العرض والطلب والعنصر الجيوسياسي والأمني تسيطر على أسعار النفط
العرض والطلب والعنصر الجيوسياسي والأمني تسيطر على أسعار النفط
مع استمرار العوامل السياسية والأمنية في لعب دور في تحديد تحركات الأسعار هذا الأسبوع إلى جانب النقاش المستمر حول عناصر العرض والطلب، إلا أن السوق ستعطي انتباها خاصا إلى النرويج، ثالث أكبر مصدر للنفط الخام بعد السعودية وروسيا، وذلك لمعرفة إلى أي مدى سيتسع نطاق عمليات الإضراب التي قام بها بعض العاملين في ميدان الخدمات خاصة مجال الحفر، على معدل الإمدادات النفطية النرويجية إلى السوق.
فالإضراب الذي بدأ الأسبوع الماضي لم يكن له تأثير فوري، ولكن رابطة منتجي النفط النرويجية حذرت في بيان لها الأسبوع الماضي، من أن الإضراب إذا استمر سيكون له تأثيره على المدى البعيد. فقد توقفت حفارتان الأسبوع الماضي عن العمل بسبب الأضراب، وهناك نحو 30 ألف عملية مخططة في مختلف ميادين الصناعة النفطية يمكن أن تتأثر بصورة أو أخرى خاصة الحفارات. فتوقفها في هذا الوقت بالذات، وهو أنسب الأوقات للقيام بأعمال الحفر والتنقيب سيكون له انعكاساته المستقبلية إذا طالت فترة التوقف. وبدأ العاملون في ميدان الخدمات في 87 حقلا اضرابا الأسبوع الماضي مطالبين بتحسين للرواتب وشروط العمل ومن بينها إعطاء أربعة أسابيع عطلة مقابل أسبوعي عمل أسوة بما تشهده قطاعات أخرى في النرويج.
أسعار النفط اختتمت الأسبوع الماضي بارتفاع في آخر يومين على التوالي وذلك إثر الأرقام التي وردت حول حجم المخزون من البنزين، الذي جاء أقل مما كانت تتوقعه السوق في الوقت الذي تتزايد فيه المؤشرات على النمو في الطلب، هذا إلى جانب تغير النبرة الإيرانية فيما يتعلق بالكيفية التي سيتم بها تناول ملفها النووي وإمكانية وقف التخصيب الذي تطالب به الدول الغربية ونجحت في حمل الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن إلى جانب ألمانيا في طرح مشروع جماعي لإيران ردت عليه بإيجابية من ناحية مبدئية، لكنها أرجأت ردها النهائي حتى الأسبوع الثالث من آب (أغسطس) المقبل، في الوقت الذي ترغب فيه الولايات المتحدة في الحصول على الرد الإيراني في منتصف الشهر المقبل كحد أقصى. وقام نائب المفوض الإيراني الخاص بالمفاوضات جواد فايدي بتصحيح تصريح نسب إليه في الصحافة الألمانية عن عزم إيران التوقف عن عمليات التخصيب أثناء فترة المفاوضات، موضحا أن طهران لا تعتزم وقف عمليات التخصيب لا كمقدمة ولا نتيجة للمفاوضات.
على أن التأثير الرئيسي على الأسعار جاء إثر نشر الأرقام الخاصة بمعدلات المخزونات، التي أوضحت أن حجم المخزون من البنزين جاء أقل مما كانت تتوقعه "وول ستريت". فإدارة معلومات الطاقة الأمريكية قالت إن مخزونات البنزين زادت 300 ألف برميل فقط إلى 213،4 مليون برميل وذلك خلال الأسبوع المنتهي في السادس عشر من هذا الشهر. ويبدو أن هذه الزيادة التي جاءت أقل مما تتوقعه السوق إنما تعود إلى زيادة في الطلب وتراجع في حجم الإمدادات. من ناحية أخرى، فإن الطلب على البنزين بلغ الأسبوع الماضي 9.41 مليون برميل يوميا، بزيادة 0.9 في المائة عما كان عليه الوضع قبل عام، وهو ما دفع بنك باركليز إلى الإشارة في تحليل له إلى أن الحديث عن تباطؤ في الطلب يبدو سابقا لأوانه.
كذلك شهد تداول آخر يومي عمل الأسبوع الماضي بروز بعض المتاعب التي واجهت الناقلات خاصة قرب لويزيانا بسبب تسرب كميات من النفط أثرت على الحركة البحرية في تلك المنطقة.
أسعار الغاز الطبيعي من ناحيتها سجلت تراجعا وذلك بعد الإعلان عن حقن 79 مليار قدم مكعب في الكهوف الموجودة تحت الأرض وذلك مقابل 77 مليار قدم تم حقنها في الأسبوع الأسبق و80 مليارا في الأسبوع المقابل من العام الماضي و 93 مليار قدم كمتوسط خمس سنوات. أما المخزون من النفط الخام فزاد بنحو 1.4 مليون برميل إلى 347.1 مليون برميل، الأمر الذي دفع بالمخزونات إلى أعلى معدل لها منذ ثماني سنوات. لكن ذلك لم ينعكس بصورة واضحة على تحركات الأسعار، وذلك لأن المخزون تركز في مناطق الساحل الغربي، التي تعتبر من الناحية الإحصائية أقل أهمية من الساحل الشرقي المتعطش لمختلف أنواع الطاقة.
ومن جانب آخر، فإن الأرقام الواردة من اليابان، وهي ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، أشارت إلى تراجع في حجم الواردات خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي بمقدار الربع، وإلى أقل معدل لها منذ عامين، ولو أن جزءا من الأسباب يعود إلى عمليات الصيانة. كذلك فإن الأرقام الأولية الواردة من الصين تشير إلى تراجع في حجم الواردات
خاصة من غرب أفريقيا، ويعود ذلك إلى أن معدلات الطلب لم توافق التوقعات السابقة.
ومن الناحية الأخرى فإنه بالإضافة إلى وضع السوق المشدود في الجانب المتعلق بالإمدادات، فإن عنصر الأعاصير التي تشهدها منطقة خليج المكسيك سيلعب دوره خلال فترة الأسابيع القليلة المقبلة ومع بداية الموسم. ولو أن المركز الوطني للأعاصير أوضح نهاية الأسبوع الماضي أنه مع احتمال تطور الأعاصير إلى زوابع إلا أن منطقة خليج المكسيك مرشحة أن تبقى خارجها خلال الفترة الأولى على الأقل.
وهكذا ففي الوقت الذي تتأرجح فيه عوامل العرض والطلب ووجود العنصر الجيوسياسي والأمني في خلفية المشهد خاصة فيما يتعلق بوضع الإمدادات من نيجيريا، العراق وربما إيران والقرارات المتعلقة بالأسعار، فإن النطاق الذي ظلت تتحرك فيه وهو 68 - 73 دولارا للبرميل الذي ظل سائدا لفترة الأسابيع الستة المنصرمة يرشح له أن يستمر للفترة المقبلة.
<p dir="rtl" align="center"><font color="#0000FF"><font size="2">تقرير</font><font size="2">أسبوعي تنشره </font></font><font size="2"><font color="#FF0000">"الاقتصادية"</font><font color="#0000FF">مع بدء استئناف أسواق النفط الدولية اليوم</font></font></p>