"فيينا العقاري" يجذب 200 عارض من 21 دولة

"فيينا العقاري" يجذب 200 عارض من 21 دولة

إذا كان الحدث هو حلول الذكرى المائتين والخمسين لمولد الموسيقار العالمي موتسارت فمن الطبيعي أن تتجه أنظار العالم إلى العاصمة النمساوية فيينا. ولكن ما اجتذب الأنظار إلى فيينا كان حدثا مختلفا، إنه معرض فيينا العقاري الذي أوضح بجلاء أن تلك العاصمة الأوروبية المشرفة على نهر الدانوب هي المستفيد الأول من التطورات الأخيرة بعد أن نجحت فيينا في اجتذاب الشباب إلى جامعاتها ومشروعاتها البحثية منذ حصول معاهد التعليم العالي في البلاد على حالة من الاستقلال الذاتي قبل سنتين. واستوعبت الجامعات في هذه الأثناء ما بين 25 و30 في المائة من الطلاب الأجانب ومدت فيينا أوصالها كما لو كانت تجهز لصحوة عملاق. وهكذا أقيمت آلاف المشروعات في مجال التكنولوجيا المتقدمة وأنشئ مركز أوروبي للابتكار حتى احتلت فيينا والمعروفة بتعطشها للمعرفة المراتب الأولى في المؤتمر الدولي للمدن متفوقة على مدن أخرى منافسة مثل لندن وبرلين وشيكاغو.
وها هي فيينا الآن تقتفي آثار خطى المعارض العقارية الدولية مثل معرض ميبيم في كان ومعرض إكسبو ريال في ميونيخ. ومع أن معرضها صغير إلا أنه استقبل 3800 زائر ونحو 200 عارض من 21 دولة وبشكل خاص من دول وسط وشرق أوروبا، مضافا إلى ذلك أن بدايته كانت أنجح عملية افتتاح لمعرض عقارات. ويفسر مدير المعرض السيد ماتياس ليمبك من شركة ريد للمعارض وهي إحدى شركات ( ريد ميديم ) التي أشرفت أيضا على تنظيم معرض ميبيم في كان – يفسر الأمر قائلا إن معرض ميبيم موجه للأسواق العقارية الدولية بينما يخاطب معرض إكسبو رويال اهتمامات الألمان بشكل خاص مما أتاح الفرصة لمعرض عقارات فيينا أن يركز على أوروبا الشرقية. وهكذا فليس من الغريب أن يعرض في أول وأكبر معرض عقاري كل ما تنتجه النمسا من منتجات الشركات النمساوية ذائعة الصيت في مجال العقارات وحتى في مجالات التخطيط والتمويل. وقد كان لازدهار السوق العقاري دور فعال في إنجاح هذا المعرض. ويذكر في هذا الصدد أن إيجارات المكاتب قد نمت بنسبة 40 في المائة بحيث وصلت المساحات المؤجرة إلى 390 ألف متر مربع، مع تقلص المساحات الخالية إلى 6 في المائة فقط – مقابل 17 في المائة في مدينة مثل فرانكفورت الألمانية. من جانبه لم يترك رودولف شيكر كبير المستشارين في شؤون التطوير الحضري والمواصلات والأب الروحي لمعرض عقارات فيينا أدنى مجال للشك بأن معرض فيينا سيتكرر مستقبلا أيضا مرة في كل عام.
هذا ويكثر الحديث في هذه الآونة عن معجزة اقتصادية راهنة في أوروبا الشرقية منذ هيمنة عملة اليورو. وبعكس بعض المدن الكبرى في أوروبا الغربية تشهد فيينا نموا سكانيا ملحوظا خصوصا في الضواحي المحيطة بالمدينة وهو ما تعبر عنه القفزات التي سجلت في تطور القوة الشرائية. حيث بينت دراسة لجمعية بحوث السوق والمبيعات بأن فيينا شهدت منذ عام 1988 نموا في قوتها الشرائية قدره 2.1 في المائة بينما بلغ هذا النمو في الضواحي ما نسبته 15 إلى 20 في المائة. وتتكرر الصورة ذاتها في مدينة جراتس، حيث سجلت القوة الشرائية داخل المدينة نموا قدره 1.5 في المائة بينما كان في الضواحي 32 في المائة. أما مدينة سالزبورج فقد فقدت 2.4 في المائة من قوتها الشرائية بينما ازدادت تلك القوة في ضواحيها بنسبة 30 في المائة.
وبعد هذا كله فليس من المستغرب أن يتدفق الناس نحو النمسا لأن وظائف وأماكن عمل جديدة يجري تطويرها باستمرار، كما أن العديد من الشركات العالمية قد نقلت مقارها الرئيسية إلى فيينا، حيث يجتذب المناخ الضريبي المريح أيضا مئات من الشركات الألمانية. وكذلك يقدر أن مئات الملايين من عملة اليورو قد انتقلت إلى حسابات في البنوك النمساوية بعد أن ألغت حكومة ألمانيا الاتحادية السرية على الحسابات البنكية. وجاء في كلمة خاصة للرئيس النمساوي فولفغانج شوسيل بمناسبة المعرض العقاري: " بمعدل زيادة في الصادرات بلغ 45 في المائة منذ عام 2000 نكون قد تغلبنا حتى على ألمانيا كبطل العالم في التصدير " .
أن فيينا وليس برلين هي التي أصبحت المنطلق لآلاف من المستثمرين الدوليين ممن لهم التزامات في أوروبا الشرقية. وفي الوقت الذي تبحث فيه البورصة الألمانية، وهي في حالة من الالتباس، عن شريك لها في أوروبا تعقد بورصة فيينا اتفاقية تعاون بعد أخرى مع البورصات في شرق أوروبا، وتعتبر إحدى البورصات المفضلة لمسؤولي البورصات العالمية.
إن هذا الجو من التشجيع استقطب موجة من المشاريع الهائلة سيجري تنفيذها بالتعاون مع شركاء من جميع أنحاء العالم في فيينا القديمة والجديدة على حد سواء. ومن بين هده المشاريع يبرز واحد من أكبر مشروعات التطوير الحضري في أوروبا سيقام على أرض مطار أسبيرن السابق وبمساحة تبلغ 240 هكتارا. وفي جوار هذا المشروع يجري حاليا توسيع مطار فيينا بإضافة جناح جديد ومبنى للمكاتب على أحدث طراز لكي يصبح المطار مدينة طيران متكاملة . وفي وسط مدينة فيينا سيتم حتى عام 2012 بناء محطة جديدة للقطارات على مساحة 57 هكتارا لكي تصبح هده المحطة القلب النابض لحي جديد في المدينة يضم 5500 شقة سكنية جديدة، وعددا من الفنادق ومدينة مكاتب للشركات المالية والصناعية والإدارية ومراكز تسوق ومحطات تحت الأرض لتسهيل التنقل بين وسائط النقل المختلفة من قطارات أنفاق وقطارات مدينة وعربات ترام.
وتقول السيدة ميخائيلا شتاينكر المديرة التنفيذية لإحدى الشركات العقارية النمساوية: " مع التحول إلى نقطة تقاطع للمواصلات العالمية ستصبح محطة القطارات الرئيسية إضافة للمطار أهم واجهة لحركة النقل والترانزيت محليا وعالميا. وأشارت أيضا إلى أنه سيجري هدم قسمين من أقسام المحطة المركزية، كما سيتم تأهيل محطة فيينا الشمالية القديمة لتواكب متطلبات العصر الحادي والعشرين وبناء ضاحية جديدة ومركز جديد للشحن، وسيتم إنجاز كل هذه المشاريع في تناغم زمني مع افتتاح بطولة أوروبا لكرة القدم في أيار (مايو) عام 2008.

الأكثر قراءة