تقلبات أسواق الأسهم والقروض في البلدان الصاعدة ... لماذا؟

تقلبات أسواق الأسهم والقروض في البلدان الصاعدة ... لماذا؟

بعد التصحيح الحاد الذي جرى في أيار(مايو) الماضي، استمرت ضغوط البيع على أسواق الأسهم والقروض حتى بداية الشهر الجاري وبشكل خاص في أسواق البلدان الصاعدة . فباستثناء الشرق الأقصى، حيث حافظت قيم الصادرات الصينية على مستوى جيد بسبب ارتفاع أسعار صرف الدولار تراجعت أسعار الأسهم بوضوح في جميع الأسواق الصاعدة تقريبا وفي مقدمتها أسواق الهند حيث فقد مؤشر بي أس أي نحو 3 في المائة .
وفاجأت سرعة التصحيح الكثير من المحللين، ولكن على الرغم من تراجع أسعار الأسهم في هذه الأثناء بنسبة تراوح ما بين 8 و10 في المائة وبسبب ارتفاع المخاطر في أسواق القروض فإن غالبية بنوك الاستثمار تحذر من الخوض في التعاملات في هذه الآونة. حيث إن من المتوقع استمرار حالة عدم الاستقرار في الأسواق وكذلك عملية التصحيح. هذا هو فحوى ما عبر عنه شتيفن روش كبير الاقتصاديين في بنك ستانلي مورجان وهو يمثل في الوقت نفسه تقديرات العديد من بنوك الاستثمار .
كما حذر مارك بالستون من دويتشه بنك من أن حالة الغموض بشأن السياسة المستقبلية للبنك المركزي الأمريكي ستستمر لمدة أسابيع تالية ولهذا فلا أحد يستطيع أن يجزم أن الأسعار في أسواق البلدان الصاعدة ستعود للارتفاع بسرعة إلى مستواها في مطلع أيار ( مايو) الماضي حيث إن كل شيء تقريبا يعتمد على كيفية فهم المتعاملين في الأسواق لمعطيات الدورة الاقتصادية في أمريكا في الفترة المقبلة. ويوضح بالستون ذلك بقوله : " إذا كانت هذه البيانات تشي بتطور تضخمي معتدل مما يدفع بنك الاحتياط الفدرالي إلى التوقف عن رفع أسعار الفائدة ، فإن أسواق الدول الناهضة يمكن أن تستعيد عافيتها بسرعة ". أما إذا جاءت أرقام التضخم على غير ما هو مرتجى فستشتد ضغوط البيع .
حتى الآن كان بوسع المتعاملين في حالة حدوث حركة تصحيحية في أجواء من الانتعاش أن يعتمدوا على فرضية استمرار النمو الاقتصادي بدون أخطار التضخم . وقد كان هذا يشكل متطلبات مسبقة جيدة لأسواق الأسهم والقروض في البلدان الناهضة . وفي هذا السياق يقول بنك جولدمان زاكس أن المشهد تغير ، فالطاقات الإنتاجية في الولايات المتحدة مستغلة بكاملها ، في وقت يلوح فيه خطر التضخم ، مما يعرض للخطر آفاق النمو الاقتصادي اللاحق الذي لا تحده حدود، ويستشهد جولدمان زاكس في ذلك بأن الأسهم كانت بحاجة إلى ستة شهور ، بعد تصحيح أيار (مايو) 2004، لكي تعود لمستوى أسعارها الذي كان سائدا قبل التصحيح. وحذر البنك من أن المتوقع ، ونحن مقبلون على الربع الرابع من هذا العام، حدوث تراخ في الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة"؟
ومع أن بنوك الاستثمار تتوقع نموا قويا كالمعتاد في الصين فإن محللين من أثال جيري لو ، من بنك مورجان ستانلي يحذرون من أن الأسعار في سوق الأسهم الصينية لا تزال مبالغا فيها وهو ما يدعو للاعتقاد بأنه يمكن أن تكون مقبلة على انخفاض. ولهذا فإن على المتعاملين في السوق الصينية أن ينظموا حقائبهم الاستثمارية بطريقة دفاعية وأن يبيعوا ما يملكون من أسهم في شركات عقارية وشركات مقاولات ومشاريع مواد خام وبنوك وشركات تأمين وبالمقابل شراء أسهم في شركات تجارة التجزئة ، ولكن دون إغفال التقييمات الإيجابية والفرص الواعدة للشركات المعنية .
وبالمثل يوصي أندريه فيخريشتيوك أحد محللي بنك الاتحاد السويسري بالتوجه نحو السوق الروسية . كما أنه كالآخرين يتوقع استمرار حالة شديدة من عدم الاستقرار طوال نصف السنة المقبل ، ولهذا فهو ينصح المستثمرين بشراء أسهم في مؤسسات كبرى راسخة مثل شركة غاز بروم و نوفلتيك و لوك أويل ، وشركات الحديد والصلب. أما المحلل مالكولم وود من بنك مورجان ستانلي، فينصح باستغلال حالة الضعف التي يعاني منها السوق حاليا للقيام باستثمارات طويلة الأجل في كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة ، ولكن ليس في الهند حيث السوق يعتمد بشكل رئيسي على السيولة المتاحة لدى المستثمرين الأجانب.
إن هذه الأسواق تسحب بعض الرساميل من أسواق الدول الصاعدة حيث سحب مستثمرون في أوج فترة الرواج في منتصف أيار( مايو) رساميل قدرت بنحو 10.2 مليار دولار من بورصات الدول الآسيوية الصاعدة و بهذا يكون تدفق رأس المال في هذه الأسواق قد تقلص إلى النصف خلال العام الحالي.

الأكثر قراءة