مضاربات "الدقائق" تدور بالأسهم السعودية في محيط الـ10 آلاف نقطة
مضاربات "الدقائق" تدور بالأسهم السعودية في محيط الـ10 آلاف نقطة
أكد محللون ومتعاملون في سوق الأسهم السعودية أن التداولات اليومية في السوق تحولت خلال الفترة الماضية، نحو المضاربات التي تتم في دقائق قد لا تتجاوز في بعضها عشر دقائق أو فترة واحدة من التداول، بعد أن كان معظم المضاربين من صغار المستثمرين يعتمدون على سياسة جني الأرباح في نهاية كل أسبوع أو شهر أو ربع سنوي.
وفيما يؤكد عدد من صغار المستثمرين وبعض المتعاملين أن أسلوب المضاربة اليومية حقق لبعضهم عوائد مقنعة بأقل المخاطر، مؤكدين أن سياسة الاحتفاظ بالأسهم في الفترة الماضية أضرت كثيرا بمحافظهم، وهم الآن بدأو في تعويض بعض خسائرهم، متجاهلين كل الدعوات التي يطلقها المحللون للاحتفاظ بالأسهم والابتعاد عن هذا النوع من المضاربة.
حمد الجارالله ـ مضارب في السوق ـ يقول أنه يشتري في الفترة الصباحية عند بدء السوق في عدد من الشركات التي قرأ لها بعض الأخبار ومن ثم يبيعها قبل الظهر إذا حققت ريالاً آو حتى نصف ريال، ويجني من وراء ذلك أرباح تراوح بين 300 إلى ألف ريال.
وهنا يشير محمد الشمري كبير المضاربين في إحدى صالات التداول إلى أن بعض زوار الصالة في الأسابيع الأخيرة - وبعد أن شهد السوق نوعاً من الاستقرار - امتهنوا المضاربة السريعة وبمبالغ غير كبيرة ولكن في شركات متنوعة بغرض تحقيق ربح يومي قدره البعض بخمسة الآف أو أقل أحيانا، مبينا أن ذلك أسلوب وجده الكثير منهم أكثر أمانا بحيث لايمكن في أكثر الأحوال أن يخسر أحدهم أكثر من 10 في المائة وهي نسبة التذبذب في السوق.
من جهته أوضح الدكتور عبد الوهاب أبو داهش مستشار اقتصادي أن المضاربات العالية خفت حدتها خلال الأسبوعين الماضيين، وهو ما قد يكون السبب في دفع الآلاف من المضاربين في السوق إلى التعامل بالمضاربة في الفترة الواحدة، أو خلال فترتي التداولي فقط، وأحيانا على الشركة الواحدة مرتين، بمعنى أنهم يبيعون ويشترون في الساعة نفسها من أجل تعويض بعض الخسائر التي حقوقها في الشهرين الأخيرين.
وبين أبو داهش أن الكثير من المضاربين اقتنعوا أن المضاربة لا يمكن أن تحقق أرباحاً مجزية، بل قد تتسبب في مزيد من الخسائر، إلى أنها وللحقيقة ساعدت في جعل السوق يستقر عند حدود عشرة ألاف نقطة، ولكنها عندما تحتد فإنها تكسر حاجز العشرة آلاف وهو ماشهدناه في بعض فترات التداول خلال هذا الأسبوع، موضحا أن سلوك هؤلاء المضاربين يعتمد على الاستفادة من هامش التذبذب بين النسبة العليا والدنيا، لتحقيق أرباح سريعة.
وقال الدكتور عبد الوهاب" لقد شهدت تعاملات هذا الأسبوع رغم وجود المضاربات السريعة، استقراراً يمثل عاملاً مشجعاً للتنبوء بوضع السوق في الأسبوع المقبل، مبينا أنه إذا استمر وضع السوق على النحو الراهن فإنه من المؤكد أن تأتي سيولة جديدة إلى السوق مستفيدة من عالم الاستقرار، وما هو ما قد يساعد المضاربين في تحقيق الأرباح المطلوبة، كما أنه سيساعدهم في عدم التسرع في اتخاذ قرار الشراء أو البيع، والتي إن استمروا عليها إلا أنها في الغالب ستؤدي إلى هبوط السوق".
وحذر الدكتور أبو داهش من استمرار المتعاملين في السوق في اتخاذ سلوك المضاربة العشوائي أسلوبا للتعامل مع أسواق المال، مبينا أن ما يحدث في السوق الآن هو وجود آلاف المضاربين بدون صناع للسوق، وهو ما يعني ألاَّ أحد سيحقق المكاسب المجزية؟
وأشار ابو داهش إلى أنه في الغالب أن من دخل السوق بعد "تراجع فبراير" في طور المضاربة لم يحقق مكاسب هو يرغب فيها، وأن هذا الأسلوب يتسم بالمخاطرة العالية، مستبعدا أن يكون ذلك أسلوبا للمضاربة المحترفة التي تتم في الأسواق العالمية.
من جهته بين الدكتور عبد الرحمن البراك أستاذ العلوم السياسة في جامعة الملك فيصل، أن اتخاذ بعض المتعاملين في السوق لسلوك المضاربات اليومية أو التي تتم في ساعات لا يتسم بالعقلانية، وسببها هو إحساسهم بطابع الخوف، مؤكدا أن الكثير منهم فضل أن يعمل على إجراء تصفية يومية لمحفظته بغرض النوم هادئا، رغم عدم تحقيقهم لأشياء تذكر.
وقال البراك إن المضاربات السريعة - وبحسب دراسات دولية متنوعة - أثبتت فشلها في تحقيق الأرباح المطلوبة، مبينا أن الدراسات تشير إلى أنه كلما انخفضت مدة المضاربة ـ أي مدة الاحتفاظ بالسهم ـ كلما قل إمكان تحقيق الأرباح، بمعنى أن المضاربة الشهرية تحقق عائد أعلى من الأسبوعية، والمضاربة الأسبوعية تحقق ربحاً أكثر من اليومية، وهكذا.
وبين الدكتور عبد الرحمن أن السوق السعودية تعيش الآن فترة استقرار وتقف عند حدود المكررات الربحية التاريخية لسوق الأسهم السعودية وهو 18 والذي يقف بالسوق بين 10 إلى 11 ألف نقطة، ناصحا المتعاملين بالاحتفاظ بالأسهم الجيدة، وعدم اتخاذ أسلوب المضاربة وسيلة للتعامل مع السوق السعودية، لأن السوق وبحسب البراك لا يمكن أن تتراجع أكثر من ذلك، وكان يمكن القبول بهذا النوع من المضاربات عندما كانت السوق في منطقة الخطر أما اليوم فنحن في منطقة استقرار.
وأشار الدكتور عبد الرحمن إلى أن أسلوب المضاربة الذي اعتمده بعض المتعاملين وإن كان عددهم قليل قياسا بحجم التداولات اليومية خلال الأسبوع الماضي، لا يشبه أسلوب المضاربة المحترفة التي تتم في أسواق المال الأجنبية، والمسمون " ديلي سبكيوليترز " كونهم يعتمدون طرقاً عالمية معتمدة ويحققون أرباحاً غير عالية، ويضيفونها إلى رأس المال باستمرار، ليتحولون بعد ذلك إلى مستثمرين عاديين آو مضاربين طويلي الأجل.