المستثمرون يصابون بخيبة أمل من صناديق الأدوية والتكنولوجيا

 المستثمرون يصابون بخيبة أمل من صناديق الأدوية والتكنولوجيا

لم تتمكن صناديق الاستثمار في مجال صناعة الأدوية وأبحاث التكنولوجيا الحيوية من إقناع المستثمرين طوال الجزء الذي انقضى من هذه السنة: حيث خسرت منتجات هذه الصناديق خلال العام الحالي ما معدله 10 في المائة وفقا لمؤسسة (مورننج ستار) المتخصصة في تحليل نتائج صناديق الاستثمار. وبالمقابل فإن الصناديق الأخرى التي استثمرت في أوراق مالية أوروبية عادية حققت خلال هذا العام في المتوسط ربحا قدره 2.5 في المائة. ويبين ميزان صناديق التكنولوجيا الحيوية حتى الآن أن النتائج ستكون بائسة أيضا في الأجل الطويل. والجدير بالذكر أن خسارة الصناديق تخطت نسبة 46 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية في الوقت الذي استطاعت فيه صناديق الاستثمار الأوروبية الأخرى أن تسترد عافيتها بعد خسارة بسيطة لم تتجاوز نسبتها 2.3 في المائة.

وفي هذا السياق يقول بيورن دريشر من مؤسسة (دريشر أند ساي):
" هبطت قيم الأوراق المالية لصناديق الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية مع بداية القرن الجديد دون أن تتمكن من استعادة ما خسرته بالكامل مع موجة ارتفاع أسعار الأسهم بعد نهاية حقبة الاقتصاد الجديد". غير أن دريشر مقتنع، شأنه في ذلك شأن غالبية خبراء مجال الأدوية والتكنولوجيا الحيوية، بأن هذه المنتجات كخليط في الحقائب الاستثمارية لها ما يبررها على المدى الطويل. ومن الملاحظ أيضا أن الفارق بين صناديق التكنولوجيا الحيوية وصناديق الصناعات الصيدلانية لم يعد واضحا، ولهذا يقول ماركوس مانز مدير صندوق الاستثمار لدى شركة (يونيون انفستمنت): " إن الشركات الصيدلانية تقوم، ضمن خطة محددة، بشراء شركات صغيرة تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية ". أما خلفية ذلك فهو أن الصناعة الصيدلانية نادرا ما تأتي بابتكار جديد خاص بها في الوقت الذي أصبح فيه حقوق إنتاجها للأدوية الأكثر بيعا في الأسواق على وشك النفاذ. ويقول دريشر: " إن أكثر من نصف الأدوية الجديدة المصرح بها هي من نتاج البحوث في مجال التكنولوجيا الحيوية، مما يترتب على ذلك تزايد اهتمام كبرى الشركات الصيدلانية بشركات التكنولوجيا الحيوية الفتية".
إن هذا يعني بالنسبة إلى المستثمرين أن عليهم الانتباه عند اختيارهم للصناديق: ففي العديد من صناديق الاستثمار في المنتجات الصيدلانية توجد أوراق مالية للتكنولوجيا الحيوية، ومن ثم فإن بوسع من أراد أن يستثمر في التكنولوجيا الحيوية ويقلل من المخاطر ما أمكن في حقيبته الاستثمارية فإن صناديق الاستثمار في المنتجات الصيدلانية التي تنوع من استثماراتها هي خير ملاذ له. غير أن هذه الصناديق تميل عادة إلى الاستثمار في الأوراق المالية لشركات التكنولوجيا الحيوية الكبيرة، التي من المعروف أن فرص ارتفاع قيمها تظل محدودة أكثر من فرص قيم الأوراق المالية لشركات التكنولوجيا الحيوية الصغيرة ولكن المخاطر في الشركات الصغيرة أكبر بكثير مما هي في الشركات الكبيرة. ويقول دريشر تعليقا على ذلك:
" كذلك في السنوات الماضية ، التي لم تكن مواتية لقطاع التكنولوجيا الحيوية كانت ثمة بعض الشركات التي حققت أرباحا بلغت 200 في المائة خلال سنة واحدة ". وهو يعتقد أن على من يستثمر في الصناديق المتخصصة في هذه الشركات أن يتمتع بكثير من الصبر وطول الانتظار لأنه مهما كانت فرصها في تحقيق الأرباح فهي عرضة في الوقت نفسه للتقلبات والهزات.
ومهما يكن الأمر فإن قطاع التكنولوجيا الحيوية بحاجة إلى فترة زمنية أطول لكي يتمكن من تحقيق النجاحات المتوقعة منه بعد فك أسرار الجينات البشرية. وبحسب ما يرى الخبراء فستمضي سنوات عديدة قبل التمكن من تطوير منتجات دوائية تكون مواكبة لهذه التطورات. وإضافة إلى خيبة الأمل هذه كانت ثمة خيبة أمل مماثلة عامة بعد الحماس المنقطع النظير الذي رافق الاقتصاد الجديد الذي أدى عام 2002 إلى انهيار صناديق الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الحيوية، حيث هبط مؤشر ناسداك للتكنولوجيا الحيوية من نحو 1600 إلى 400 نقطة بحيث لم يستطع نصف الصناديق تقريبا من البقاء على قيد الحياة بعد هذا الهبوط في الأسعار. والحقيقة أن هذه الذكرى الأليمة ليس وحدها الكفيلة بأن تشكل مناسبة لحث المساهمين على القيام باستقصاءات منتظمة للصناديق التي يرتبطون بها بل إن على المستثمرين، حسب ما يرى الخبراء، أن ينتظروا عشر إلى خمس عشرة سنة. ولأن التغييرات بين المديرين قد تسارعت في هذه الأثناء ولأن كفاءات مديري الصناديق تعتمد أيضا، ولو جزئيا، على دورة البورصات، فلا بد للمستثمرين أن يراقبوا أداء صناديقهم بانتظام وأن يعيدوا النظر في استثماراتهم في حالة حدوث تغيير في الإدارة أو في حالة حدوث تراخ في أداء إدارة الصندوق. وبناء على ذلك، وان لم يكن أيضا لأسباب تتعلق بالربحية، يصبح من المهم عدم دفع كامل قيمة علاوة التكاليف دفعة واحدة وإنما التفاوض مع المستشارين على كيفية التسديد بحيث لا ينبغي لأي عميل أن يسدد هذه العلاوة بالكامل.
ويبدو أن دريشر على قناعة تامة بأن بالإمكان الآن، وليس بالضرورة على الفور، شراء صناديق استثمار في التكنولوجيا الحيوية، " وذلك في ضوء التطور الأقل من المتوسط لأوراقها المالية في السنوات الماضية في أسواق تميزت مع ذلك بالنمو. وبالتالي فإن العديد من الأسهم مقيمة الآن بأقل من قيمتها الحقيقية، وهو ما جعل بعض مديري صناديق الاستثمار، المتخصصين في اقتناء الأسهم المناسبة، يحتفظون في حقائبهم الاستثمارية بمثل هذه الأسهم أيضا ولو على المدى المتوسط. أما توماس بورتيج رئيس فريق محللي صناديق الاستثمار في مؤسسة (اتش سي ام) لإدارة رؤوس الأموال فيقول: " ولكن لا ينبغي لكل مستثمر أن يستثمر بالضرورة في صناديق الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية، لأن منتجات هذا القطاع منتجات متخصصة وهي موجهة لمتخصصين وليس للمستثمرين العاديين الذين لا تتوافر لديهم المعارف الضرورية في هذا المجال".

الأكثر قراءة