مرونة خليجية حول الاستثمار والتملك لتسريع مفاوضات التجارة مع أوروبا
مرونة خليجية حول الاستثمار والتملك لتسريع مفاوضات التجارة مع أوروبا
بحث وزراء مالية مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم في أبو ظبي أمس مع بيتر ماندلسون المفوض التجاري الأوروبي، القضايا العالقة التي تحول دون توقيع اتفاق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي خاصة ما يتعلق بمجالات الاستثمار، السلع، الخدمات، قواعد المنشأ، والمشتريات الحكومية بهدف تسريع التوقيع على الاتفاقية.
وأكد لـ "الاقتصادية" حمد البازعي منسق الجانب الخليجي في مفاوضات التجارة الحرة أن وزراء خارجية مجلس التعاون طلبوا من اللجان الفنية إبداء المرونة فيما يخص المسائل العالقة خاصة في مجال الاستثمار والتملك. ويطالب الجانب الأوروبي بفتح كثير من القطاعات منها ما يرتبط بالطاقة أمام الاستثمارات الأوروبية بنسبة 100 في المائة. ولفت البازعي إلى أن دول مجلس التعاون لا تتعامل بمستوى واحد حيال هذا الموضوع، وتتفاوت النسب من دولة إلى أخرى. وشدد على أن دول المجلس ستبدي مرونة كبيرة في هذه النقطة لتقريب وجهة النظر مع الجانب الأوروبي.
وأكد البازعي أن هناك خلافات تتعلق بقضية السلع خاصة صادرات التونة التي أبدى الجانب الأوروبي مرونة واضحة حيالها. ولفت إلى أن الأوروبيين أبدوا مرونة أيضا بخصوص قواعد المنشأ.
وأفاد حمد البازعي أن اجتماع أبو ظبي كان إيجابيا، حيث تمت مناقشة المسائل العالقة في المفاوضات خاصة في قطاع الخدمات، قواعد المنشأ، الاستثمار، والمشتريات الحكومية. وأشار إلى أن الجانبين الخليجي والأوروبي أبديا مرونة في القضايا والجوانب التي يعتقد أنها ستوصل إلى نهاية قريبة للمفاوضات وتوقيع اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين الجانبين نهاية العام الجاري أو منتصف العام المقبل. وأشار إلى أن دول المجلس أعربت عن استعدادها لإبداء المرونة في مسألة المشتريات الحكومية، متوقعا ألا تشكل هذه المسألة عقبة في المفاوضات المقبلة.
وأبان أن الجانب الأوروبي أبدى مرونة في مسائل قواعد المنشأ والمكونات المحلية المرتبطة ببعض السلع المصدرة إلى أوروبا، إضافة إلى صادرات دول المجلس من التونة إلى أوروبا. كما أبدى الجانب الأوروبي تفهما لمخاوف الخليجيين من عدم جني الفوائد من الاتفاقية إذا بقي الأوروبيون متمسكين بموقفهم حيال قواعد المنشأ ووارداتها من التونة الخليجية. وأوضح أن الجانب الأوروبي وعد بتقديم المزيد من المرونة لتبديد هذه المخاوف لتسهيل انسياب السلع الخليجية إلى الأسواق الأوروبية. وقال البازعي إن الجانب الأوروبي طالب دول المجلس بتطبيق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية الذي يمكن الأوروبيين من الحصول على أي ميزات يتفق عليها الخليجيون مع دول أخرى، مؤكدا أن دول المجلس أبدت من حيث المبدأ قبول المطلب الأوروبي لكنها أوضحت أن التطبيق الأوتوماتيكي لهذا المبدأ قد لا يحقق مصالح دول المجلس.
وأشار إلى أن اللجنة الفنية التي ستجتمع في بروكسل الشهر المقبل ستنظر في هذه المسألة تمهيدا لصياغة مناسبة ترضي الطرفين ووفق مرونات تحصل عليها دول المجلس من الاتحاد الأوروبي.
وتابع البازعي أن الميزان التجاري بين الجانبين يميل لصالح الأوروبيين حيث وصلت صادرات دول مجلس التعاون إلى الاتحاد الأوروبي عام 2005 نحو 3.7 مليار يورو، فيما بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الخليج نحو 50 5.3 مليار يورو. وأعرب عن أمله في أن تسهم الاتفاقية المحتملة بين الجانبين في تصحيح الاختلال الحاصل في الميزان التجاري بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي.
من جانبه أكد الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية والصناعة في الإمارات الذي ترأس الاجتماع وجود إرادة حقيقية ورغبة ملحة للانتهاء من مفاوضات إقامة منطقة تجارة حرة. وأشار إلى أن دول مجلس التعاون قدمت الكثير من المرونة وحققت العديد من المتطلبات في مسيرة هذه المفاوضات التي امتدت نحو 15 عاما وعلى مختلف المواضيع المطروحة حرصا منها على الانتهاء من هذه الاتفاقية في أقرب فرصة ممكنة.
وأوضح أن الاجتماع المشترك يؤكد أهمية تطوير وتعزيز علاقات التعاون القائمة بين دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي في جميع المجالات التي من أهمها تحرير التجارة بين الجانبين.
وأبان أن الفرق التفاوضية الخليجية والأوروبية بذلت جهدا للسعي إلى تذليل جميع الصعوبات التي تواجه مسيرة مفاوضات اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين الجانبين وإيجاد الحلول المناسبة. وأعرب الشيخ حمدان عن تطلع دول الخليج إلى مزيد من التعاون المشترك حيث تشكل الظروف الاقتصادية فرصة مهمة لتقوية العلاقات بين الجانبين مشددا على أن التوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين سيمهد الطريق لتحقيق شراكة اقتصادية واستراتيجية تعود بالفائدة على الجانبين.
في المقابل أكد بيتر ماندلسون المفوض التجاري الأوروبي عمق العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي خاصة في المجال الاقتصادي، مشيرا إلى أن هذه العلاقات ستعزز بعد توصل الجانبين إلى اتفاقية تجارة حرة مشتركة. وتوقع ماندلسون توقيع اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين في نهاية العام الجاري.
وقال ماندلسون هناك تقدم في المفاوضات، وهناك إرادة سياسية من الجانبين لإنجاز الاتفاقية، وتم خلال اجتماع أبو ظبي تضييق الخلاف في مجالات النفاذ إلى الأسواق وقواعد المنشأ ومناقشة قضايا جوهرية تهم الجانبين. وأوضح أن الجانب الأوروبي قدم مقترحات وأفكارا جديدة إلى الجانب الخليجي التي سيتم بحثها من قبل اللجان الفنية في بروكسل الشهر المقبل يعقبه اجتماع وزاري مشترك خلال الخريف المقبل يؤمل خلاله اتخاذ قرارات حاسمة في معظم القضايا العالقة بين الجانبين، معربا عن أمله في توقيع الاتفاقية بعد الاجتماع الوزاري المشترك.
وأكد ماندلسون أن المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان وأسحلة الدمار الشامل والهجرة غير الشرعية تم الاتفاق عليها سابقا ولم تعد محل خلاف بين الجانبين، مشيرا إلى وجود قيم مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ستتبلور في الاتفاقية المتوقعة بينهما خلال الفترة المقبلة.
من جهة أخرى ناقش وزراء مالية التعاون (لجنة التعاون المالي والاقتصادي) سير العمل في تطبيق الاتحاد الجمركي وتوصيات لجنة الاتحاد الجمركي المتعلقة بإعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية لأسباب تتعلق بمتطلبات اقتصادات دول المجلس أو بالتزاماتها الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية. وناقشت اللجنة سير العمل نحو استكمال تطبيق متطلبات السوق الخليجية المشتركة قبل نهاية عام 2007 تنفيذا لقرار المجلس الأعلى في كانون الأول (ديسمبر) 2002، والنظر فيما توصلت إليه اللجنة الفنية المكلفة بمراجعة قائمة الأنشطة الاقتصادية، والسماح لمواطني دول المجلس بممارسة خدمات التأمين والنقل بأنواعه، خدمات التعقيب، والخدمات العقارية في جميع دول المجلس. وكذلك النظر في توصيات لجنة هيئات الأسواق المالية والجهات الرقابية المكلفة بمناقشة المقترحات الواردة في الدراسة المعدة عن تطوير وتكامل الأسواق المالية في مجلس التعاون. كما بحثت اللجنة سير العمل في تنفيذ البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة في موعد لا يتجاوز الأول من كانون الثاني (يناير) 2010، وتوصية لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بالموافقة على ما توصلت إليه اللجنة بشأن كيفية حساب معايير تقارب الأداء الاقتصادي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي والنسب المتعلقة بها.
وأكد عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون بهذا الخصوص أن اللجان المعنية على وشك اتخاذ خطوات عملية لربط نظم المدفوعات في دول المجلس بما يهيئها للتعامل بالعملة الموحدة.