عودة الرغبة مجددا في الانضمام لليورو في وسط أوروبا وشرقها
مع انضمام سلوفانيا إلى منطقة اليورو في الأول من كانون الثاني (يناير) من عام 2007، ستصبح دول اليورو مجددا تمثل الأغلبية بين دول الاتحاد الأوروبي، 13 من أصل 25 دولة في الاتحاد الأوروبي، ستكون أعضاء في الاتحاد النقدي. وتبقى في المقابل 12 دولة خارج منطقة الاتحاد النقدي باليورو. ومع هذا فهو لا يُعتبر عدداً قليلاً، إذا أخذ المرء بعين الاعتبار أن اتفاقية السوق المشتركة تنص على وجوب انضمام دول الاتحاد الأوروبي كافة في العملة الموحدة طالما أنها قادرة على الإيفاء بالمواصفات الضرورية. وأخيراً توجد بعض الأمور التي تُمثل اختبارا اقتصاديا لتحديد مدى نضوج الدولة لتبني اليورو. ولكن عليها أن تتأكد بأن تطوّر حجم التضخم، وحجم الفوائد طويلة المدى، وأسعار الصرف، تتم بصورة متلائمة مع التطوّر في منطقة اليورو. إضافة إلى هذا، تفرض المواصفات وجود قاعدة تشريعية، والتي من المفترض أن تضمن استقلالية البنوك المركزية، وتداخلها في نظام اليورو. وفي النهاية من المفترض ضمان سياسة مالية ثابتة.
ولكن هل الدول الإثنا عشر التي لا تزال تحتفظ حتى هذه اللحظة بعملتها النقدية الوطنية ليست ناضجة بعد للانضمام إلى اليورو؟ لا يمكن قول هذا على نحوٍ عام، حيث تسري بعض الشروط الخاصة بالنسبة لبريطانيا و الدنمارك اللتين وافقتا على تشريعات خاصة، تعفيهما من الانضمام. وحكومة العمل البريطانية، التي لدى انضمامها إلى الحكومة في عام 1997 تركت خيار إطلاق عملة اليورو مفتوحاً، وبرغم هذا حفظت نفسها بعيداً عن تلك المخططات. وفي الدنمارك، لا يُتوقع الانضمام حتى الآن. وأما بالنسبة للسويد، فتكمن حالة استثنائية ثالثة في هذه المسألة، فإن الدولة لم تلتزم بالانضمام إلى الاتحاد النقدي. وهي بعيدة كل البعد عن الانضمام إلى اليورو، برغم أنها تفي بجميع شروط الانضمام القاسية حول معدلات التضخم و السياسات المالية. ومن وجهة نظر سياسة داخلية، فإنه لا يكاد يمكن تصور قبول ستوكهولم الانضمام إلى اليورو لأن أغلبية السكان يرفضون هذا الأمر ويدرك المرء في بروكسل مقر المفوضية الأوروبية أنه لا يمكن تبني عملة نقدية جديدة ضد رغبة المواطنين. ولهذا تراقب المفوضية حتى منذ عام 2004 عملية تكييف المواطنين على تقبّل عملة اليورو في دول الانضمام في وسط وشرق أوروبا بشكل دقيق، وتعمل على نشر الدراسات حول هذه القضية بشكل منتظم. وأشارت إحدى هذه الدراسات التي نشرت في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005 إلى نتائج أبهجت بروكسل: حينها توقّع نحو 38 في المائة من الذين خضعوا للاستفتاء، أن اليورو سيحظى بنتائج إيجابية. وتحسّنت هذه الصورة الآن بصورة ملحوظة.
وبناءً على النتائج التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، وهي محصّلة استفتاء "يورو بارومتر"، يرى الآن نحو 52 في المائة من المواطنين في دول الانضمام إلى اليورو الأمر على أنه إيجابي، ونحو 33 في المائة يرون أن الأمر سيؤدي إلى نتائج سلبية. وبالتالي فإن التوقعات ليست مبشرة بالآمال أكثر من الخريف الماضي، ولكن أفضل من العام الذي سبق، وإن التحول إلى تبني عملة نقدية موحّدة في دولة اليورو المستقبلية، سلوفانيا، يُعتبر إيجابياً على نحوٍ خاص، ومن المفترض ألا يكون مفاجأة.
ومن الأمور الجديرة بالملاحظة رغبة المواطنين في دولتين الانضمام لليورو لكن هاتين الدولتين مازالتا تبعدان عن شروط الانضمام وهما بولندا و المجر و يتوقّع البولنديون بنسبة 55 في المائة، و في المجر بنسبة 54 في المائة، نتائج إيجابية من اليورو بصورة كبيرة. وهذا جدير بالملاحظة، لأن هاتين الدولتين في الوقت الراهن تفتقدان مشهد الانضمام القابل للتصديق بالكامل. وتُعتبر الخزينة الهنجارية خاوية إلى أبعد حد، حيث من الممكن أن يفشل الانضمام على المدى القريب بالاعتماد على مواصفات شروط الانضمام وحدها. وفي بولندا، على خلاف ما هي الحال في دول الاتحاد الأوروبي الجديدة الأخرى، لا تُلمس الرغبة السياسية، في اتخاذ تاريخ محدد على المدى القريب للانضمام إلى اليورو.
ومن ناحية إيجابية، يتغيّر شكل التكيّف مع اليورو حتى في لتوانيا أيضاً، تلك الدولة، التي رفضت المفوضية الأوروبية انضمامها بسبب معدل التضخم المرتفع. وكان نحو 59 في المائة من السكان قد توقعوا في أيلول (سبتمبر) من عام 2005 نتائج سلبية لتبني اليورو، وبلغت النسبة في نيسان (أبريل) من عام 2006 نحو 41 في المائة، وفي المقابل بلغت نسبة المتوقعين لنتائج إيجابية 44 في المائة. وأظهرت الدراسة حتى فترة من الزمن، عندما قدّمت ليتوانيا طلب انضمام للأول من شهر كانون الثاني (يناير) عام 2007، ولكن لا يزال الردّ معلقاً. وتأخذ نتائج دراسة اليورو باروميتر دراسات أخرى بعين الاعتبار، التي بناءً عليها يرفض الشعب الليتواني بأغلبيته اليورو.
وبالكاد تغيّر أمر قبول الشعب في أستونيا وهي الدولة الثالثة التي أرادت الانضمام إلى منطقة اليورو في الأول من كانون الثاني (يناير) عام 2007 فحكومة تالين تبنت رأيا مختلفا عن لتوانيا المجاورة حيال أمر الانضمام، لأن معدل التضخّم في أستونيا في كل الحالات من الممكن أن يكون مرتفعاً جداً من حيث الانضمام السريع. وتريد أستونيا الآن، وكذلك بالنسبة لقبرص و مالطة الانضمام إلى اليورو في الأول من كانون الثاني (يناير) عام 2008.
ويتوقع نحو ثلث المواطنين فقط نتائج إيجابية عن اليورو، وهذه هي أسوأ النتائج حول الانضمام. ويشير تقرير للمفوضية حول التجهيز الفعلي لإطلاق عملة اليورو في الدول المعنية كافة، إلى أن كلتا الدولتين متخلفتان في أمور التجهيز التقني بصورة واضحة، وهذه التجهيزات تمتد من تركيب أنظمة استقبال الأموال، حتى تصميم الجهة الوطنية على عملة اليورو. وإضافة إلى هذا، فإن قبرص و مالطة بعيدتان إلى حدٍ كبير عن الوفاء بشروط الانضمام. و برغم هذه الشكوك و برغم الصعوبات الاقتصادية يُقدّر المواطنون في مالطة بنسبة 85 في المائة، وقبرص بنسبة 83 في المائة، بأن اليورو سيتم إطلاقه لديها حتى عام 2008 كأقصى حد. وحتى ذلك الحين نظّمت المفوضية إجراءات توعية، حيث يعّبر نحو 62 في المائة من سكان قبرص، ونحو 65 في المائة من سكان مالطة عن شعورهم السيئ حيال اليورو.
وفي أغلب الدول المرشّحة لليورو (باستثناء سلوفانيا)، فإن قيم الاستفتاء تلك متقاربة. ربما أن نقص المعلومات المتوافرة هي السبب وراء خوف المواطنين في كثير من الدول، ذلك أن إطلاق اليورو سيعمل على دفع الأسعار للأعلى. ولكن ربما أن لهم حق في هذا القلق.