سيجما 6: تطبيقات على المنشآت الخدمية والصناعية ( 2-3 )
إن "سيجما 6" هي عملية منظمة ومركزة على العميل، تم تصميمها لمساعدة المنشآت على التحرك نحو إنتاج منتجات وخدمات قريبة من الكمال والامتياز. ومصطلح "سيجما" يعتبر مصطلحًا إحصائيًا يقيس مدى انحراف عملية ما عن الأهداف المنشودة. والفكرة الرئيسة التي تقع خلف "سيجما 6" تكمن في أنه إذا كانت المنشأة تستطيع قياس عدد العيوب الموجودة في عملية ما، فإنها تستطيع بصـورة نظاميـة أن تحـدد كيفيـة إزالـة تلك العيوب والاقتـراب من نقطـة "الخلو من العيوب" بقدر الإمكان. ولكي نحقق جودة "سيجما 6"، فإن العملية يجب ألا تنتج أكثر من 3.4 عيوب في كل مليون فرصة.
ويسعى ذلك الأسلوب إلى رفع مستويات الأداء في جميع العمليات الإدارية والمالية والفنية، فهي أكثر من مجرد أن تكون بمثابة مشروع تحسين وتطوير الأداء، حيث قامت "سيجما 6" بتغييرات جذرية أسهمت في نجاحات مستمرة للمنشآت التي استخدمتها. ويُعَدُّ أسلوب "سيجما 6" من الأساليب العلمية المُجَرّبة، التي أثبتت فاعليتها في مساعدة المنشآت في السيطرة على سوق المنافسة، واحتواء نصيب الأسد من حصص الأسواق. وعندما قام القادة في تلك المنشآت بتعلم أدوات ومفاهيم "سيجما 6" من خلال العمل، أعلنوا أن "سيجما 6" هي عبارة عن طريقة جديدة في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وذلك من أجل تحقيق نتائج أفضل مقارنة بمستويات الأداء في مرحلة ما قبل تطبيق مفهوم "سيجما 6" وكذلك الحصول على نتائج أفضل من نتائج المنشآت المنافسة. إن تطبيق أسلوب "سيجما 6" يساعد المنشأة في التعرف على جوانب الهدر في الوقت والطاقات الذهنية والمادية ؛ ومن ثم التخلص منها. وفي الوقت نفسه، يُعَدُّ أسلوب "سيجما 6" أسلوبـًا تحفيزيًا، حيث يمنح الصلاحيات للعاملين ويحثهم على النجاح. ويساعد ذلك الأسلوب الموظفين في تحـديد مفهـوم الجـودة، ووضع الإجـراءات الهادفة إلى تلبية احتياجات العميل وإشباع رغباته، مع التحسين المنتظم لتلك الإجراءات.
إن الوصول إلى مستويات عالية في مفهوم "سيجما" ليس بالأمر السهل، حيث تحتاج عملية الارتقاء من مستوى منخفض إلى مستوى عالٍ إلى جهود متواصلة ومدروسة بطرق علمية، إضافة إلى أهمية المتابعة المستمرة، ومراقبة الانحرافات في عمليات الإنتاج أو عمليات تقديم الخدمات للعملاء. ومن الملاحظ أن الجودة بعد تحسينها لن تؤدي فقط إلى تخفيض التكلفة، ولكن أيضًا إلى زيادة المبيعات، وتحقيق معدلات مرتفعة في الأرباح. كما أن ارتفاع مستويات الجودة لا يحقق فقط أرباحـًا أكثر للمساهمين، بل يجعل الشركة تفوز بنصيب أكبر في السوق نتيجة لزيادة رضا العملاء، وكذلك استقطاب عملاء جدد من خلال العملاء القدامى أو عن طريق السمعة الجيدة في الأوساط الاجتماعية. ومع هذا، ورغم التركيز على الطرق الابتكارية في صُنع المنتجات وتوفير الخدمات، يظل هناك عامل ثابت واحد: هو أن المنشآت التي تُنتج منتجات وتقدم خدمات ذات جودة أفضل مما تنتجه وتقدمه نظيراتها تربح المنافسـة مرات عديدة. ورغم أن الشركات التي تمارس "سيجما 6" ستلاحظ تحسنـًا في جودة منتجاتها وخدماتها، إلا أن التأثير الأكثر أهميــة لذلك سيكون على النتيجــة النهائيــة.