من التجارية إلى الخيرية

من التجارية إلى الخيرية

من التجارية إلى الخيرية

<p><a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a></p>من منا لم يعرف شركة مايكروسوفت الشهيرة؟ وكيف لنا ألا نعرفها وقد قدمت لنا نظام التشغيل الأشهر والأكثر انتشاراً على المستوى العالمي، ألا وهو نظام ويندوز. وعندما تذكر "مايكروسوفت" نتذكر مؤسسها بيل جيتس، الرجل الأغنى على مستوى العالم، والذي لم يكن سوى طالب ترك جامعة هارفرد ليؤسس مع مجموعة من أصدقائه الشركة التي قدر لها أن تصبح الشركة الأولى على مستوى العالم في مجال الحاسب الآلي.
إلا أنه قبل أيام قليلة صرح جيتس بأنه لن يستمر في عمله اليومي في شركة مايكروسوفت، وأنه سيتخلى عن بعض من مسؤولياته في الشركة وخصوصا مسؤوليته عن عمارة البرمجيات.
ترى لماذا توصل جيتس إلى هذا القرار بعد كل النجاح الذي حققه مع الشركة؟ هل يريد تغيير نمط حياته الذي اعتاده إلى نمط حياة يراه أكثر ملاءمة له؟ أم أنه يريد الهروب من الضغوط التي يتعرض لها بسبب منصبه؟ أم أنه قد سئم من الأضواء المركزة من قبل الإعلام ويفضل أن يعيش بهدوء بعيداً عن الأضواء؟ يبدو أن الأسباب السابقة ليست بعيدة عن الحقيقة، فقد صرح جيتس بأن قراره ليس تقاعداً، إنما هو إعادة ترتيب لأولوياته في الحياة.
من المهم أن نذكر أن جيتس لن يبتعد بشكل تام عن الشركة، ولن يترك منصبه بين ليلة وضحاها. ما سيحصل هو أن الشركة ستمر بمرحلة انتقالية خلال السنتين المقبلتين، حيث يبقى جيتس رئيسا لمجلس إدارة الشركة وسيصبح مستشاراً في مشاريع الشركة الرئيسة. ولكنه سيتخلى عن منصبه كمسؤول عمارة البرمجيات، حيث سيستلم "راي أوزي" ذلك المنصب بشكل فوري.
لقد صرح جيتس بأن سبب تركه بعض مسؤولياته في "مايكروسوفت" هو أنه يريد تركيز جهوده نحو العمل الخيري. من لديه خلفية عن نشاطات جيتس لا بد أن يعلم بأنه مهتم بالنشاطات الإنسانية والخيرية، فهو يتبرع بشكل سنوي بمبالغ طائلة للجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى امتلاكه وزوجته مؤسسة خيرية باسم "مؤسسة بيل وميليندا جيتس" التي قدمت ما يزيد على 30 مليار دولار فيما يخص الشؤون الصحية والتعليمية للأطفال الفقراء. وقد قرر جيتس أن يركز طاقاته على الأعمال الخيرية من خلال تلك المؤسسة بعد أن اطمأن على مستقبل شركته.
من المؤكد أن المهارات والخبرات القيادية والإدارية والإبداعية لبيل جيتس ستعطي دفعة قوية للنشاطات الخيرية التي تقوم بها تلك المؤسسة. فشخص مثل جيتس لن يجد صعوبات في وضع أي مؤسسة أو شركة يقوم بقيادتها نحو طريق النجاح.
يا ترى هل نشهد ترجل بعض كبار رجال الأعمال المحليين الذين بقوا لعدة عقود وبذلوا الكثير من الجهود وحققوا الكثير من النجاحات التجارية والمالية عن صهوة هذه الأعمال وإسنادها إلى من يليهم وتفرغهم أو على الأقل تركيزهم على أعمال الخير والنماء الأبقى. صحيح أنه توجد مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال ممن ينفق أموالاً طائلة في سبيل الأعمال الخيرية، ولكننا دائما نطمح في أن يسخروا جزءا معقولا من أوقاتهم وجهودهم وتوظيف خلطة نجاحاتهم في سبيل الأعمال الخيرية المنظمة التي تعتبر مكونا اجتماعيا رئيسا محليا وعالميا.

الأكثر قراءة