الليلة المشؤومة في المحيط الأطلس الشمالي
أكثر من مليار ونصف مليار دولار حققتها تلك الليلة السوداء التي واجهها ركاب السفينة المنكوبة التايتنك في مطلع القرن في أقوى أفلام القرن الجديد محققاً شعبية واسعة مع وجوه ونجومية كبيرة للممثلين الذين قاموا بأداء الأدوار الرئيسية في هذا العمل الملحمي الذي صرفت له الميزانية الضخمة وكانت النتائج على أفضل ما يتوقعه القائمون على هذا العمل، 12 أيار (مايو) 2006 كان الموعد مع ولفنج بيترسن وعمله الجديد Poseidon والتي تدور أحداثه في العصر الحديث المواكب لأيامنا هذه، حيث تقع كارثة شبيهة من كوارث غرق السفن البحرية السياحية والتي تشكل أكبر المآسي التي من الممكن أن يجابهها المرء ولا سيما في رحلة سياحية يسعى من ورائها الراكب إلى الترفيه عن نفسه وعن عائلته فيواجه الموت المحتم.
ورنر بروس تقدم عملها الجديد مع المخرج ولف بيترسن ونخبة من نجوم هوليود المخضرمين ولا سيما مع وجود كيرت راسل جوز لوكاس إيمي راسن.. ونخبة من النجوم المشاركين في العمل. القصة لمارك برتسيفيتش الذي سيحبس الأنفاس عند المشاهدين في قصته الجديدة التي تدور أحداثها في ليلة السنة الجديدة على متن السفينة العملاقة الأحدث في العالم Poseidon والتي تتميز بفخامتها ورقي تجهيزاتها وغرفها والخدمات المقدمة في داخلها سيروي هذا العمل الجديد حكايات لـ 12 قصة مختلفة داخل هذه السفينة التي تتضمن أكثر من 800 غرفة و13 طابقا من المسافرين الذين يسعون لليلة رأس السنة مميزة يقبلون بها على العام الجديد. سيناريو القصة مختلف تماماً عما عرفناه مع فيلم التايتنك بل هناك ديباجة مختلفة تدور حول قصة مختلفة يشترك فيها الاثنين حول كوارث السفن التي تغرق في المحيط الأطلسي الذي يبدو أنه يأخذ الصورة النموذجية السلبية في كونها مقبرة للأحلام، السفن الضخمة الراقية التي تتحداه بإمكانياتها والتكنولوجيا الحديثة التي تستعملها إلا أنه يتغلب دوماً عليها.
هذه المرة السفينة تغرق من جراء موجة ضخمة عاتية تؤدي إلى قلب السفينة رأساً على عقب مما يؤدي إلى غرقها مباشرةً مع ما تحمل هذه الفكرة من مشاهد إنتاجية ضخمة سوف تؤثر في الجمهور نظراً للبراعة التي نفذت بها من خلال نخبة من المتخصصين، الأحداث والتفاصيل الفعلية تبدأ مع نجاة مجموعة من الركاب داخل السفينة التي غرقت إلى قاع المحيط، حيث تبدأ المغامرة الحقيقية للنجاة ومواجهة الموت في سبيل الحفاظ على الحياة الغالية التي لا يشعر المرء بقيمتها إلا عندما يواجه مخاطر الموت الحقيقي.
يقول المخرج إن الدافع الرئيسي للإنتاج هو الحالة العلمية الواقعية التي تتناولها قصة الفيلم والمتعلقة بالأخطار الطبيعية التي تتعرض لها السفن في القسم الشمالي من المحيط الأطلسي، حيث إن هناك تقارير صادرة من رادارِ حقلِ نفط بحر الشّمالِ واحد تُشيرُ إلى وجود ما يقارب 500 موجةِ خطيرةِ تشكلت في السَنَوات الـ 12 الماضية، ويشكل هذا الرقم خطراً كبيراً على سير هذا الخط الذي يهدد السفن بالهلاك، ويؤكد التقرير أن هذه الموجات البحرية العاتية كانت السبب الرئيسي في غَرقَ 200 سفينة شحن وركاب في السَنَوات الـ 20 الأخيرة، هذا إضافة عموماً إلى الطقس القاسي التي تشهدها هذه المساحات البحرية الشاسعة في مثل هذه الفترات من السنة.
تقنياً كان هناك مواجهة فعلية لدى طاقم العمل على إنتاج مؤثرات خاصة تفوق ما ورد في فيلم التايتنك بمراحل، غير متناسين التكاليف الباهظة آخذين في عين الاعتبار عدم المبالغة في هذا المجال، فعملية إنتاج المحيط وطوابق كاملة من المياه والرياح والعواصف المصاحبة لتنفيذ السفينة التي تتضمن أكثر من 13 طابقا وتتسع لأكثر من أربعة آلاف راكب وغرفها ومشاهد غرق هذه السفينة إضافة إلى العديد من الأمور التقنية الرئيسية التي من شأنها أن توصل هذا العمل إلى بر الأمان.
منظومة الـ CGI كان لها الدور الكبير، هذا إضافة إلى 600 طلقة تأثيرات خاصة قد خضع لها المركب وبعض التأثيرات الخاصة الشديدة التعقيد التي ترتكز على قواعد فيزيائية خاصة، المحيط نفذ عبر عمل مزدوج لواقع حقيقي مع تأثيرات CGI إذ قام المخرج بتنفيذ مسبح ضخم كبير بعرض ثمانية أقدام وعمق 22 قدما احتاج إلى 90 جالون من المياه، هذا إضافة إلى العديد من المولدات الكهربائية الضخمة القادرة على توليد موجات متناسبة ومتراكمة عبر مجموعة من الآلات الخاصة في هذا المجال، هذا إضافة إلى التعقيدات التقنية الخاصة بالديكور الفعلي للسفينة احتاج إلى بناء خمسة طوابق في هذه المركبة ومجهود مائة شخص استعملوا 75 باوند من الفولاذ ومائة ألف طقم من الخشب لإتمام أضخم المنشآت لتصوير مشاهد فعلية واقعية عن الفيلم موضع الحديث الذي أنفقت عليه شركة ورنر العالمية الميزانية الضخمة ليأتي على مستوى الآمال المعقودة عليه في سلم العائدات، الأمر الذي يرشحه العديد من النقاد ولا تعكسه الأرقام ولا سيما بعد انقضاء أكثر من أسبوعين على بداية عرضه في الصالات الأمريكية مع عائد مالي اقتصر فقط على 44 مليون دولار أمريكي.
Poseidon هو من الأعمال السينمائية الجديدة التي يرجح عليها تحقيق علامة فارقة في عام 2006، هذا إضافة إلى كونها نفذت لتشاهد أيضاً داخل صالات العرض IMAX إلا أن تكرار المحاولة لأي قصة في أي مضمار لا تنجح عادة مع الجمهور المتململ دائماً ويسعى نحو مشاهدة المواضيع الجديدة والمميزة والتي تأتي بالمزيد من التشويق.