الحياة بلا تقنية
الحياة بلا تقنية
<a href="mailto:[email protected]">iqtisad@fantookh.com</a>
كم نحن معتمدون على التقنية من دون أن نشعر! لقد أصبحت التقنيات الحديثة، وهي نعمة من الله في حياتنا المعاصرة للأفراد والمنظمات كالأكسجين للإنسان الذي لا يكاد ينجو من دونه.
لقد اقتحمت التقنية حياتنا من جميع أبوابها وحجزت لنفسها مكاناً أساسيا في الغالبية العظمى من نشاطاتنا إن لم تكن جميعها. تخيل أن التقنية توقفت عن إشارات المرور أو أنظمة التحكم بالطيران أو الطائرات نفسها، تخيل أن التقنية توقفت عن البنوك أو توقفت عن أنظمة سوق الأسهم! وشكرا لهذين الأخيرين فلقد أذاقانا (على الخفيف) طعم الحياة بلا تقنية. لقد وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيه الحياة بلا كل هذه الإمكانيات التي تتيحها لنا التقنية ضرباً من الخيال.
ولكن هل هذا صحيح؟ هل الحياة بلا تقنية أصبحت خيالاً لا يمكن أن يصبح حقيقة؟ هناك البعض من يرى إمكانية زوال التقنية، فهناك الكثير من المفكرين الذين يرون أن هناك العديد من الأخطار التي تهدد العالم. وإذا ما تحقق إحداها فقد يكون له أثر تدميري على الحياة التي نعيشها، وقد نضطر إلى العودة إلى البداية من نقطة قريبة من الصفر.
وهناك العديد من الافتراضات التي تتنبأ بزوال التقنيات الحديثة، كانتشار فيروس إلكتروني خبيث يقضي ويعرقل كل ما هو معتمد على الأنظمة الحاسوبية والإلكترونية ويهدد حضارة الترانزيستور. أو كالتغيرات الجوية المدمرة بسبب التلوث البيئي أو الاحتباس الحراري، والتي قد تسبب فيضانات وزلازل هائلة تغير من معالم سطح الأرض، أو حرب نووية قد تقضي على حضارات بأكملها، أو تطور الذكاء الاصطناعي للآلة بحيث تثور على الإنسان وتؤدي إلى دمار المجتمع البشري أو زوال التقنية على الأقل، أو غيرها من النظريات أو المسببات التي ربما لا تخطر على البال وهي خارج نطاق إدراك العقل أو توقعها.
مع أن احتمال تحقق أي من هذه النظريات ضعيف جدا، إلا أنه من المفيد أن نلقي نظرة على الحياة بلا تقنية، فبذلك نقدر النعمة التي نعيش فيها، ونتخيل كيفية العيش من دونها.
من المؤكد أننا سنفتقد الكثير من التسهيلات التي كانت التقنية تقدمه لنا، وستتغير حياتنا بشكل جذري. فكيف لنا أن نشرب الماء ونحن نعتمد بشكل أساسي على المياه المحلاة من البحار؟ سنضطر إلى الانتقال إلى أماكن تتوافر فيها مياه الشرب. وعندما نحدد المكان الذي سننتقل إليه فكيف سنصل إلى ذلك المكان من دون سيارات أو طائرات؟ وكيف سنقوم بالاتصالات اللازمة للتأكد من إمكانية الانتقال إلى المكان الجديد؟ إنها فعلا مشكلة ولا يمكننا أن نسأل "جوجل" عن حل لها. إن الحديث عن هذا الموضوع لا يكاد ينتهي.
ولكن هل معنى ذلك أن زوال التقنية لا إيجابيات له؟ البعض يجادل ويحن إلى طبيعة الحياة القديمة البسيطة النقية التي نقرأ عنها من دون أن نكتوي بحقيقتها وسلبياتها. والسؤال الآخر فيما إذا كان عالم ستة المليارات إنسان يستطيع الحراك والإنتاج والعيش بدون أدوات التقنية. إن تطور التقنيات والأنظمة الحاسوبية والإلكترونية زاد من وتيرة الاختراعات والابتكارات والمنتجات التي قد تكون في صالح الإنسان وقد تكون ضده، أتمنى أن نصل إلى مرحلة تصبح فيها التقنية داعمة للبيئة والصحة وقيم الإنسان بدلا من أن تكون مدمرة لها.