العولمة: صورة وهمية وسراب مخادع لدول العالم النامية والفقيرة

العولمة: صورة وهمية وسراب مخادع لدول العالم النامية والفقيرة

يرى معارضو العولمة النظام الاقتصادي العالمي الجديد على أنه يفرض نظاما معينا على أناس لا يرغبون فيه. هذه هي وجهة النظر الأساسية لأعداء العولمة، سواء أكانوا ينتقدون استغلال الدول الغنية للدول الفقيرة أو يعارضون فرض القيم الغربية على الثقافات المحلية.
يؤكد الكتاب أن الأمر مختلف في الحقيقة، وأن هذه الادعاءات ربما تكون معكوسة. فبفضل سرعة وسائل الاتصالات في القرن الحادي والعشرين وبفضل العولمة، صار بإمكان الناس الاطلاع على عالم الرخاء المادي الذي يريدونه؛ هذا العالم البراق من الوعود التي لم تتحقق بعد.
إلا أن العولمة لا تزال صورة وهمية وسرابا مخادعا بالنسبة لأفقر الدول النامية في العالم. فلم يحدث من قبل أن كان لوسائل الاتصال، أو بالأحرى الإعلام، هذا التأثير على صياغة الوعي العالمي. ولم يحدث أيضا أن تراجعت قيمة القوة الاقتصادية إلى هذه الدرجة مخيبة كل التوقعات.
يؤكد الكتاب أن عولمة اليوم هي ثالث حركة في التاريخ الذي بدأ بالفتوحات الإسبانية في القرن السادس عشر واستمرت مع إمبراطورية التجارة الحرة التي أقامتها بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر.
ولكن الحقيقة هي أنه في القرن التاسع عشر، كما في القرن الحادي والعشرين، لم تنجح الثورة في مجال النقل والاتصالات في نشر وإعادة توزيع الثروات وإنما ساهمت في زيادة الاستقطاب.
فالهند كجزء من الإمبراطورية البريطانية كانت تعد دولة فقيرة عام 1913 تماما كما كانت عام 1820. لكن الوضع تغير الآن، فهل يؤدي الاقتصاد المعلوماتي اليوم إلى تغييرات أعمق في العالم من تلك التي أدى إليها اختراع التلجراف منذ قرنين مضيا؟ يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال ستكون نعم قياسا إذا وضعنا حالة الصين في الاعتبار؛ لكنها ستكون حتما بالنفي عند النظر إلى تجربة إفريقيا.
وعموما تحتاج الدول الفقيرة إلى المزيد من الجهود والاستثمارات لتتمكن من الدخول بقوة في الاقتصاد العالمي. ففكرة أن التكنولوجيا والتجارة العالمي تكفيان لجلب المال تعد فكرة يجانبها الصواب.
يؤكد الكتاب أنه يجب علينا ألا نعتبر العولمة أمرا واقعا، فالحقيقة هي أن للعولمة أعداء كثيرين بسبب ما هو متوقع منها والتكهنات التي تثار حولها وليس ما حدث من جرائها بالفعل. فبالنسبة للدول الأكثر فقرا، ليست المشكلة هي استغلال العولمة لها ومواردها، وإنما تكمن المشكلة الحقيقية في أن هذه الدول كانت منسية ومهملة لفترة طويلة.
يقسم الكتاب أعداء العولمة إلى قسمين يشتركان في افتراض واحد، هو أن العولمة تفرض على الناس نموذجا معينا للاقتصاد ونمطا حياتيا لا يريدونه. ويؤكد الكتاب أن العكس هو الصحيح.
فالعولمة كما يراها الكتاب تتضمن تفاعلات بين الدول الغنية تستبعد، ولا تستغل، الدول النامية الفقيرة، ما يعطي للدول الفقيرة نموذجا قويا للتقدم ربما لا تتمكن من تحقيقه، ومن هنا تنشأ فجوة بين ما تعد به العولمة وبين ما تحققه على أرض الواقع، وهذا هو سبب مشاعر الإحباط والغضب الذي ينتاب الدول الفقيرة حيال العولمة.

الأكثر قراءة