"سيجما 6": تطبيقات على المنشآت الخدمية والصناعية (3 من 3)
تظـل "سيجما 6" في بعض الأحيان إحدى أكثر الاستراتيجيات غير المفهومة حتى يتم لها تحقيق النجاح في عالم الأعمال. ويكمن عدم الفهم في أن تطبيق ذلك الأسلوب يحتاج إلى متطلبات سابقة، منها: معرفة العملاء، ومتطلباتهم، ومعرفة وحدة التحليل، وتحديد الفترة المُراد دراستها، ومعرفة أنواع العيوب وعددها. ورغم أن العيـوب تنقـص كلما تحسنت العمليـة، فإن "سيجما 6" تركز على "العملية التي يتم بها حذف العيوب" أكثر من العيوب نفسها.
ومن الملاحظ أنه يجب على الشركات أن تركز على العمليات أكثر من النتيجة الأخيرة، وذلك لأن النتائج النهائية تتحدد نتيجة لما يحدث أثناء العملية. وعندما يتم تأسيس الأعمال بشكل أفضل، يمكن التخلص من فرص حدوث العيوب قبل أن تحدث. وبتخفيض نسبة الانحرافات أثناء التأسيس للمنتجات والخدمات إلى أقل مستوى، يمكن لأي نشاط أن ينجز جودة بمستويات أعلى حتى تصل إلى مستوى "سيجما 6". ويمكن تحسين تكلفة وربحية كل وجه من أوجه العمل بشكلٍ كبير باستخدام استراتيجية "سيجما 6".
ومن المعروف أن من أوائل الشركات التي استخدمت أسلوب "سيجما 6" شركة "موتورولا"، حيث نشأت الحاجة إلى أسلوب "سيجما 6" عام 1979م في تلك الشركة، وذلك عندما تبين لها أن هناك مشكلة حقيقية في أن جودة منتجاتها تخفق إخفاقا ذريعاً مقارنة بمستويات جودة الأداء في المنشآت الصناعية المماثلة، وأنه يجب على إدارة الشركة تدارك الموقف، ودراسة العلاقة بين الجودة العالية والتكاليف الأقل في صناعة المنتجات وتقديم الخدمات، مع التركيز على معرفة مكامن العيوب وكيفية تقليلها، حيث إن وجود تلك العيوب يؤثر في رفع تكاليف التشغيل وزيادة معدلات عدم رضا العملاء عن المنتج، مما يقلل من حصص السوق للشركة، ويضعها في مستوى أدنى من الناحية التنافسية.
وتُعَدُّ شركة موتورولا من أهم وأشهر الشركات التي وضعت منهجية "سيجما 6". ورغم أن بعض المؤلفات ذكرت أن البداية الأولى لتطبيق مبادرة "سيجما 6" للجودة في شركة موتورولا كانت في منتصف الستينيات، إلا أن مفهوم تطبيق عمليات "سيجما 6" برز في شركة موتورولا في الثمانينيات. وكانت طريقتهم قائمة على نظريات يابانية عن إدارة الجودة الشاملة من أجل استخدامها في عملية التصنيع، حيث تجعل هذه النظريات العيوب سهلة الاكتشاف، وعليه نجـد أن هـذه النظريات تعتبر ملائمـة لصناعـة الإلكترونيـات ذات المعدل العالي والدقـة العاليـة والعمليات المعقدة جدًا. وبدأت شركـة "موتورولا" في تطبيق "سيجما 6" على وجـه الخصوص في عام 1982م، عندما طبقت برنامجـا لتحسين الجودة يركز على التصنيع. كما بدأت جهود تخفيض التكاليف تشير إلى الحاجة إلى وجود أساليب تحليلية مُحسَّنة، وتصميم للمنتج من أجل تحسين العملية بصفة مستمرة. وركز تأكيد الشركة على جودة التصميم وعلى توظيف عدد من أدوات الجودة المتقدمة. ولهذا، فإنه ليس من المفاجئ أن نجد أن أول المؤيدين لـ "سيجما 6" بعد شركة "موتورولا" كان شركات: "تكساس"، و"الايد سيجنال"، و"إيستمان كوداك"، و"بورج وارنر اوتوموتيف"، و"جين كورب"، و"نافيستار" الدولية، و"سيبي بي إل سي". وبعد نجاحات متتالية، قام عدد من الشركات بمحاولة تطبيق فكرة "سيجما 6" على أدائهاالإداري والفني. وفي نهاية هذه المقالة المتواضعة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أي مدى يمكن أن تستفيد المنشآت الصناعية والخدمية في السعودية، بشكلٍ خاص، والشركات العربية، بشكلٍ عام؟