عن تشككه الشخصي حول مزايا خفض التكاليف لعمليات الاندماج واسعة النطاق، موضحا أن ذلك سيستغرق من شركته ثماني سنوات حتى "تصل إلى مرحلة يمكننا خلالها جني ثمار عملنا".
وإضافة إلى ذلك، يقول محللون إن النموذج الاجتماعي لأوروبا لن يساعد بقدر ما سيضر بجهود إعادة الهيكلة التي تبذلها "جنرال موتورز"، خصوصا في الوقت الذي يمكن أن تدفع فيه عدم قدرة "رينو" على خفض قوة العمل فيها نقابات العمال في "جنرال موتورز" إلى الاعتراض على عمليات جديدة لتسريح العمال.
واعترف واجونر الذي تردد أنه كان متشككا في اقتراح الشراكة من البداية الجمعة الماضية في بيان في أعقاب قرار مجالس إدارات الشركات الثلاث النظر في إمكانية إقامة شراكة بينها بـ"تعقيد أي علاقة ممكنة" مع "رينو" و"نيسان".
غير أنه رغم جميع الحجج المناهضة لذلك التحالف يبدو وجه إيجابي واحد يقود الجهود لإنهاء الصفقة وهو كارلوس غصن الذي وصفته مجلة "بيزنس ويك" بأنه "أستاذ مهمة إنقاذ الشركات". ويقاوم غصن(52 عاما) بشدة معظم التوجهات التي ترى أن الشراكة فكرة سيئة. فبصفته رئيسا لمجلس إدارة "رينو" و"نيسان" فهو يرأس بالفعل إحدى الشراكات القليلة الناجحة عبر الحدود في عالم
السيارات. ومنذ توليه دفة القيادة في نيسان عام 1999، حيث كانت تبلغ
ديونها الصافية 12.2 مليار دولار، حول غصن الشركة اليابانية إلى أكثر الشركات العالمية تحقيقا للربحية عن طريق حزمة إجراءات جذرية لخفض النفقات، خطة واضحة للتعافي، ودعم كامل من نقابات العمال في الشركة.
ويتناقض نموذجه في العمل بشدة مع واجونر الذي تبنى اتجاها تدريجيا لإعادة الهيكلة رآه بعض مستثمري "جنرال موتورز" بطيئا للغاية.
وكان الملياردير الأمريكي كيرك كيركوريان الذي تمتلك شركته الاستثمارية تراسيندا كورب 9.9 في المائة من "جنرال موتورز" أول من أثار هذه الضجة في 30 حزيران (يونيو) عندما أرسلت شركته خطابا إلى واجونر تحثه فيه على المضي قدما في الشراكة.
لكن الجميع ليسوا مقتنعين بأن غصن هو الحل، خصوصا في ظل محاولة قليل من أكبر الأسماء في عالم الشركات مساعدة الشركات الثلاث المتعثرة على التغلب على كبوتها. وإضافة إلى ذلك بدأت "جنرال موتورز" بالفعل تحسين أدائها دون مساعدة خارجية، حيث شرع واجونر في تنفيذ برنامج إعادة
الهيكلة الخاص به. وقد وافق 35 ألف عامل في فروع الشركة في أمريكا الشمالية بشكل مفاجئ على الحصول على مكافآت للتقاعد المبكر أو تعويضات، ما يتيح للشركة إكمال خططها لخفض الوظائف وإغلاق 12 مصنعا بحلول 2008 قبل عام من الموعد المتوقع لذلك.
كما توصلت إلى اتفاق مع نقابات العمال على خفض تكاليف الرعاية الصحية والمعاشات، ما سيوفر للشركة في النهاية عشرة مليارات دولار سنويا.
وأنهت "جنرال موتورز" في وقت سابق من العام الحالي موجة خسائر استمرت فترة طويلة بتحقيقها أرباحا بلغت 445 مليون دولار، فيما كان سهمها من بين تلك التي حققت أعلى المكاسب في بورصة وول ستريت منذ بداية العام.
وستتركز الأنظار على اجتماع بين غصن وواجونر الجمعة المقبل مع بدء النظر في إقامة ذلك التحالف.