التخدير والأخطاء الطبية

كيف تتحول عملية جراحية بسيطة إلى مأساة وتؤدي إلى الوفاة؟
قد يكون وراء الاهتمام الشخصي والبحث والتقصي عن أسباب وفاة زوجة أحد زملائي أثناء الولادة وتحول حياة عائلته إلى مأساة أشاهدها يوميا، هو السبب لاكتشاف عدد لا بأس به من الحالات المشابهة، وفي أماكن متفرقة.
فهناك من دخل في غيبوبة كاملة عند إجراء عملية تجميل، وعدد لا بأس به أثناء العمليات القيصرية، وآخرون توفوا تحت التخدير عند إجراء عمليات بسيطة للغاية. فإذا افترضنا أن "المريض" لم يكن يعاني من أمراض جانبية أخرى، فكيف تكون وفاته تحت التخدير نتيجة لإجراء عملية بسيطة؟
هناك عدة احتمالات:
أولا: أن يكون طبيب التخدير غير مؤهل تأهيلا علميا ومهنيا، بحيث لا يعرف الطبيب هل ذهب المريض في غيبوبة عميقة أم أنه يحس بالألم ولكن المريض لا يستطيع التعبير نتيجة للتخدير.
ثانيا: أن تكون المشكلة في مواد وأجهزة التخدير والجرعات التي تعطى للمريض بحيث تكون مدة صلاحيتها والكميات التي تتدفق والقراءات التي تظهر مخالفه للواقع وتحتاج إلى معايرة دقيقة.
هذه المشكلة لا تقتصر على مكان بعينه، بل إنها منتشرة في كافة دول العالم، وهذا ما حدا بالباحثين المختصين في علم التخدير إلى اكتشاف جهاز حساس يوضع على رأس المريض لقراءة المرحلة التي وصل إليها المريض، وهي مرحلة دقيقة للغاية بين الغيبوبة والإحساس وتختلف من شخص لآخر ومن مرحلة عمرية إلى أخرى.
كما أن حساسية هذا الجهاز الحساس تتغير بعد الاستعمال وتعطي قراءات مختلفة وهذا ما جعل الأفضلية لاستخدام الحساس لمرة واحدة فقط وهو غير مكلف اقتصاديا، علما بأن قيمة الحساس, مهما كانت مرتفعة، لا تساوي حياة شخص واحد ومأساة أسرة واحدة كتلك الأسرة وهؤلاء الأطفال الذين فقدوا والدتهم وهم في انتظار ولادة أخ جديد لهم.
فمن الناحية الاقتصادية والعلمية، لا توجد لدينا ولله الحمد والمنة مشكلة في تأمين مثل هذه التقنيات الطبية والتعامل معها واستخدامها في المستشفيات الحكومية والأهلية.
بعد العديد من الأخطاء الطبية التي يطالب أهل الضحية بالتحقيق فيها ومعرفة المتسبب في وفاة قريبهم، فإنني أجد أنه لم يعد مهما كثيرا البحث ومعرفة المتسبب الحقيقي في الأخطاء الطبية لإدانته، بالقدر الذي نحتاج فيه إلى معرفة الأسباب والمسببات لذلك لتلافيها في المستقبل وعدم تكرار مأساة أخرى لعائلة أخرى نتيجة ذلك.
فهل ينظر المختصون في علم التخدير لهذه التقنيات ويأخذونها بعين الاعتبار ويتم إدخالها واستخدامها في كافة العمليات الجراحية التي تحتاج إلى تخدير المريض لمعرفة المرحلة التي وصل إليها المريض بدلا من التوقعات والخبرة التي يعتمد عليها طبيب التخدير في رفع وخفض الجرعات التخديرية، لأنها تختلف من شخص لآخر ومن مرحلة عمرية لأخرى، وذلك لاختلاف العادات الغذائية والصحية وتفاوتها لدى الكثير.
لا يملك أي منا وسيلة أو قيمة مادية يستطيع بها تعويض طفل عن أمه أو أسرة عن ربتها التي كانت بالنسبة لهم صمام الأمان ومصدر الحنان، لكننا نستطيع أن نحاول ألا نكرر أو نزيد عدد من سيفتقد معيلا لهم أو أم، بكل ما تعنيه كلمة الأم من معان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي