تفوق قطاع بناء الآلات رغم زيادة حدة المنافسة العالمية

تفوق قطاع بناء الآلات رغم زيادة حدة المنافسة العالمية

يشمل قطاع بناء الآلات والماكينات في ألمانيا نحو ستة آلاف شركة، و35 فرعاً متخصصاً تثبت نجاحها يوما بعد يوم على ساحة السوق العالمية. وتنظر هذه الشركات إلى نفسها كروّاد عالميين في الأسواق وبالرغم من هذا فإنهم نادرا ما يتمتعون بالبريق الإعلامي. ويتميز قطاع صناعة الآلات الألماني باتساع حجمه بشكل كبير ويضم عددا كبيرا من الشركات الصغيرة والمتوسّطة والتي تدار في معظمها إدارة عائلية. هذه الشركات لا تفضل الصخب والحديث الكثير عن مركزها الرائد في السوق العالمية بقدر ما تفضل الانكباب على العمل والإنتاج والبحث والتطوير. وتزوّد شركات بناء الآلات جميع القطاعات بالمنتجات عالية التقنية، منها قطاع الصناعات النفطية أو قطاع صناعة السيارات مثل مصنعي BMW وفولكس فاجن- VW وكذلك شركة إيرباص لتصنيع الطائرات التي تصب اهتمامها حاليا على الطراز الجديد A 380.
ويقول مانفريد جروندكيه رئيس مجلس إدارة شركة ( بوش ريكستروث- Bosch Rexroth ) وهي إحدى الشركات المُصنّعة لأنظمة التشغيل والقيادة في بناء الآلات والمعدات، وإنتاج المواد الصناعية، وشبه الموصلات: "لا يوجد في أي مكان آخر على الأرض تركيز مقارن بقطاع صناعة الآلات كما في ألمانيا". وشبه جروندكيه قطاع تصنيع الآلات بوادي السليكون في كاليفورنيا لغزارة الشركات في هذا القطاع وتشمل ستة آلاف شركة. ويعمل نحو 15 في المائة من جميع الموظفين في قطاع المهن التشغيلية. ويُعتبر قطاع بناء الآلات أكبر مساحة لتزويد فرص العمل في ألمانيا.
يشمل اتحاد نقابات العاملين في مجال تصنيع الآلات والماكينات في ألمانيا (VDMA) نحو 35 فرعاً متخصصاً تشمل تكنولوجيا التشغيل والتزويد، وبناء المعدات وحتى الفروع الصغيرة مثل صناعة السيارات وماكينات المسبوكات ومعدات إطفاء الحرائق. ولهذا، تُعد المهام الملحقة بصناعة البضائع الاستثمارية تلك مؤشرا بالغ الأهمية على منحنى التطوّر الاقتصادي. وقد تميّزت التطورات ضمن القطاعات المجزأة بفروق كبيرة. ففي العام الماضي، أشار نحو 18 قطاعا متخصصا إلى نمو في حجم المبيعات، بينما شهد نحو 17 فرعاً إما كساداً أو تراجعاً. واندرجت التقنية الهندسية، وآلات البناء، وتكنولوجيا الطرق وقطاع التزويد والتشغيل تحت قائمة أكبر المستفيدين من تطور قطاع الطاقة، والمواد الخام. بينما لمست تقنية الملاحة الجوية، وآلات المواد الصناعية، وآلات النسيج تراجعاً في حجم الطلب نظراً لذلك.
وسجل قطاع آلات تصنيع الورق في عام 2005 تراجعاً في حجم سندات الطلب بنحو 34 في المائة، والتقنية الهندسية ارتفاعاً بنحو 59 في المائة.
ويقول ديتر بروكلاخر رئيس اتحاد نقابات العاملين في مجال تصنيع الآلات والماكينات VDMA ومدير شركة تصنيع الآلات الصغيرة لايتس: "إن الازدهار يشهد اتساعاً ملحوظاً، ولكن ليس في المجالات كافة، ولكن كلها تتخذ نفس الأسس: السوق العالمية هي سوقها المحلية.
ومنذ عام 2002 ارتفعت حصة التصدير من 68 في المائة إلى 74 في المائة. وبنحو 9 في المائة إلى 107 مليارات يورو من حجم التصدير المتزايد، وتحتل الشركات في هذا المجال بعد قطاع صناعة السيارات، والإلكترونيات المرتبة الثالثة من حيث التصدير. وفي عالم بناء الآلات، يُعتبر الألمان روّاد التصدير، والسوق الأساسية هنا هي أوروبا، بحصة تبلغ نحو 59 في المائة، يتبعها آسيا (بنسبة تبلغ نحو 21 في المائة)، ومن ثم أمريكا الشمالية (بنسبة 12 في المائة). أما أهم الدول المصدّرة، فهي الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، والصين، وإيطاليا، وبريطانيا. وتقدمت الهند على هذه القائمة لتصبح من العشرين الأوائل. ويعزى تأخّر الألمان من حيث الإنتاجية عن الأمريكيين واليابانيين، محتلين المرتبة الثالثة، إلى التحاق الأسواق المحلية الضخمة للولايات المتحدة الأمريكية، واليابان من خلال السوق الآسيوية .

ويدين القطاع بالشكر للسوق الأجنبية، حيث إنه قاد القطاع الألماني في عام 2006 للمرة الثالثة على التوالي إلى زيادة أخرى في الإنتاج بما يعادل نحو 2 في المائة إلى معدل قياسي سنوي جديد، بعد أن ارتفع حجم الإنتاج عام 2005 نحو 4.4 في المائة إلى 145 مليار يورو. ويُتوقع بروكلاخر تطوراً جيداً خلال العام المقبل أيضاً رغم النمو المتباطئ .
إن أربعة أعوام من الازدهار كان أمراً غير عادي لقطاع بناء الآلات ذي الطابع الدوري، وانتعش القطاع بمثل هذه الأعوام آخر مرة في عام 1990 عقب الوحدة الألمانية .

وكذلك تطوّرت السوق الداخلية بسبب الوضع الاستثماري. وتظهر على نحوٍ تدريجي ديناميكية طفيفة في ألمانيا. حيث أشارت قوائم الطلب منذ أربعة أشهر إلى معدلات نمو ، حيث إن النجاح الدولي للشركات الألمانية مدهش، بما أن الأغلبية السائدة من الإنتاج المحلي تخدم الأسواق العالمية المتنازعة بقسوة أكبر. وتتحول الضرائب وتكاليف العمل بسرعة إلى قضايا ملتهبة، والتي تزيد من صعوبة القدرة التنافسية مقابل المنافسة الأجنبية. وأخيرا، تتغلغل هذه الحركة في بعض القطاعات بصورة خاصة، والتي ترتفع تكاليف الموظفين لديها بحصة 36 في المائة مقارنة بغيرها من القطاعات، مثل قطاع تصنيع السيارات بنسبة 15 في المائة.
ويصف بروكلاخر، الوضع قائلاً: "نحن نخضع لنزاع خيالي في الأسعار". وبالفعل تُعد كل من الصين، والهند أسواق ترويج واعدة للغاية بالنسبة للشركات الألمانية، ويتدفق المزودون من الدول المتنامية بسرعة لا يمكن مقاومتها. ويرى بروكلاخر خطراً وشيكاً قائلاً: "تواجهنا منافسة كبيرة مع نمو الصين". ويتحدث مانفريد جروندكيه من بوش ريكسروت عن منافسة قاسية، تستلزم التحديث، ومرونة أكبر، واقتصاديات أفضل.
و من غير المستبعد أن تهاجر أجزاء من دائرة الإنتاج إلى مناطق صناعية أخرى متدنية الأجور والتكاليف. ويقول: "طالما أن الأمر يدور حول ردود الفعل المرنة فيما يتعلّق بتزويد الزبائن، والطلب على الحلول معدّلة وفقاً للحاجات الفردية، من الممكن أن يتم تحقيق القيم الإضافية في المستقبل داخلياً".

الجودة بدلاً من الحجم، هنا يرى الألمان فرصتهم مقابل المنافس الرخيص. ولهذا، لا بد من التأكيد على وضع الإيرادات.
وحسب ما جاء عن اتحاد النقابات VDMA، فقد حققت حجماً صافياً من المبيعات في عام 2005 من 3 حتى 3.5 في المائة ، حيث ينتمي لها نحو 3000 شركة من الأعضاء. أما بالنسبة لبروكلاخر فإن هذه النسبة "مُرضية". ولكنه لا يرى سبباً للابتهاج ويقول: "هذا ما تحتاجه الصناعة، إذا أرادت أن تبقى على قيد الحياة بصورة دائمة". وتتطلّب دورات الإنتاج زيادة الإنفاق في مجال البحث والتطوير. ويمنح القطاع نحو أربعة مليارات يورو سنوياً في سبيل تحقيق هذا الهدف. ويحتل القطاع في هذا المجال المرتبة الرابعة بعد قطاعات الصناعة الكيميائية وصناعة السيارات وصناعة الإلكترونيات.

الأكثر قراءة