تفاوت في المستوى الفني لـ 80 عملا لا يعكس الوجه الحقيقي للنحت والخزف
تفاوت في المستوى الفني لـ 80 عملا لا يعكس الوجه الحقيقي للنحت والخزف
في خطوة جديدة وباردة رائعة ها هي وزارة الثقافة والإعلام تسير بالفن التشكيلي نحو الطريق السليم مدركة المتغيرات المحيطة بالإنسان وما يعيشه المجتمع الفني من جدال دائم مبتعداً عن النمطية, فاتحة المجال أمام الفكر ليحدث التغيرات بالفعل والقول معاً.
يأتي المعرض السعودي الأول للمجسمات ثلاثية الأبعاد ليقدم مجموعة من الفنانين المتخصصين في هذا المجال, وإلى جانبهم كوكبة من الجيل الجديد المحب لهذا الفن ولهذه الخامات. ضم المعرض 80 عملاً ما بين نحت وزخرف ومجسمات بمختلف الخامات نفذها 44 فناناً وفنانة من مختلف أنحاء المملكة .
وحول المعرض تحدث الدكتور الفنان محمد الفارس بقوله: في البداية كنا مشغولين بمدى تقبل الفنانين لهذا المعرض وفكرته, وكنا نخشى أن يكون الإقبال ضعيفاً إلا أن ذلك لم يكن ولله الحمد فقد خابت توقعاتنا جميعاً, وحول الهدف من المعرض أضاف قائلاً الهدف الأساسي من المعرض استكشاف المشتغلين في هذا المجال وتكوين قاعدة بيانات لهم وبمستوى أعمالهم ومتابعة فنهم وتطوره, فالمشكلة التي واجهتنا تمثلت في عدم معرفة الفنانين, وعن مستوى الأعمال وعددها قال وصلت إلينا أكثر من 100 عمل فني تم استبعاد ما لا يقبل العرض والتي كانت بمستوى منخفض جدا, أما التي لمسنا فيها موهبة وجهداً فإننا قدمناها وإن لم تكن بذلك المستوى رغبة في إتاحة الفرصة لكثير من التجارب, خصوصا أنه المعرض الأول.
وعن مستوى الأعمال ومقارنتها بالفنانين العالميين قال الدكتور صالح الزاير: لنكن واقعيين إمكانياتنا محدودة والحركة التشكيلية عندنا لا تتجاوز40 عاماً, فمن الصعب أن نكون في مصاف تجارب صار لها مئات السنين، الممارسون للنحت عندنا قليلون, والأعمال المعروضة فيها مجال الخزف النحتي ومجال النحت ومجال الخزف الصرف, فنحن لا نستطيع أن نقارن أنفسنا بالوطن العربي فما بالك بالعالم، وأتمنى أن نجد معارض لمجال الخزف وأخرى للنحت ليأخذ كل واحد منهما مجالا مستقلا ومكانة مستقلة وبذلك ستنضج التجارب أكثر وأكثر. وعن المشاركة النسائية وسبب استخدامها للخزف أضاف قائلا: الأعمال قوية وناضجة وعلى درجة كبيرة من الإتقان وتعبر في أغلب الأحيان عن معاناتها وعالمها، أما استخدامها للخزف فقد يكون بسبب كونه خامة لينة وطيعة وفيها إمكانيات كبيرة للتعبير.
فيما تحدث الدكتور محمد الرصيص بقوله:هذا بداية للمعارض التخصصية في المجالات الفنية وكنا نتمنى أن يطلق عليه الاسم الصحيح والمعروف وهو "معرض النحت السعودي الأول" بدلا من ثلاثي الأبعاد لأن هذا الاسم يدخل ضمنه مجالات مختلفة وإنتاج فني لا نهاية له. كما كنا نتمنى أن نجد الأسماء المعروفة مشاركة في هذا المعرض كضياء عزيز وبكر شيخون وكمال المعلم وكذلك كان الأجمل أن نجد أعمالا للرضوي والسليم رحمهما الله، ونتطلع إلى رؤية الأعمال المتميزة منفذة بحجم أكبر فمجالات النحت تكمن في كبر الحجم وتعطي دلالة على تمكن الفنان من توظيف الكتلة والفراغ في ذلك الحجم، وحول مستوى الأعمال قال: هناك بعض الأعمال الضعيفة جداً التي أخلت بجمال المعرض والمعروضات.
ومن جانب آخر تحدث الفنان علي الرزيزاء بقوله: في الواقع كثير من الفنانين المشاركين لم يدرسوا النحت دراسة متخصصة، ومع ذلك نجد نتائج جميلة جداً أمثال أعمال عبد الرحمن العجلان والضامري والزاير في الخزف, وفي سؤال عن مناسبة المكان للمعروضات قال: القاعة لم تكن مهيأة لاستقبال مثل هذه الأعمال لأن نظام الإضاءة لا يخدم العمل الفني الذي يحتاج إلى نوع معين لإبراز العمل بالظل والنور .
جاء ذلك عقب افتتاح المهندس عبد الله بن محمد العبد الكريم مدير عام "المعماريون السعوديون" المعرض السعودي الأول للأعمال ثلاثية الأبعاد. حيث قال عقب ذلك أشكر الدكتور السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام على دعوتهم وتكليفي بافتتاح هذا المعرض وهو شرف لي وقد وجدت أشياء تتناسب مع الهندسة المعمارية وأتمنى أن يكون هناك تعاون بين الفنان والمهندس لأنهما نتاج بوتقة واحدة، وعن الأشكال الجمالية أضاف بقوله لقد كانت الرياض تضم العديد من المجسمات الجمالية ولكنها أزيلت ونتمنى أن تعود مرة أخرى وخصوصا أن المشاريع المعمارية في الرياض تفتقر لذلك.
وبعد.. تبقى مسألة البدايات والمعرض الأول شماعة تلقى عليها جوانب القصور والنقص، فعندما نقول ذلك ليس إلا رغبة منا في أخذ المكان المناسب والموقع الملائم لما يعيشه التشكيلي السعودي،وبما تضمه الساحة الفنية من خبرات وقامات تشكيلية يشهد لها المشتغلون بهذا الفن، إضافة إلى العديد من حملة أعلى الشهادات الأكاديمية من أرقى الجامعات العالمية.
لم تكن هذه التظاهرة الفنية بالمستوى المأمول والمنتظر من النحاتين، وقد تكون طريقة الإعداد له طريقة تقليدية لم تراع المتغيرات على الساحة العالمية، فالشروط التي تلقاها الفنانون كانت حاجزا وسدا منيعا أمام إبداعاتهم من خلال المقاسات الدقيقة المحددة فالجميع يعلم أن جمال المنحوتات يكمن في الحجم الكبير لكن الأعمال المعروضة أفقدت المعرض بريقه، ومن الأشياء التي وضعها القائمون على هذا المعرض اقتصار المشاركات على الفنانين السعوديين دون فتح المجال للمبدعين من الجنسيات الأخرى المقيمة على هذه الأرض ليعرضوا إبداعهم أمام الجمهور السعودي الذي يسافر إلى البلدان من حولنا للاطلاع على التجارب الأخرى من الثقافات المختلفة، وتلك الفئة ستضفي أفكارا ورؤى جديدة تفتح المجال أمام المبدعين السعوديين ليستفيدوا منها وخصوصا نحن في عصر العولمة وعصر التواصل مع الشعوب والابتعاد عن الانغلاق الذي يعوق تقدم الحركة التشكيلية، وفي تجارب الدول الخليجية من حولنا الدليل القاطع على أهمية فتح المجال للجميع لنصل إلى ما وصلوا إليه، ولن يتم ذلك إلا من خلال الحوار الهادف والنقاش المنطقي وتقبل الآراء والنقد واختيار الخبرات الفنية التي تملك تاريخا فنيا ومعرفة بالوسط التشكيلي لتكون قادرة على التعامل مع جميع الأطراف بمختلف توجهاتهم دون الجري وراء الدرجات العلمية التي نكن لها كل تقدير واحترام لكن الفن لا يعرف إلا الإبداع.