سلوك نسائي مشين يرفض الزوجة الأخرى ويجهل النظرة الشرعية
تسيطر أحاديث التعدد على جُل مجالس الناس فلا يخلو مجلس من التعرض له ولو تلميحا، بل إن بعض الأحاديث الاجتماعية تنصب عليه تحديدا بشكل مكثف، وتختلف النظرة من الرجال إلى النساء، فالجنس الناعم لا يرى بعضه التعدد ألبتة بل وقد تصف من يقدم على ذلك بالخيانة لزوجته وعدم الوفاء لها، وفي المقابل تكون نظرة بعض الرجال أن ذلك مطلوب ومن حقه التعدد مادامت الشريعة قد حثت عليه، بيد أنه يقع من واقع الحياة الاجتماعية بعض الممارسات السلوكية المشينة من عدم العدل بين الزوجات أو البحث عن التغيير دون داع لذلك مما يجعل النساء ألعوبة يمارسها متى شاء حول ذلك وبعض الأمور المتعلقة بالتعدد كان محور حديثنا في قضية اليوم, ونترك القارئ العزيز للاستفادة من الآراء الشرعية المطروحة في هذه القضية المهمة.
ماذا يقول النساء والأزواج عن التعدد؟
في البداية تحدث عدد من الأزواج رجالا ونساء عن التعدد, حيث تحدث في البداية الأستاذ خالد التركي وهو متزوج حديثا فقال إن التعدد سنة شرعها الله لعباده وفيها سد ثغرة من ثغرات العنوسة في المجتمع, والحمد لله وجدت أن التعدد فيه فوائد عديدة وفي البداية قد تكون هناك صعوبة لكن تفهم الزوجة الأولى لهذا الأمر ووعيها يجعل هذا الأمر ينتهي دون مشاكل, وهذا هو المأمول من كل زوجة, والمهم في هذا الشأن الحرص على إعطاء كل زوجة حقوقها والعدل بينهما حتى يرضي كلتيهما, وأرى أن المجتمع يوجد به كثير من العوانس والتعدد علاج مناسب لذلك وأسأل الله التوفيق للجميع. أما حسن موسى موظف فيرى أن التعدد يحتاج إليه الشخص القادر ماليا على الصرف على أكثر من زوجة وكذلك العدل بينهم، وأما إذا كان لا يستطيع ذلك فإن وجهة نظري ألا يوقع نفسه في الخطأ لأن بعض الناس يتزوج ولكن لا يؤدي حقوق الزوجات ويقع في كثير من الأخطاء فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها وما تطيق .
أما أم سعود الجهني فتقول بالنسبة إلي كامرأة فإني أفضل أن يكون زوجي لي وحدي لكن إذا تزوج فإن علي الرضا بالأمر الواقع مادام هذا الأمر أقرته الشريعة, لكن ما تخشاه المرأة من الزواج بالثانية ألا يتذكر الزوجة السابقة ويكون تفكيره مع الجديدة ولايعطيها حقوقها فأتمنى من المعددين التنبه إلى هذا الأمر ومراعاة شعور الزوجة أو الزوجات السابقات، وهذا من شأنه أن يجعل الرجل سعيدا مع كل زوجاته دون مشاكل بإذن الله.
وتخالف أم سمير الشمراني سابقتها في الرضا بالزوجة الثانية وتقــول أنا لا أعترض على الحكم الشرعي للتعدد فهذا أمر نأخـذه بالقبول لكني كامرأة حقيقة لا أريد أي امرأة تشاركني في زوجي فلدي غيرة شديدة عليه, ولهذا فإن إقدام زوجي على مثل ذلك قد يسبب لي متاعب كثيرة ولا أدري هل زواجنا يستمرأم لا؟
الرأي الشرعي
ومن جهته, أكد الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض: إن هذا الدين حث على مشروعية التعدد إذ يقول الله عز وجل: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا) فهذه الآية حثت الرجال على التعدد وبينت أن هناك شروطا لهذا التعدد من أبرزها أن يجزم الرجل على أنه قادر على العدل كما أراد الله جل وعلا, وأن تكون لديه القدرة على النفقة, وأن تكون لديه قدرة مالية على الإنفاق وقدرة جسدية وقدرة إدارية, بل ومن كان لديه هذه الأمور أصبح التعدد في حقه فضيلة, أما أن يكون غير قادر ماليا فهذا يعدد ويتراكم عنده الأولاد فلا يستطيع القيام بمهام الإنفاق على الزوجات والأبناء, بل إن بعضهم قد يعطي زوجة ولا يجد ما يعطي الأخرى وهذا لا يليق بالمسلم الذي يجب عليه أن يكون عادلا بين زوجاته, وهو ما أمر به المولى عز وجل عباده وحثت عليه في الآية الكريمة السابقة فنسأل الله التوفيق للجميع والسير على هدي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام .
التقليد مشكلة خطيرة
ومن جانبه يوضح الشيخ الدكتور سعد بن عبد الله البريك الداعية الإسلامي المعروف أنه من المستحسن لمن أراد أن يزوج ابنته أو لكل امرأة تخطب أن يسأل ما الغاية من زواج الرجل المتقدم للزواج من الثانية أو الثالثة أو الرابعة فهذا سؤال ملح ومعرفة الإجابة عنه أمر ضروري ويتوقف عليه السعادة أو الشقاء في الحياة الزوجية, فهل غاية من يريد الزواج من الثانية لأن زوجته الأولى لم تستطع القيام بواجباتها وحقوقه كأن تكون مريضة أو غير ذلك فيكون البديل ليس الطلاق وإنما التعدد ؟! أم أن الغاية مجرد عدوى أصيب بها من أراد التعدد وذهب يبحث عن الزوجة الثانية لمجرد أنه سمع أو جلس في مجلس يتحدثون فيه عمن تزوج أو غير ذلك فأصيب بعدوى التقليد فقط, وحتى لا نكون رهبانيين فقد شرع الله للإنسان أن يتزوج لأكثر من غرض لمال المرأة ولجمالها ولدينها فمن أراد أن يتزوج امرأة لمالها وبنية أن يغنيه الله فلا شيء عليه ولا ينبغي أن يصبح سخرية ومحل تندر بين الناس ولا نرميه بالنقيصة, وأكمل المقاصد وأتمها هو الدين كما بين ذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم "فاظفر بذات الدين تربت يداك" وفي الحديث الآخر "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة", ويضيف لماذا نجد كثيرا من الزواج بالثانية والثالثة معرضا للفشل؟! والجواب أن الزواج الأول كان زواج حاجة ورغبة ومعاناة وسد حاجة قائمة فكان فيه من التوفيق والسعادة الشيء الكثير وهذا كلام ليس ضد التعدد, ولكن كثيرا من الناس زواجه بالثانية والثالثة لمجرد التغيير ولم تكن النية صالحة وهنا لا يجد السعادة فقد كانت النية نزوة وقضاء وطر, ومن كانت نيته العفاف فسيكون سعيدا بإذن الله لأن الله وعد بالعون فلا نسأل عن بركته وسعادته .
المكروه معلوم
ويقول الدكتور فهد العصيمي أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين في الرياض إن الله أباح التعدد وحدد لذلك ضوابط يجب على كل مسلم التقيد بها وعدم إهمال ذلك لأن في ذلك مخالفة للتوجيه الرباني قال تعالى : "فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" فالتعدد أفضل للمرأة الأولى من الطلاق, وكذا فإن المرأة الثانية ربما تكون عانسا أو بها عيب خلقي أو مطلقة أو أرملة ونحو ذلك فيكون الزواج خيرا لها ، والمرأة التي تكون سالمة من العقم والمرض نسألها أين الإيثار والتضحية ؟ أين الأخوة الإسلامية؟ ونقول للثانية المترددة في قبول الرجل المتزوج أين الإيثار والتضحية وربما فتح الله للزوجة الأولى والثانية خيرا كثيرا، صحيح أن الأولى والثانية قد تكرهان مثل هذا الزواج ولكن هل المكروه معلوم نتائجه قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) إن المرأة لا يمكن أن تستغني عن الرجل بأي حال من الأحوال مهما عملت ومهما كسبت ومهما وصلت إلى أعلى المراكز الاجتماعية والثقافية, ومما تقدم يتبين أن التعدد يقتضيه العقل والنقل والمصلحة فهو لمصلحة الفرد والجماعة فحري بالمرأة الأولى والثانية والثالثة والرابعة أن يرضين بما قسم الله لهن, ومعلوم أنه لا يأخذ أحد في هذه الدنيا شيئا إلا نصيبه وعلى المرأة ألا ترد الرجل صاحب الخلق والدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" فلم يفرق صلى الله عليه وسلم بين المتزوج وغير المتزوج المهم الدين والأمانة.
لا ننسى الحديث عن بعض النساء اللاتي مررن بتجربة فاشلة مع التعدد إما بحمقها أو بسبب ضعف الوازع الديني لديها, فنغصت حياة زوجها فطلقها أو بسبب أنها وقعت في يد أحمق أو بيد رجل ضعيف الوازع الديني فطلقها, فهذا لا غرابة فيه فقد يظلم وقد يطلق ولكن مثل هذا الصنيع لا يحصل من المنفرد الذي ليس عنده غير زوجة واحدة, ولكن يعلم أن الدين الإسلامي يحرم الظلم ويحرم ظلم الزوجة ويزداد تحريم الظلم فيمن لديه أكثر من زوجة, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل" وما يفعله بعض الرجال من ظلم زوجاتهم وتنكر بعضهم لزوجاتهم السابقات أمر لا يقره الشرع ويأثمون على ذلك, ولذلك يستحسن للرجل أن يبادر للتعدد وهو في مرحلة الشباب وهذا لصالح زوجته الأولى حتى يجد في القديمة ما يجد في الجديدة من الحيوية, وبمبادرته سيساعد على حل الكثير من المشكلات, ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وهو صفوة خلق الله طريقة التعامل بين الزوجات فقال: "هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك" ومعلوم أن الذي يملكه صلى الله عليه وسلم من حيث النفقة والكسوة والمسكن وغيرها مما هو من مقدور الرجل أن يعد فيه, والذي لا يملكه هو الحب ودواعيه لأنه لا يلام شرعا على ذلك إذا لم يتكلم, فالمقصود هو الميل الشخصي الذي لا يتحكم به الإنسان, والمهم أن يجتهد الإنسان ويتحرى العدل ويعقد النية والله عليه شهيد.
مثنى وثلاث ورباع
ومن جهته قال الشيخ مسعود الغامدي الداعية الإسلامي : إن موضوع تعدد الزوجات مسألة محسومة شرعا والله لا يشرع إلا ما يصلح لعباده, ولنا في ذلك قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة التي سارت على نهجه والصحابة تبعوه على ذلك, ولم يرد في الآثار الشرعية ما يردده البعض من أن التعدد يصلح لأشخاص ولا يصلح لآخرين وكأنهم يرغبون ويريدون الحجر على التعدد وقصره على نوعية محددة من الناس بل أنهم نشطوا في إبراز سلبياته وهو توجه خاطئ والطبيعي أن يكون التعدد سائرا بين الناس وفي ذلك ورد الحث من الله سبحانه وتعالى بالتعدد يقول تعالى : "فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" لذا فليس من المناسب تصعيب مسلك التعدد بل إننا نخشى أن يصبح أمرا مذموما ويترسخ في أذهان رجال الأمة من خلال ممارسة أعداء الإسلام الذين يهمهم التشكيك في شرائع الإسلام وشرائع الملة وتشويهها وغيرها من السنن, كما أخشى أن يقع بعض أصحاب النوايا الطيبة في شراك ما يبثه المشوهون لسنة من السنن التي شرعها الله وهو يعلم أنه خير لعباده وبالتالي تصعيبها خطأ يحول بينها وبين الاستفادة منها, علما أننا نرى في بعض المجتمعات أعدادا كبيرة من النساء فإذا لم يكن الحل التعدد وتيسيره على الناس فما هو الحل لدى هؤلاء؟!