الفنتوخ: 5 مجالات رئيسة لتقنية مثالية في مؤسسات التعليم العالي

الفنتوخ: 5 مجالات رئيسة لتقنية مثالية في مؤسسات التعليم العالي

الفنتوخ: 5 مجالات رئيسة لتقنية مثالية في مؤسسات التعليم العالي

في ضوء التسارع المستجد في تقنية المعلومات، وفي ضوء التنافس المتنامي إقليمياً ودولياً في هذا المجال قام فريق عمل دراسة "نظم تقنية المعلومات" كأحد محاور مشروع الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي بالمملكة العربية السعودية (مشروع آفاق)، بعمل ورشة عمل، يوم الإثنين الماضي في الرياض، بعنوان"التجارب المحلية والعالمية لنظم تقنية المعلومات وتوظيفها في مؤسسات التعليم العالي".
وتستمد هذه الدراسة أهميتها طبقا لما تم عرضه من وجود الحاجة الماسة إلى وضع نظام فاعل لتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات، وتبادل المعلومات الإدارية بين أجزاء ووحدات نظام التعليم العالي القائمة والمستقبلية، بهدف رفع مستوى الاستجابة في اتخاذ القرارات، والارتقاء بجودة العمل على جميع المستويات، وفي جميع المجالات المؤثرة في نظام التعليم العالي.
حيث تركز هذه الدراسة على استخدامات تقنية المعلومات وتوظيفها للرفع من جودة أداء مؤسسات التعليم العالي إدارياً ومالياً وفنياً، ودعم اتخاذ القرار فيها بما يدعم العملية التعليمية للوصول إلى آفـــاق أعلى.
افتتح الجلسة الدكتور محمد الغامدي عميد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية بتعريف بأهمية الدراسة وأنشطة المعهد ومشاريعه الاستشارية، بعد ذلك قدم الدكتور معن كوسة نبذة عن مشروع آفاق وتوجهاته ومستجداته. بعد ذلك استعرض الدكتور عبد القادر الفنتوخ رئيس الفريق الاستشاري الخطة العامة للدراسة ومنهجيتها ومحاورها الرئيسة. بعدها بدأت جلسة النقاش الأولى التي حاضر فيها الدكتور سعد الحاج بكر عن التجارب العالمية لأوضاع تقنية وأنظمة المعلومات في مجموعة من الجامعات العالمية في أقاليم مختلفة. بدأ بعد هذه المحاضرة المناقشات والمداولات والمقترحات لتعزيز النتائج والاستخلاصات المرجوة من الدراسة. أما جلسة النقاش الثانية فقد استهلها الدكتور خالد الحازمي عضو الفريق بطرح ما تم التوصل إليه من مسح وتحليل ومقارنة لأكبر خمس جامعات في السعودية، بعدها تم مناقشة تلك التحليلات حيث ركزت معظم المداخلات على التحديات التي تواجه التفعيل الأمثال للتقنية في مؤسسات التعليم العالي. أما الجلسة الثالثة فقد كانت عن آليات الربط المعلوماتي بين الجامعات السعودية ووزارة التعليم العالي التي قدمها كل من الدكتور إيهاب الرسن والدكتور صالح الفريح، بعدها تمت المناقشات والتعليقات التي استحسنت فكرة إنشاء شبكة ذات سرعة فائقة مخصصة للتعليم والأبحاث، وكذلك أهمية وضع معايير للتبادل المعلوماتي. وكانت جلسة الحوار الأخيرة التي قدمها كل من الدكتور عبد القادر الفنتوخ والأستاذ سعيد يحيى فقد كانت عن الموارد البشرية والهياكل الإدارية المطلوبة للاستفادة من تقنية المعلومات، وكذلك تم عرض الأصناف الرئيسة للأنظمة المعلوماتية المقترحة.
ولقد كان من أبرز الحاضرين الخبراء للتداول والنقاش في هذه الورشة إضافة إلى من تم ذكرهم سابقا كل من الدكتور محمد الأفندي والدكتور صادق سيت وعبد العزيز المعمر والدكتور سعد القصبي والدكتور عبد الله الموسى والدكتور عبد العزيز الزومان ويحيى الفيفي وحسن الشريف وأحمد عرابي وياسر البشير وسالم الردعان.

وعقب انتهاء ورشة العمل أجرت "الاقتصادية" لقاء مع رئيس فريق العمل الدكتور عبد القادر الفنتوخ، حول دراسة التجارب المحلية والعالمية لنظم تقنية المعلومات ومدى إمكانية توظيفها في مؤسسات التعليم العالي، وكان الحوار على النحو التالي:

أين تقع دراسة تقنيات المعلومات بين دراسات الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي؟
تستند الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي إلى ثلاث مجموعات من الدراسات. مجموعة تهتم بقطاعات التعليم التخصصية المختلفة، مثل: التعليم الهندسي، والتعليم الطبي، والتعليم التربوي، وغير ذلك. ومجموعة أخرى تُركز على الوظائف التي تؤديها مؤسسات التعليم العالي، مثل القبول والتسجيل، والعملية التعليمية، والدراسات العليا، والبحث العلمي، وغير ذلك. ثم مجموعة تختص بالقضايا التي يجب الاهتمام بها من أجل دعم قطاعات التعليم، وتطوير وظائف مؤسساته، مثل قضايا تقنيات التعليم، وتقنيات المعلومات، وغير ذلك. وهكذا فإن دراسة تقنيات المعلومات تأتي انطلاقاً من دور تقنيات المعلومات في دعم التعليم العالي وتطوير أداء مؤسساته. وتجدر الإشارة إلى أن دراسات الخطة تتطلع إلى مستقبل التعليم العالي في المملكة لسنوات طويلة مقبلة، وحتى عام 1450 هـ.

ولكن كيف تستطيع تقنيات المعلومات أن تكون بين قضايا دعم التعليم العالي وتطوير أداء مؤسساته؟
في مسألة دعم التعليم العالي وتطوير أداء مؤسساته، هناك جانبان للصورة: جانب نشاطات التعليم العالي، في مختلف تخصصاته، ثم جانب ما يُعطيه استخدام تقنيات المعلومات لهذه النشاطات من كفاءة وفاعلية وأداء متطور.
في جانب نشاطات التعليم العالي، هناك نشاطات رئيسة ترتبط بدورة المعرفة، وتشمل: توليد المعرفة بالبحث والتطوير، ونشر المعرفة بالتعليم والتدريب، ثم توظيف المعرفة بالاتصال مع قطاعات الإنتاج والخدمات المختلفة خارج مؤسسات التعليم العالي. وهذه القطاعات هي التي تُحول معارف الإنسان وأفكاره وإبداعاته إلى مُنتجات وخدمات، تُسهم في تطوير الدخل القومي، وتوفير الرفاهية للمجتمعات، وتحقيق التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى نشاطات التعليم العالي الرئيسة، هناك نشاطات أُخرى مُساعدة أو مُساندة، تدعم النشاطات الرئيسة وتُساعدها على تحقيق أهدافها. ومن ذلك على سبيل المثال، نشاطات القبول والتسجيل، ومنح وثائق التخرج، والإسكان وشؤون الطلاب المختلفة الأخرى؛ إضافة إلى نشاطات إدارة القوى العاملة، والإدارة المالية، وإدارة العلاقات الخارجية، وإدارة المكتبات، وغير ذلك. وتحرص مؤسسات التعليم العالي الناجحة على النشاطات المُساعدة حرصها على النشاطات الرئيسة، كي يكون الأداء مُتكاملاً يُفعل دورة المعرفة ويُحقق الأهداف المنشودة.

وفي جانب ما يُعطيه استخدام تقنيات المعلومات لهذه النشاطات من كفاءة وفاعلية وأداء متطور. فتقنيات المعلومات تُسهم في أداء النشاطات المختلفة، سابقة الذكر: الرئيسة منها والمساعدة، بصورة "أسرع" تزيد من فاعلية الزمن، وبتكاليف "أقل" تُعزز المردود، وبنتائج "أفضل" تُحقق الطموحات، وبأساليب جديدة تفتح "آفاقاً" غير مسبوقة، كما هو الحال في التعليم والتعلم عن بُعد، وبشكل "آمن" أيضاً يسمح باتخاذ إجراءات فعالة تحمي النشاطات المختلفة ومنجزاتها. ومن هذا المُنطلق، يُمكن صياغة فوائد تقنيات المعلومات بالصيغة (أ)5 التي تعبر عن مزاياها الخمس المطروحة هنا.

ولعل الشكل الأول المُقدم إليكم، يوضح دورة المعرفة، ويبين فوائد تقنيات المعلومات في تفعيل هذه الدورة ونشاطاتها الرئيسة والمساندة، بما يؤدي إلى دعم التعليم العالي وتطوير أداء مؤسساته.

لا شك أن لكل دراسة بداية أو رؤية تنطلق منها، كيف تم تحديد نقطة الانطلاق؟
تنطلق الدراسة عبر ثلاثة محاور مُتكاملة: محور أسس الدراسة وهو محور نشاطات التعليم العالي، في إطار دورة المعرفة، ودور تقنيات المعلومات في تفعيل هذه الدورة، وهو ما تحدثنا عنه في الإجابة السابقة، ثم محور مجالات الدراسة وأبعادها والعوامل التي ينبغي أخذها في الاعتبار، وأخيراً محور منهجية الدراسة والخطوات التي ينبغي تنفيذها للوصول إلى النتائج المرجوة في وضع التوجهات المستقبلية المنشودة.

ماذا تقصدون بمحور مجال الدراسة وأبعادها؟
في محور مجال الدراسة وأبعادها، وضعنا مبدأ يقضي بأن تتمتع الدراسة "بمنظور شمولي" يأخذ جميع العوامل الرئيسة المرتبطة بتقنيات المعلومات في الاعتبار. فالنظرة الشمولية إلى الموضوع تضم جوانبه المختلفة، وتُساعد على استنباط توجهات مستقبلية تأخذ كل العوامل المؤثرة في الاعتبار، ما يُسهم في نجاح هذه التوجهات في تحقيق أهدافها. وقد حرصنا على وضع هذه النظرة في "إطار مُنظم"، يُوضح مجالات هذه النظرة، والعوامل المختلفة المرتبطة بهذه المجالات، والعلاقات والتأثيرات بين هذه العوامل. فمثل هذه الإطار يُسهم في توضيح معالم صورة تقنيات المعلومات في مؤسسات التعليم العالي، ويُسهل قياس أوضاعها وتقويمها، وإجراء المقارنات فيما بينها.

وهل نجحتم في وضع الإطار المنظم الذي يُقدم النظرة الشمولية التي تتطلعون إليها؟
هناك "إطار تنظيمي شمولي" استخدم سابقاً في دراسات عديدة ترتبط بشؤون التقنية عموماً، وشؤون تقنيات المعلومات بوجه خاص. ولهذا الإطار خمسة مجالات رئيسة هي: "الاستراتيجية، والتقنية، والتنظيم، والإنسان، والبيئة المهنية"، ولعل الشكل الثاني المُعطى يبين صورة هذا الإطار بمجالاته الخمسة المتكاملة. وتجدر الإشارة إلى أن لهذه المجالات فائدتين رئيستين: أولاهما شموليتها، حيث إنها تستطيع استيعاب شتى العوامل المرتبطة بالموضوع، وثانيهما الصورة المُنظمة والمتكاملة التي تُقدمها لهذه العوامل، حيث يُساعد ذلك على الدراسة ووضع المؤشرات والمقارنة بين حالات مُختلفة، ومتابعة تطورات حالات معينة، وغير ذلك.

هل لكم أن تبينوا لنا المقصود بكل من مجالات هذا الإطار التنظيمي، أي "الاستراتيجية، والتقنية، والتنظيم، والإنسان، والبيئة المهنية"؟
تُعطي "الاستراتيجية"، الحالة "الهدف" المطلوب الوصول إليها خلال فترة "زمنية" محددة، و"التوجهات" اللازمة لذلك، مع أخذ "التقنية والتنظيم والإنسان والبيئة في الاعتبار". وتُعبر "التقنية" عن تقنيات المعلومات ووظائفها وتطبيقاتها وخدماتها. ويُبين التنظيم "التكوين الإداري" المسؤول عن تقنيات المعلومات ووظائفها وتطبيقاتها وخدماتها. أما "الإنسان"، فهناك الإنسان "المسؤول" عن التقنية ووظائفها وتطبيقاتها وخدماتها، وهناك "مستخدم" التقنية والمستفيد منها لتحقيق متطلباته في دعم النشاطات التي يقوم بها. ونأتي أخيراً إلى البيئة المهنية التي تشمل "الأنظمة" والقوانين المطلوب اتباعها، و"الممارسة" القائمة، والدعم بشتى أشكاله المادية والإدارية.

ولكن من الذي وضع هذا الإطار الشمولي المُنظم، ومن الذي استخدمه؟
قبل عشرين عاماً ظهرت دراسات دولية حول التقنية ودورها في تطوير المجتمعات تعتمد على إطار ثُلاثي يشمل "التقنية والتنظيم والإنسان". وبعد ذلك بنحو عشر سنوات تبنى الدكتور سعد الحاج بكري الأستاذ في كلية الهندسة، جامعة الملك سعود هذا الإطار وهو عضو فريق العمل وأضاف إليه "الاستراتيجية والبيئة المهنية" ليصبح إطاراً خُماسياً، أكثر شمولية، وأكبر قدرة على استيعاب موضوعات التقنية وعواملها المُختلفة. واستخدم الدكتور سعد هذا الإطار مع طلبته في دراسات شملت "الجاهزية الإلكترونية، والحكومة الإلكترونية، والتخطيط لشبكات المعلومات، وأمن المعلومات، وغير ذلك". وتم نشر هذه الدراسات في مجلات علمية دولية، ما أدى إلى انتشار هذا الإطار، وإلى استخدامه من قبل باحثين في جامعات أجنبية. ويُعرف الإطار حالياً "بإطار بكري STOPE" والأحرف الإنجليزية هي الأحرف الأولى من " الاستراتيجية والتقنية والتنظيم والإنسان والبيئة المهنية".

إذا كان الإطار التنظيمي يُسهل عملية تكوين الدراسة وطرحها بشكل مُتكامل، فماذا عن منهجيتها وخطوات العمل والنتائج المرجوة؟
تتضمن منهجية الدراسة بُعدين رئيسين: بُعد يرتبط بالموضوعات التي ينبغي طرحها، ثم بُعد يتعلق بتسلسل العمل والأساليب المتبعة للوصول إلى النتائج المرجوة.
تشمل الموضوعات المطروحة "نُظم تقنيات المعلومات في مؤسسات التعليم العالي، وتطبيقاتها واستخداماتها، والربط المعلوماتي فيما بينها". وتتضمن هذه الموضوعات أيضاً "المعايير العالمية لإدارة هذه النظم وتطويرها باستمرار"، إضافة إلى "الهياكل التنظيمية" لهذه الإدارة. وهناك جانبان رئيسان لطرح هذه الموضوعات: جانب "الوضع الراهن" من ناحية، وجانب "التوجهات المستقبلية المطلوبة" من جهة ثانية. وبالطبع لا يُمكن تحديد التوجهات المستقبلية دون فهم الوضع الراهن، سواء على الصعيد المحلي، أو على الصعيد الدولي، حيث هناك فروق كبيرة، وتجارب متعددة تستحق الدراسة والاستيعاب قبل الانتقال إلى التوجهات المستقبلية.
ونأتي إلى تسلسل العمل والمراحل المطلوبة لتنفيذه، فقد تم تقسيم العمل إلى أربع مراحل رئيسة. مرحلة "التحضير" ووضع خطة مُتكاملة للعمل، وقد تم إنجاز هذه المرحلة. ومرحلة "التوثيق" التي تهتم بشؤون المعلومات الخاصة بدراسة الوضع الراهن، وقد تم إنجاز هذه المرحلة أيضاً. ثم مرحلة "التحليل" التي تُركز على استيعاب معلومات الوضع الراهن والاستفادة منها، وهي المرحلة التي يجري تنفيذها حالياً. وأخيراً مرحلة استخلاص النتائج ووضع التوصيات بشأن التوجهات المستقبلية، ضمن إطار الموضوعات المطروحة. وفي تنفيذ هذه الخطوات يتم اتباع أسلوب التعاون والحوار المباشر. ولا يقتصر ذلك على أعضاء الفريق بل يشمل أيضاً عدداً من المستشارين والمهتمين وأصحاب الخبرات.

وماذا تطمحون إليه من هذا المشروع؟
نأمل بالطبع أن نُقدم توصيات حول توجهات المستقبل بشأن استخدام تقنيات المعلومات كوسيلة لتطوير التعليم العالي في المملكة، وتفعيل نشاطاته في "توليد المعرفة ونشرها والسعي إلى توظيفها". وستتطرق هذه التوصيات إلى "نُظم تقنيات المعلومات وتطبيقاتها واستخداماتها، والربط المعلوماتي فيما بينها"، وإلى "معايير إدارة هذه النظم وهياكلها التنظيمية". وسيتم طرح ذلك على أساس الإطار التنظيمي الشامل الذي يتضمن الاهتمام بالشؤون "الاستراتيجية" العامة، و"بالتقنية والتنظيم والإنسان والبيئة المهنية" على وجه الخصوص. وستسهم هذه الدراسة مع الدراسات الأخرى للخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في تطوير هذا التعليم نحو تحقيق الطموحات المنشودة بإذن الله.

الأكثر قراءة