عشوائية ومنافسة غير عادلة تبعد المعارض النسائية المتخصصة عن أهدافها
عشوائية ومنافسة غير عادلة تبعد المعارض النسائية المتخصصة عن أهدافها
اشتكى عدد من سيدات الأعمال والمهتمات من عدم أهلية ومصداقية بعض المعارض والمؤتمرات والفعاليات الموجهة للمرأة، التي تنظمها بعض الجهات في القطاع الخاص وبدأت تنشط في السوق السعودية، مشيرات إلى أن بعضها خرج عن الأهداف المفترضة فيها إلى أهداف تجارية دعائية بحتة.
كما عبرت مستثمرات في قطاع تنظيم المعارض النسائية عن استيائهن من منافسة العديد من المؤسسات والشركات غير المخولة أو المرخص لها في مجال تنظيم المعارض، مؤكدين أن الأنظمة واللوائح المنظمة لها يكتنفها الكثير من الغموض، وتحتاج إلى المراجعة والتعديل، كما أن القيود والاشتراطات الواجب توافرها في منظمي المعارض النسائية مازالت دون المستوى الذي يسمح لها بتحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية.
منافسة غير عادلة
منيرة الشنيفي صاحبة شركة متخصصة في تنظيم وإدارة المعارض أكدت أن السوق السعودية شهدت في الآونة الأخيرة تعدد الجهات المنظمة للمعارض دون أن تكون مخولة أو مؤهلة لذلك، مشيرة إلى أن الشركات التي حصلت على تراخيص لتنظيم مثل تلك المعارض تعاني من قيود وتعقيدات روتينية أكثر من الجهات التي تقيم معارض دون الحصول على ترخيص، وهو ما جعل نشاط المعارض يفقد مصداقيته ـ على حد قولها ـ لدى سيدات الأعمال ويحجم بعضهن عن المشاركة فيها، بسبب عدم وجود رقابة إدارية من جهات محايدة لتقييم المعارض النسائية.
وقالت الشنيفي إن المتتبع لبعض تلك المعارض يجدها تخرج تحت عناوين عريضة ومتخصصة، ومن ثم تحتوي أجنحتها على ما لا علاقة له بأهداف ونوعية المعرض، فبعضها يحوي منتجات متنوعة لشركات بعيدة عن عنوان وهدف المعرض، مطالبة بوجود جهة أو هيئة خاصة بالمعارض بهدف تنظيمها وتنسيق أوقاتها فيما بين الشركات المختلفة، وضمان تتبع مصداقيتها مع ضرورة عدم السماح لأي جهة بتنظيم معرض أو بازار مثلا إلا لو كانت تملك الترخيص المناسب لمثل هذا النشاط.
أهداف غير محققة
من جهتها تستنكر سيدة الأعمال ريم الرشيد من عدم وجود آلية ودراسات متخصصة تحقق للمنتديات والمعارض التي تنظمها مؤسسات القطاع الحكومي والخاص التي توجه للمرأة في المجتمع السعودي أهدافها، مشيرة إلى أن هناك الكثير من التجارب الخليجية والعربية والعالمية التي أثبتت الفائدة الاقتصادية جراء تنظيم المعارض المتخصصة، ليس أقلها تحريك النشاط التجاري ورفع معدلات الإنتاج القومي، والمساهمة في تثقيف المرأة.
و أرجعت الرشيد تدني مستوى معظم المعارض والتجمعات النسائية وعدم وجود إقبال حقيقي عليها إلى وجود منافسة قوية تشهدها شركات تنظيم المعارض من قبل مراكز استشارية وجهات أخرى اقتحمت المجال دون الحصول على ترخيص بذلك, لاقتسام كعكة الربح الكبيرة، مؤكدة أن ذلك منعها من تحقيق أهدافها الرئيسية.
تجاوزات وتضارب
من جانبها ترى سيدة الأعمال هدى البليهد أن كثرة المعارض والبازارات والندوات الموجهة للمرأة في الفترة الأخيرة، وتكرار مضمونها وتشابه أهدافها شكلا عامل طرد للسيدة السعودية سواء كانت ربة منزل أو عاملة أو سيدة أعمال عن المشاركة في تلك المعارض.
وأوضحت البليهد أن هناك الكثير من التجاوزات التي رصدتها من خلال مشاركتها في بعض المعارض منها، التضارب الحاد في المواعيد والأوقات للمعارض والمناسبات التي تقام بين فترة وأخرى، حيث إنها تسعى جميعها إلى اختيار أوقات المواسم والذروة دون النظر إلى الآخرين، بالإضافة إلى أن بعضها كانت تتم فيها عمليات بيع وشراء بصورة مخالفة لشروط إقامة المعرض.
وعزت البليهد هذه العشوائية في هذا النشاط إلى عدم وجود جهة واحدة ومتخصصة، معنية بالترخيص والمتابعة ومراقبة المعارض التي تقام للسيدات، مطالبة بإنشاء هيئة تعالج التضارب في مواعيد وأوقات المعارض لتتحقق الفائدة الكاملة لسيدات الأعمال وسيدات المجتمع من مواطنات ومقيمات من المشاركة فيها، بالإضافة إلى ضرورة عدم تنظيم المعارض إلا من قبل الشركات المتخصصة بهذا النوع من النشاط.
عشوائية سلبية
من ناحيتها عبرت هدى الجريسي رئيسة المجلس التنفيذي في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض عن أسفها لقيام بعض الجهات والشركات باستغلال الحراك الاجتماعي والاقتصادي لدى السيدات في السعودية في السنوات الأخيرة، من خلال تنظيم معارض وملتقيات متنوعة وعشوائية دون مراعاة النتائج السلبية التي يمكن أن تحدثها في الوسط التجاري والاجتماعي.
وقالت الجريسي إن هناك الكثير من مراكز التدريب، وشركات الاستشارات، وغيرها من الشركات أصبحت تقدم خدمات مختلفة عن نشاطها الأصلي وتنافس شركات تنظيم المعارض، مطالبة بوجود تقنين للخدمات التي تقدمها تلك المراكز ومزيد من الرقابة على المعارض المقامة لتستعيد مصداقيتها المفقودة.
بازار أم معرض؟
في المقابل يؤكد عبد الله الشهري صاحب مؤسسة متخصصة في تنظيم المعارض أنه وبسبب اتساع حجم سوق المعارض في السعودية في الفترة الأخيرة نتيجة لعوامل اقتصادية متعددة، وقلة الشركات المتخصصة في نشاط تنظيم المعارض، اقتحمت جهات غير متخصصة هذا المجال لسد الفراغ.
وشدد الشهري على أنه بالرغم من كثرة تلك المعارض في عدد من المدن السعودية، وبالرغم من توفيرها للعديد من الفرص الوظيفية والاستثمارية للكثير من الفتيات والسيدات إلا أننا لا يمكن أن نصفها بالمعارض، وقال "هي بازارات لا ترتقي للمفهوم الحقيقي للمعرض، وبالتالي على السيدات أن يعرفن الفارق بين المعرض والبازار، وعلى الجهات المعنية تحديد تلك الأسماء وفق طبيعة وحجم ونوع النشاط المقام، ووفق شروط مكتوبة وواضحة للمنظمين والمتلقين.
قدرات بشرية
من جهته أوضح عادل الدهشوري مدير الحفلات والمعارض في فندق ماريوت أن كثرة المعارض وعدم تخصص الجهة القائمة على تنفيذها تشوه مفهوم المعارض وتفقدها جاذبيتها، مؤكدا أهمية إيجاد هيئة مستقلة بالمعارض الموجهة للنساء، إلى جانب إدراج تخصصات دراسية في المؤسسات التعليمية لتخريج قدرات بشرية مؤهلة لسد الحاجة في هذا القطاع النامي في السوق السعودية سواء على صعيد الرجال أو النساء، على غرار الموجود في الجامعات الأجنبية لتطوير الكوادر العاملة في هذا المجال وبالتالي غياب التصرفات التي تخل بمصداقية وهدف المعرض.
وأكد عادل أن المعلومات المتوافرة تؤكد أن الأعوام المقبلة ستشهد مزيدا من إقامة المعارض المتنوعة وعلى مدار العام، لذا يجب إعداد البنية التحتية السليمة لهذا النشاط، حتى لا تضيع هويته بين مئات البازارات والنشاطات التي تسمي نفسها معرضا وهي بعيدة عن هذا، مشيرا إلى أن المجتمع السعودي لديه ثقافة المعارض ومحب لها والدليل أنه يسافر لحضور معارض في أنحاء مختلفة من العالم، لذا فإن إقامة المعارض هنا سيكون لها جمهور مستهدف على القائمين والمسؤولين في القطاعين الاستفادة الكاملة منها.