القيمة الاسمية للأسهم .. رأي آخر

عندما طُرحت شركة سابك للاكتتاب قبل نحو عقدين كانت القيمة الاسمية للسهم الواحد ألف ريال وهي قيمة كبيرة في ذلك الوقت، بعدها درجت الشركات على طرح أسهمها بقيمة مائة ريال إلا أنه تم تعديل نظام الشركات السعودية لتكون قيمة السهم الاسمية 50 ريالا واستمر هذا الوضع حتى انتعشت سوق المال وحظيت بتعاملات كبيرة من جميع شرائح المجتمع عندها ظهرت دعوات كثيرة تنادي بتخفيض القيمة الاسمية للسهم إلى عشرة ريالات أو خمسة ريالات، وفي الحقيقة لم أقرأ أسباباً مقبولة لمن يدعون لمثل هذا الاتجاه، فهم يبررون دعوتهم تلك إلى أن القيمة السوقية لبعض الأسهم مثل سهم شركة الراجحي وشركة سابك وغيرها من الشركات تخطت حاجز الألف ريال ووصلت إلى حاجز الثلاثة آلاف ريال مما يعوق أو يحد من قدرة صغار المستثمرين على الاستثمار أو بالأحرى المضاربة فيها، وهذا في رأيي سبب غير مقنع لأن القيمة السوقية إذا كانت غير منسجمة مع موقف الشركة المالي الحقيقي وممثلة لواقع أداء الشركة التشغيلي وخططها ومستقبلها في السوق فإنها ستكون قيمة مبالغا فيها، كما أن تجزئة القيمة الاسمية سيفتح باب ارتفاع وتيرة المضاربة من جديد والوصول إلى أسعار مخيفة لا تعكس واقع الموقف المالي للشركات وستؤدي إلى فقاعة أسعار ضخمة لن يستفيد منها الاقتصاد بل كبار المضاربين فقط.
هناك مبررات ربما تقبل أكثر من السبب السابق ذكره لتخفيض القيمة الاسمية للأسهم السعودية مثل أن الدارج في البورصات الخليجية والعربية وحتى في البورصات العالمية أن تكون قيمة القيمة الاسمية للسهم مماثلة لقيمة العملة في بلد الإصدار أو أن تخفيض القيمة الاسمية يقود إلى إشراك الكثير من الأفراد في الإصدارات الجديدة.
وعلى العموم فالقيمة الاسمية للسهم حددها نظام الشركات بـ 50 ريالا ولا يمكن تخفيضها إلا بتعديل النظام وفي حال تعديله فالأمر يتطلب عقد اجتماع للجمعية العمومية غير العادية لإجازة التعديل ومن ثم مخاطبة هيئة سوق المال لتفعيل هذا القرار، هذا ما تتطلبه الإجراءات القانونية في مثل هذه الحالات إلا إذا استجد ما يختصر من بعض هذه المتطلبات برغم استبعادي له من ناحية قانونية أيضا فعلى سبيل المثال فإن النظام الأساسي لأي شركة أجازته الجمعية العمومية ومن ضمن مواد هذا النظام القيمة الاسمية ولن تستطيع إدارة أي شركة من تعديل تلك القيمة إلا عن طريق اجتماع آخر وإذا ما اكتمل النصاب سينادى لاجتماع بديل.
ولكن لماذا لا نبحث عن منافع وأضرار أي قرار محتمل لتخفيض القيمة الاسمية للأسهم إلى عشرة أو خمسة ريالات، من جهتي أعتقد أن التخفيض أمر جيد ومطلوب وهو يساير المعمول به في أغلب بلدان العالم إلا أنه تأخر حتى أصبح أي قرار يصب في هذا الاتجاه سيمهد مرة أخرى لمضاربات جديدة ترفع الأسعار لمستويات مخيفة وغير مقبولة من قبل المستثمرين وإن كانت مقبولة من قبل المضاربين الذين لا يهمهم بأي سعر يشترون بقدر اهتمامهم بالأرباح التي سيجنونها، وإذا ما انزلقت سوق الأسهم إلى هذا الاتجاه فإننا سائرون لا محالة إلى كارثة اقتصادية.
أعتقد أن سوق المال يحتاج إلى تفعيل وسائل تحد من الارتفاعات الكبيرة والمتتالية لأسعار معظم الشركات المدرجة فيه، لأن من شأن ذلك المحافظة على سوق قوية على مدى السنوات المقبلة ومن ضمن ذلك عدم تجزئة الأسهم في ظل السلوك الحالي للسوق، وأيضا توسيع قاعدة السوق لكي تستوعب تلك السيولة الكبيرة التي ما زالت تضغط في اتجاه رفع الأسعار وبشكل مستمر، لأن سيطرة المضاربين إذا ما استمرت ستقود السوق إلى انتكاسة سعرية خلال فترة قصيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي