الاقتصاد الإيطالي بحاجة ماسة لإحراز كأس العالم
"نتمنى أن تصل إيطاليا إلى المباراة النهائية، وأن تفوز ببطولة كأس العالم، وأن تفوز على ألمانيا منظمة البطولة "،
ليست هذه مجرد أمنيات وطنية تطلقها مجموعة من المشجعين، بل إنها نظرية اقتصادية يتبناها خبيران هولنديان من بنك إيه بي إن أمرو، تقول إن الفوز الإيطالي ستكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد العالمي.
وحتى الآن توجد عدة نظريات حول النتائج الاقتصادية بسبب بطولة كأس العالم المقامة حاليا في ألمانيا، وكلها تصب في اتجاه واحد: التأثيرات ضئيلة وغير ذات قيمة جديرة بالاهتمام. بضعة استثمارات هنا، والمزيد من السياحة هناك، بالطبع هذا لن يعمل على التأثير السلبي في الاقتصاد الألماني، ولكنه بالتأكيد لن يحقق زيادة في معدل النمو الاقتصادي الألماني المحلي بأكثر من 0.2 في المائة بأي حال من الأحوال.
ولكن كيف من المفترض أن تؤثّر نتيجة مباريات كأس العالم في الاقتصاد العالمي؟ يوضح الخبيران الهولنديان روبين فان ليوفين، وشارليز كالشوفين، تلك النظرية بأسلوب سيئ. وتظهر حججهما على النحو الآتي: عندما تحمل إحدى الدول لقب بطل العالم في بطولة كأس العالم لكرة القدم، يؤثّر هذا في معدل النمو في الدولة المعنيّة بصورة إيجابية.
هذا مؤكّد تاريخياً: إذ يبلغ معدل النمو لعام بطولة كأس العالم لكرة القدم في دولة حاملة اللقب أعلى في المعدل مقارنةً بالدول الخاسرة لدى المباريات النهائية. ويعتمد هذا على ثقة المستهلك المرتفعة عقب مباريات كأس العالم. وثالوث أبسط: حيث يتحسّن المناخ الاقتصادي عقب نصر بطولة كأس العالم، عندها يستهلك الأفراد أكثر، وبالتالي يرتفع حجم الطلب الداخلي.
وكإثبات تجريبي مرافق للتأثيرات الحيوية الناتجة عن بطولة كأس العالم على الاستهلاك، يشير الخبير إلى أن الاستهلاك الهولندي من المشروبات للفرد الواحد، حيث بلغ معدل الاستهلاك في الأعوام التي شاركت فيها هولندا ببطولة كأس العالم، نحو 85 لترا للفرد الواحد. وفي الأعوام التي لم تشارك بها هولندا في بطولة كأس العالم سجّلت النسبة نحو 75 لترا فقط.
ولكن ما علاقة هذا ببطولة كأس العالم؟ إن المشكلة الرئيسية الحالية، حسبما جاء عن فان ليوفين وكالشوفين، تكمن في عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة، حيث لا بد من العمل على تقليص حجم العجز في الميزان التجاري الأمريكي، لهذا فإن المفتاح متمركز في أوروبا، فإذا ازدهر الاقتصادان الآسيوي والأمريكي، تخلّف عنهما الاتحاد الأوروبي.
حالياً ارتفع حجم الطلب الداخلي في أوروبا، وارتفع حجم التصدير منطقياً إلى الأقاليم الأخرى، ولكن ليس إلى الولايات المتحدة: ومن الممكن أن يعمل الطلب من أوروبا على معادلة حجم الطلب الداخلي الأمريكي العاجز، ويمكن للآسيويين أن يحوّلوا استيرادهم من أمريكا إلى أوروبا. ويقول الهولنديان: "ومن وجهة نظر الموازين المتعادلة في العالم يُؤخذ بعين الاعتبار، بأنه من المفترض أن تصبح إحدى الدول الأوروبية بطلة العالم في بطولة كأس العالم لكرة القدم".
ولكن هل يمكن القول في الحقيقة، إن نظرية حاملة لقب بطل كأس العالم لإحدى الدول الأوروبية قادرة على تقليص معدل عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة، نظرية جريئة للغاية. وبناءً على بنك ABN Amro ، هذه الدولة الأوروبية ليست أي دولة، ولكن يجب أن تكون إيطاليا. دولة واحدة فقط يتم طرحها في السؤال، بحيث يمكن لطلبها الداخلي أن يحقق تأثيراً واضحاً في الاقتصاد العالمي.
ومن بين الدول الأوروبية الكبرى الخمس يستثني ليوفين وكالشوفين بريطانيا، وإسبانيا، حيث يحقق كلا البلدين اليوم نمواً اقتصادياً منتظماً وهما متقاربان من حيث القدرة الكامنة، ولا يحتاجان إلى دوافع وحوافز إضافية. تبقى فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا. وبناءً على الرأي الهولندي، من المفترض أن يتم تأهل الدولتين الأخيرتين؛ ألمانيا، وإيطاليا، للمباراة النهائية، حيث إنه لطالما كان النمو الاقتصادي الفرنسي خلال الأعوام الماضية ضعف حجمي النمو الألماني والإيطالي.
وعلى ما يبدو أن الخبيرين غير قادرين على التحكيم، وإعطاء قرار صائب ما بين ألمانيا وإيطاليا، وفي الوقت ذاته بالكاد يمكن معارضة محصلتهما: "كلا الاقتصادين في دولتين تتميزان بنمو اقتصادي بطيء، وأسواق عمل غير مرنة، ونسبة بطالة مرتفعة، وأنظمة مالية بلا هدف. كلاهما يتجاوزان مباشرةً منذ عدة أعوام حدود المديونية الجديدة لميثاق الاستقرار، وخططهما في إعادة الهيكلة الاقتصادية هزيلة. إضافة إلى أن الفئة السكانية الغالبة في كل من البلدين هرمة إلى حدٍ كبير".
إذاً من الضروري بالنسبة لألمانيا وإيطاليا الوصول إلى لقب بطلة العالم. ولكن من الطبيعي أن الهولنديين لا يريدان لأشقائهم الألمان أن يحظوا باللقب، وهم يبررون هذا، إلى أن ألمانيا لا تحتاج إلى نصر كأس العالم بصورة ملحة. فقد تمتّعت بحوافز بطولة كأس العالم في ألمانيا إلى حدٍ ما عن طريق تأثيرات الاقتصاد المذكورة، بالنظر إلى البناء الجديد للملاعب، والسيّاح الإضافيين. وتحسّن المناخ الاقتصادي مباشرةً، كما يشير مؤشّر مؤسسة أيفو – Ifo المرتفع، لهذا فإن إيطاليا تحتاج إلى دوافع بطولة كأس العالم بصورة ملحة أكثر.
ولكن تبقى بعض الأسئلة، هل بالفعل تؤثر الدوافع الاقتصادية في الدولة بصورة أقوى كلما كانت الدولة بحاجة إلى تلك الدوافع أكثر؟ وهل بالفعل تمتلك بطولة كأس العالم في دوافع أصلاً؟ وفي حالة الإيجاب: هل ينتقل هذا الدافع بتأثيره في اقتصاد العالم بصورة ملحوظة؟ وهل يُعتبر من الضروري، تقليص حجم عجز الميزان التجاري الأمريكي؟ ربما لن تحدث كارثة إن فازت ألمانيا أو حتى هولندا بلقب بطل كأس العالم.