تقلبات أسعار الأسهم تصيب البورصات الصاعدة إصابات بالغة

تقلبات أسعار الأسهم تصيب البورصات الصاعدة إصابات بالغة

رغم أن خسائر أسواق الأسهم في العديد من البلدان النامية كانت فادحة خلال الأسبوعين الماضيين إلا أن المستثمرين ما زالوا ومنذ بداية العام في وضع مريح . وبعكس ذلك انزلقت عدة مؤشرات للأسهم في أوروبا مثل مؤشرات الأسهم السويسرية والهولندية والنمساوية إلى ما يقارب الصفر، أما مؤشر الأسهم الألمانية (داكس) الذي سجل خلال العام زيادة قدرها 14 في المائة، فقد تمكن حتى الآن من تحقيق إضافة قدرها نحو 3 في المائة.
وبفضل النمو الاقتصادي العالمي الراسخ وازدهار أسعار المواد الخام تمكنت عدة بلدان ناهضة، خلال السنوات الماضية، من تسوية أوضاع ميزانياتها العامة. فروسيا مثلا قد حققت في هذه الأثناء فائضا كبيرا في ميزانها التجاري مما دفع الرئيس بوتين قبل فترة وجيزة من الزمن لاقتراح تقديم قرار جعل الروبل، الذي تعرض عام 1988 لتقلبات حادة، قابلا للتحويل ابتداء من مطلع تموز (يوليو) المقبل، أي قبل ستة أشهر من الموعد الذي كان قد حدد سابقا. وبالمثل تقدر البرازيل، التي كانت حتى ثلاث سنوات خلت في خطر الوقوع في العجز عن الوفاء بالتزاماتها، بأنها لم تعد في حاجة إلى قروض من الأسرة الدولية. كما أن اقتراب بلدان أوروبا الشرقية من الاتحاد الأوروبي قد جعل الاقتصاد في أوروبا الشرقية ينمو خلال السنوات الخمس الماضية بمعدل يزيد على 2 في المائة عن معدل النمو في الفضاء الأوروبي.

إن هذه الظروف المواتية قد أدت إلى إقبال متزايد من قبل المستثمرين الألمان على الاستثمار في سندات كل من البرازيل وروسيا والهند والصين، وقد كوفئوا فعلا على إقدامهم بجني مردود يفوق المتوسط . ومع ذلك فإن التعامل في الأسواق الناهضة محفوف بالمخاطر أكثر مما هو في الأسواق الراسخة. ولعل أحد الأسباب لدلك هو السيولة المحدودة. ففي الوقت الذي تسبب فيه البنك المركزي الأميركي في إحداث حالة من الارتباك بين المستثمرين و حالة من الاضطراب في أسواق العالم، كانت البورصات الفتية هي الأكثر إصابة بالضرر. وكان السوق الأكثر صمودا في وجه حالة الاضطراب هذه هي سوق الصين، ولهذا قام العديد من مدراء سندات البرازيل وروسيا والهند بتحويل عملياتهم من الهند إلى الصين.

ويرى المحللون الآن أنه ينبغي على المستثمرين في هذه الأجواء المضطربة في البورصات الناهضة أن يأخذوا بعين الاعتبار أن قيم أسهمهم ستتعرض مستقبلا لمزيد من التذبذبات. وتشير مؤسسة شرودر الاستثمارية في هذا السياق إلى أن ما لا يقل عن 30 مليار دولار قد تدفقت إلى أسواق الأسهم في البلدان الناهضة خلال الفترة الممتدة ما بين كانون الثاني (يناير) و أواخر نيسان (أبريل) على شكل أدوات استثمارية جديدة. ومن الواضح أن كثيرا من المستثمرين قد استدانوا، مستغلين فرصة تدني أسعار الفائدة على الدولار والين، لكي يتمكنوا من دخول هذه الأسواق. أما مؤسسة جي بي مورجان فتتوقع أن يعمل المستثمرون على محاولة زيادة أرباحهم في الفضاء الأوروبي وفي أمريكا واليابان مستفيدين في ذلك من أسعار الفائدة المواتية التي يمكن أن تستمر بقية هذا العام.

ومن جهة ثانية أكد بنك ألفا في موسكو على الأهمية البالغة لأسعار النفط بالنسبة لسوق الأسهم الروسيي بشكل خاص. فبعد تراجع مؤشر ( آر تي اس ) بنسبة 25 في المائة ، وفي ضوء توقع ارتفاع سعر البرميل إلى 70 دولارا في عام 2006، هبطت نسبة السعر إلى الربح في الأسهم الروسية لمستوى مناسب قدره 9,6 . كما ألمحت مؤسسة شرودر في لندن إلى أن الاختراقات الكبيرة التي حدثت في العام الماضي في الأسواق بسبب المبالغة في تقييم الأسهم " سيكون لها من وجهة نظرنا استنتاجات لن تستمر طويلا ، ذلك لأن الاستثمار في أسواق البلدان الناهضة ما زال مجزيا ، من حيث الأساس .

أما بيتر بريزنيتشيك، الخبير الأول في بنك رايف آيزن المركزي في فيينا فلا يعتبر أن تقلبات أسعار الأسهم الأخيرة في الأسواق المالية نوعا من أنواع التصحيح، كما أن تقليص السيولة الفائضة على نطاق عالمي من قبل البنوك المركزية يجعل من الضروري بالنسبة للمستثمرين أن يعمدوا إلى تركيز أموال استثماراتهم بدلا من نثرها على نطاق موسع. فمن ناحية يتحول المستثمرون حاليا عن أسواق الأسهم إلى أسواق الإقراض، حيث تدر سندات الدين الحكومية الأمريكية لعشر سنوات عائدا يزيد على 5 في المائة، وبالمثل تدر سندات الدين الأوروبية 4 في المائة.
ولكن من ناحية ثانية، يقول بيتر بريزنيتشيك إن بورصة فيينا وأسواق الأسهم في بلدان أوروبا الشرقية تبقى جذابة في المدى المتوسط بسبب تدني نسبة السعر إلى العائد وبسبب ارتفاع وتيرة نمو أرباح الشركات. وفي الوقت نفسه ينبغي على المستثمرين في الأجل الطويل أن يؤجلوا عمليات الشراء لأن ثمة احتمالا بحدوث تراجع آخر في أسواق الأسهم ، ويضيف بيتر بريزنيتشيك، دون أن يفقد شيئا من تفاؤله : " إن هذا يمثل كسرا لخط الصعود ولكنه لا يشكل انحرافا في الاتجاه ".

الأكثر قراءة