هل البنوك العربية والإسلامية مستعدة لتطبيق "بازل 2"
يمثل تطبيق المصارف اتفاق بازل II أهم التحديات التي تواجه المصارف العربية، خصوصا أنه لم يتبق سوى أشهر قليلة حتى تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، حيث إنه من المقرر أن تطبق جميع المصارف الاتفاقية بنهاية عام 2006.
والسبب في أن تطبيق "بازل II" يمثل أهم التحديات بالنسبة للمصارف هو أن الاتفاقية ليس كما يعتقد القبض أنها تقتصر فقط على وجوب تحقيق حد أدنى لمعدل كفاية رأس المال، وهو 8 في المائة، ولكن اتفاق بازل II يشمل أمورا أكثر بكثير، حيث إنه يمكن وصفه بأنه إطار جديد شامل ومتكامل للثقافة المصرفية في السنوات المقبلة، حيث إن اتفاق بازل II يشمل وجوب تحقيق المصارف حدا أدنى لمعدل كفاية رأس المال.
وكذلك يجب أن يكون لدى المصارف سياسات لإدارة المخاطر المصرفية، وأن تكون هناك استراتيجية لرأس المال بحيث يكون رأس المال المخطط متسقا مع حجم المخاطر الفعلية التي يواجهها البنك ويسمى رأس المال الاقتصادي، هذا إضافة إلى أن المصارف يجب أن تقوم بالإفصاح عن نتائج أعمالها، إضافة إلى المحاور الرئيسية لسياسات الأنشطة التي تمارسها والسياسات الخاصة بإدارة المخاطر.
ومن المعروف أن لجنة بازل للرقابة المصرفية عندما أصدرت اتفاق بازل II أخذت في حسبانها أنشطة وأعمال المصارف التقليدية فقط ولم تأخذ في حسبانها الأنشطة المصرفية الإسلامية. وعلى الرغم من الاختلاف الجوهري في الأنشطة المصرفية التقليدية عن الأنشطة المصرفية الإسلامية، إلا أن جوهر إدارة المخاطر المصرفية والمحاور الرئيسية وأسسها لا يختلف كثيراً.
ومع ذلك فقد أثير الجدل بين البعض فيما يتعلق بتطبيق المصارف الإسلامية لتطلبات بازل II، فهل من المفروض أن تقوم المصارف التي تزاول الأنشطة المصرفية الإسلامية بتطبيق بازل II؟ وهل هي مطالبة بتطبيق صيغة الاتفاقية بحذافيرها مع أن هناك بعض الاختلافات بين ما ورد في الاتفاقية وطبيعة الأنشطة المصرفية الإسلامية؟
لذا فقد تم إنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا عام 2005، الذي تعد المملكة العربية السعودية أحد مؤسسيه، وكان أحد أهم أهدافه إجراء التعديلات اللازمة على اتفاقية بازل II حتى تكون متسقة مع الضوابط الشرعية للأعمال المصرفية الإسلامية.
وفي هذا الإطار قام مجلس الخدمات المالية الإسلامية بإصدار وثيقة خاصة بمعيار أو معدل كفاية رأس المال الخاص بالمصارف التي تزاول الأنشطة المصرفية الإسلامية، مع التركيز على الجوانب الإسلامية, التي لم تشر إليها وثيقة بازل II، وبطبيعة الحال فقد تم التركيز في وثيقة مجلس الخدمات المالية الإسلامية على أوزان مخاطر الائتمان تبعا للصيغ التمويلية الإسلامية المختلفة.
كما أشرنا آنفا أن "بازل II" لم تقتصر فقط على الحد الأدنى لكفاية رأس المال، ولكن أيضا على سياسات إدارة المخاطر، لذا فإن التطبيق السليم لـ "بازل II" من قبل المصارف التي تزاول الأنشطة المصرفية الإسلامية يستلزم منها وجود سياسات وإجراءات لإدارة المخاطر.
من الجدير بالذكر أن المخاطر في المصارف تنقسم إلى مخاطر الائتمان، مخاطر الاستثمار في الرساميل، مخاطر السيولة، مخاطر السوق، مخاطر العائد، ومخاطر التشغيل. ولعل أهم عنصر فيما يتعلق بمخاطر التشغيل هو العنصر المتعلق بعدم الالتزام بمبادئ الهيئة الشرعية للمصرف الإسلامي.
إن المصارف التي تزاول الأنشطة المصرفية الإسلامية مطالبة بأن تطبق اتفاق "بازل II" وبما يتسق مع مبادئ الشريعة وذلك باستخدام مرجعين، المرجع الأول هو اتفاقية بازل II كما صدرت من لجنة "بازل"، ولكن يؤخذ منها ما يتسق مع ضوابط الشريعة والمرجع الثاني هو وثيقة مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB الخاصة بمعدل كفاية رأس المال للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية (باستثناء شركات التأمين).
فهل المصارف الإسلامية مستعدة بالأنظمة وإجراءات العمل لتطبيق متطلبات اتفاقية بازل II قبل نهاية العام الحالي 2006؟