((وول ستريت)) تنتظر بلهفة عودة عمالقة البورصة
بيل ميلر المدير الأسطوري لصندوق استثمارات الأسهم التابع لشركة ليج ميسون الأمريكية والذي استطاع أن يهزم مؤشر ( ستاندرد آند بورز 500 ) لمدة خمس عشرة سنة متتالية يدرك جيدا أحوال المستثمرين.
وتوصل ميلر إلى أن هؤلاء المستثمرين يمرون بدورة نفسية مدتها خمس سنوات. ويقول زميله روبرت هاجستروم: "إن غالبية المستثمرين يشترون اليوم أسهما، كان من المفروض أن يشتروها قبل خمس سنوات " وعلى هذا فقد كان من المفترض أن يشتري المستثمرون أسهما في شركة تيليكوم عام 2000 مع أن أسعارها في ذلك الوقت كانت قد شهدت ارتفاعا مستمرا طوال السنوات الخمس السابقة.
ويقول هاجستروم أيضا إن المستثمرين عندما يشترون اليوم أسهما أمريكية ذات قيمة متوسطة أو متدنية في البورصة إنما يرتكبون الخطأ نفسه، ذلك لأن أسعار هذه الأسهم شهدت زيادات كبيرة خلال السنوات الماضية. أما ذلك القطاع من السوق الأمريكي الذي عانى التجاهل خلال السنوات السابقة فيشهد اليوم نموا كبيرا في قيمته، والمقصود هنا تلك الأسهم التي يتوقع لنمو أرباحها أن يكون ذا وتيرة أعلى من وتيرة نمو السوق بكامله، ويدخل في عداد هذه الأسهم أسهم شركات مثل شركة جنرال إليكتريك، وعملاق صناعة البرمجيات مايكروسوفت، وشركة جونسون أند جونسون وبوكتر أند جامبل.
هاجستروم الذي يدير أحد صناديق الاستثمار المتخصصة في مثل هذه الأسهم والتابع لشركة ليج ميسون يؤمن بأن هذه الأسهم مقبلة على فترة من الانتعاش. حيث صرح قائلا: " طوال سبع سنوات كان الاستثمار في هذه الأسهم من أسوأ أنواع الاستثمار، وأظن أننا تعرضنا للعقاب لفترة أطول مما ينبغي"، ويتوقع هاجستروم نهاية قريبة لهبوط الأسعار في هذا القطاع من قطاعات سوق الأسهم، وربما كان ذلك في غضون العام الحالي.
إن كثيرين يشاطرون مدير صندوق الاستثمار وجهة نظره هذه، فأنصار أسهم النمو يعتقدون منذ زمن أن منعطفا مهما على وشك أن يهل. وقد سبق للسيد غاري بلاك، رئيس مجلس إدارة شركة يانوش كابيتال الاستثمارية المتخصصة في هذا النوع من الأسهم أن عبر في العام الماضي عن قناعته بعودة هذه الأسهم إلى حظيرة الأسهم المفضلة .
ولما كان من المتوقع لوتيرة نمو الشركات الأمريكية، بعد أكثر من أحد عشر ربعا سنويا من معدلات نمو من خانتين، أن تشهد تباطؤا، فان مديري الصناديق الاستثمارية يقبلون على اقتناء أسهم النمو لأنها تعد بزيادات كبيرة في عوائدها. فقد تبين في نهاية الربع الأول من السنة من استطلاع للرأي أجرته مؤسسة راسل انفستمنت جروب الاستثمارية أن 70 في المائة من المديرين المستجوبين ينظرون نظرة إيجابية إلى هذا النوع من الأسهم، كما تبين أن أسهم شركات التكنولوجيا والصحة العامة هي الأسهم المفضلة على الرغم من أنها كانت الأسوأ من حيث تطور أسعارها خلال السنة الحالية، وفقا لمؤشر ستاندرد آند بورز.
ويستخدم هاستروم النسبة المتدنية تاريخيا للعلاقة بين الأسعار والأرباح لأسهم النمو كدليل لإثبات تغير المزاج في وول ستريت، حيث كانت هذه النسبة لأسهم الشركات الأمريكية المشمولة بمؤشر (روسل توب توهندرد انديكس) أقل من 17 في المائة بقليل، أي دون مستوى المعدل التاريخي البالغ 19 في المائة، وهو ما يجعل هذه الأسهم مغرية للاقتناء.
ومن الشركات الخمس الكبرى التي يتعامل صندوق هاجستروم الاستثماري في أسهمها شركات إنترنت مثل جوجل وياهو وأيبي وأمازون. ويقول هاجستروم في هذا السياق: " إن الانترنت، بسبب إمكانيات النمو الكامنة في شركاته، يمثل خير رهان في السوق " . ويذكر في هذا الصدد أن أسهم قطاع الطاقة والمواد الخام سجلت أعلى نمو في السنوات الماضية، ولتبرير المزيد من معدلات النمو المرتفعة، يجب أن تستمر أسعار الطاقة والمواد الخام في الصعود بنفس وتيرة صعودها حتى الآن، ويعتقد هاجستروم أن من غير المحتمل أن يحدث ذلك ولهذا فهو يتوقع عملية إعادة اصطفاف في أولويات البورصة.
أما بيتر هابلة، أحد زملاء هاجستروم، وهو يدير أيضا أحد الصناديق الاستثمارية في شركة ليج ميسون، فيعتقد كذلك أن تغيرا لا بد أن يحدث في ترتيب الأسهم المفضلة لمصلحة أسهم النمو. وهو يقول إن الأسهم الأساسية والأسهم الثانوية كانت ضمن مجموعات الأسهم المفضلة لدى المستثمرين طوال السنوات الماضية.
ويذكر على هذا الصعيد أن الأسهم الأساسية هي الأسهم المقيمة بأقل من قيمتها، وهي مقارنة بأسهم النمو ليس من المتوقع أن تتمكن من تحقيق أرباح عالية في الأجل الطويل. ومن بين الشركات الكبرى التي تنتمي أسهمها إلى هذه المجموعة شركات نفطية مثل إكسون موبيل، وبنوك مثل سيتي غروب، وشركات أدوية مثل بفيتسر. وقد تمكنت شركات النفط الكبرى، بسبب ارتفاع أسعار النفط في السنوات السابقة، أن تحقق، رغم كل شيء، نموا في الأرباح.
إن السياق التاريخي لا يدلل على أن من المتوقع للأسهم الأساسية أن تحقق، عبر الزمن، تطورا أفضل من أسهم النمو. حيث يقول راندي ليرت الاستراتيجي الأول في مجال الحقائب الاستثمارية لدى مؤسسة راسل، إن: "مديري الصناديق الاستثمارية يؤمنون بأن حالة عدم التوازن بين القطاعات المختلفة في السوق لا يمكن أن تستمر". وفي الوقت نفسه يرى هابله، أحد مديري شركة ليج ميسون أن تحسنا قد يطرأ على أسعار أسهم شركات الإعلام مثل وولت ديزني ونيوز كورب وكذلك بالنسبة لكبريات شركات الأدوية كشركة أبوت أو شركة جونسون أند جونسون .