هل يسحب العربي "سوافي" البساط من "جوجل" العالمي؟

هل يسحب العربي "سوافي" البساط من "جوجل" العالمي؟

هل يسحب العربي "سوافي" البساط من "جوجل" العالمي؟

فهد السديري لـ"الاقتصادية":
كشف فهد السديري، رئيس شركة الحلول التقنية، في حوار خاص بـ"الاقتصادية"، عن البدء في تطوير أول محرك بحث عربي على شبكة الإنترنت بدعم كامل للغة العربية، بالتعاون مع شركة سييك بورت الألمانية المتخصصة في محركات البحث. وقال السديري: يأتي تصميم محرك البحث "سوافي" انطلاقاً من الاحتياجات الفعلية للباحث العربي على شبكة الإنترنت، وهو يختلف جذرياً عن محركات البحث العالمية التي تتعامل مع اللغة العربية بشكل سطحي فقط. موضحا أن "سوافي" سيحتوي على نظام فهرسة متقدم جداً لمحتويات المكتبات العربية، حيث من المتوقع أن تتوافر أدوات الفهرسة للاطلاع على أكثر من 3 ملايين كتاب عربي. مشيرا إلى أن محرك البحث سوافي مشروع ضخم جدا، وأنه ضمن مقررات جامعة الدول العربية، كما أنه ضمن مقررات مؤتمر وزراء الاتصالات وتقنية المعلومات في العالم العربي. وكشف السديري عن خطط لبناء رابع أكبر مركز معلومات في العالم في مدينة الرياض عام 2009م. وكان معه الحوار التالي:

ماذا عن أوجه الفرق بين "سوافي" ومحركات البحث العالمية مثل "جووجل" و"ياهوو"؟
محركات البحث العالمية يجب أن يكون معلوم أنها غير متناهية، ويكاد لا يخلو موقع إلكتروني في العالم من محرك بحث. وعند الحديث عن محركات البحث الرئيسية في العالم، فنحن نتحدث عن محركات البحث الثمانية الرئيسية، ويأتي على رأس القائمة "جووجل" و"ياهوو"، ثم محرك البحث التابع لـ "مايكروسوفت"، ثم المحركات الأخرى. وما يميز محركات البحث الثلاثة الأمريكية الأولى "جووجل" و"ياهوو" و"إم إس إن"، هي قضية حسابات البريد الإلكتروني. ومحرك البحث الرابع حاليا على مستوى العالم هو محرك بحث "سييك بورت"seekport وهو المحرك الأوروبي الذي دخلنا استراتيجيا في شراكة معه، بسبب قوته ودعمه للغات متعددة، بالإضافة إلى أنه يقدم خدمات متخصصة للباحثين. وما يميز محرك البحث العربي "سوافي" عن جميع محركات البحث العالمية هذه، هو الأسلوب الجديد في التعامل مع طريقة البحث باللغة العربية، فاللغة العربية لم تكن تُدعم بشكل جيد خصوصا في نظام الخوارزميات ونظام المعاجم واختيار اللغات والتعرف على اللغات. لو أتينا ببساطة ونظرنا إلى استخدام بعض الكلمات في العالم العربي، ففي شمال إفريقيا ومصر لا تكتب نقطتين تحت الياء، لكن في الشام والجزيرة العربية تستخدم النقطتين، ولو نظرنا إلى كلمة "مسؤول" تكتب الهمزة في شمال إفريقيا على (كرسي)، بينما تكتب في منطقة الشام والجزيرة العربية على الواو، ولو نظرنا إلى كلمة أحمد، فهي تكتب أحيانا بهمزة فوق حرف الألف أو دون همزة. النظام سيقوم بالتعرف على الكلمات بصرف النظر عن كيفية وأسلوب كتابتك لهذه الأحرف، سواء كنت تضع نقطة أو همزة أم لا. ثانيا سيأتي المحرك لدعم الكلمات المتشابهة، على سبيل المثال، إذا أدخلت كلمة مصرف أوبنك، سيجمع لك جميع ما يتعلق بهذه المعنى، إذن سيتعرف المحرك على طريقة الكتابة وطريقة سلوك المستخدم العربي للكتابة، بالإضافة إلى أنه سيجمع المتشابهات في اللغة العربية كافة، الكلمة الواحدة أو المعنى الواحد وعرضها للمستخدم، وهذا ما لا تقوم به محركات البحث كافة.

هل سيكون "سوافي" مزود ببريد إلكتروني على غرار محركات البحث العالمية؟
نظام خدمة البريد الإلكتروني هو نظام ثانوي، وأنا أعتقد أن تقنية المعلومات تتجه الآن اتجاهات خطيرة، فقد أصبح هناك تسويق واستثمارات ضخمة تُضخ على مستوى العالم لتطوير تقنية المعلومات. فمسألة حسابات البريد الإلكتروني تستخدم كهدف تسويقي استراتيجي وعامل جذب للزوار. وأرى أنه من الأفضل أن نركز خلال السنوات الخمس الأولى على تقديم خدمة يحتاج إليها الباحث بدءا من السنين العمرية الدُنيا وانتهاء بالباحثين الذين تجاوزوا حتى مرحلة ما بعد الدكتوراه، وأصبحت الدراسات البحثية بالنسبة لهم شيئا أساسيا. فالمحرك يهدف في النهاية إلى أن يكون أداة بحثية فعالة، ونسعى من خلاله إلى تقديم جميع المعلومات المفيدة على طبق واحد.

إلى ماذا يعزى ضعف الحضور العربي في مجال محركات البحث؟
توجد بعض محركات البحث العربية مثل الإدريسي، لكنه موجه في الأصل إلى قطاع الشركات، وهناك كذلك "البحار" وغيره من المحركات. وتعزى أسباب القلة أو تأخر ظهور محركات البحث العربية القوية والشاملة إلى عدم توافر الدعم المالي أو عدم توافر العقول ذات الخبرة الواسعة التي تديره وتعرف أسرار نجاحه، فمحرك البحث بحاجة إلى تطوير أفضل للأدوات. وفي "سوافي" تجنبنا هذه الأخطاء، خصوصا من ناحية الموارد البشرية، حيث تم استقطاب أفضل العناصر العربية والعالمية في هذا المجال تحديدا. وإذا نظرت إلى اللغة العربية، أو محركات البحث أو المشاريع التي قامت خلال الفترة الماضية، ستجد أننا قمنا باستقطاب أفضل من عملوا في مجال محركات البحث العربية من ناحية التطوير. أما في مجال التقنية الأساسية، فقد اخترنا "سييك بورت" كشريك استراتيجي، فهو محرك أوروبي يعد أكثر محرك بحث يتمتع على مستوى العالم بالموثوقية، أو ما يعرف بالاستقرار في أدائه وعمله، بالإضافة إلى دعمه للكثير من اللغات، التي لا تقتصر، كما هو شائع دائما، على الفرنسية، أو الإنجليزية أو الألمانية، أو الإيطالية، أو اليابانية، بل دعم عمليات البحث والترجمة بين هذه اللغات. وهذه هي النقطة الاستراتيجية التي انطلقنا منها لاختيار الشريك معنا.

إلى ماذا يرمز اسم "سوافي"؟
سوافي من سافي، والسافي يطلق عند أهل الجزيرة العربية والعالم العربي، على التيارات الهوائية الخفيفة التي تشكل تيارات رملية فوق سطح الأرض، فأخذت على أساس أنها نظام بحث يأتي ليمسح لك الكرة الأرضية ويجلب المعلومة.

دائما ما يتساءل أصحاب المواقع عن كيفية دفع مواقعهم إلى قمة نتائج البحث، فما الطريقة المثلى لذلك، من وجهة نظركم، سيما وأن الباحثين دوما ما يقع اختيارهم على نتيجة البحث الأولى ويهملون بقية النتائج؟
هذا صحيح، وتلك إحدى مشكلات محركات البحث العالمية، وليس فقط للغة العربية، بل لجميع اللغات، فدوما ما يختار محرك البحث أكثر المواقع زيارةً. فعندما تدخل الكلمة، وتكون متضمنة لهذا الموقع، يتم إحضارها لك على رأس القائمة بسبب تسلسل عدد الزيارات، وبالتالي يصبح شائعا ومكررا لمحرك البحث ويصبح الأول. ونحن في "سوافي" سنتجنب هذه النقطة، وسنستخدم تقنيات جديدة في عمليات البحث من شأنها العمل على تسهيل عمليات البحث.
والآن إذا قمت بزيارة أي موقع، وطلبت البحث عن كلمة معينة، سيظهر لك شرح يعطيك فكرة مبسطة عن هذا الموقع، اختصارا لوقت المستخدم، لكي يقرر إذا ما كان بحاجة إلى هذا الموقع أم عليه الذهاب إلى موقع آخر، دون إهدار للوقت. وهذا أيضا من ضمن الأدوات التي سيتم تطويرها في "سوافي" بشكل أكبر.

هناك قول، إن الشركات تدفع رسوما مقابل إظهار موقعها في مقدمة نتائج البحث، بصرف النظر عن محتوى الموقع ومدى أهميته، ما تعليقكم على ذلك؟
هذا صحيح، وهو منظور تسويقي، فهناك قاعدة أساسية في السوق مفادها أن لديك بند مصاريف وبند إيرادات، وإذا لم يكن هناك توازن بين البندين، فلن يمكنك العمل، ولن تستطيع تغطية مصاريف التسويق. ولكن دائما أي مشروع تجاري، وهذه وجهة نظري الشخصية، يعتمد على الذكاء والقدرة على التسويق. فإذا استطعت أن تسوق بشكل جيد، وتجعل الموقع فريدا من نوعه، أو أن تجعل معدل الزيارات مرتفع جدا، فإن جميع الشركات، بطبيعة الحال، ستأتي للإعلان لديك.

ماذا عن أهمية محرك البحث "سوافي" ؟
محرك البحث "سوافي" مشروع ضخم جدا، فهو أولاً ضمن مقررات جامعة الدول العربية، كما أنه ضمن مقررات مؤتمر وزراء الاتصالات وتقنية المعلومات في العالم العربي. وأوُكلت المهمة لإحدى الدول العربية على ما أظن منذ فترة للعمل على إعداد محرك بحث عربي خاص، وخصوصا أنه يعد من المشاريع الاستراتيجية للأمة العربية.
أما لماذا لم يعمل به، ولماذا لم يطبق، ولم ينفذ بعد، فذلك مرده إما وجود خلل في التسويق، وإما لخلل في تطبيق القرارات، وهذا مجال واسع لا أستطيع التنظير فيه أو إبداء الرأي، حيث إنني أجهل بالضبط ماذا حدث في هذا الموضوع.
ولكن كمبادرة شخصية، أو مبادرة من شركة، فالأمر له زاويتان: الأولى، أن الباب غير مطروق، وهذا تجاريا يعتبر نجاحا أن تخترق مجالات جديدة وتشرع أبوابها. والآخر هو الواجب الوطني. وطالما أنك حققت التوازن بين حاجتك كرجل أعمال المتمثلة في تغطية التكاليف، أو المصاريف الخاصة بالمحرك، وفي الوقت نفسه تخدم أمتك العربية، فهنا أعتقد أن عناصر النجاح قد اكتملت، ومن ثم تأتي المبادرة، لكننا منفتحون تجاه أي دعم معنوي يأتي من جانب جامعة الدول العربية، ولسنا بحاجة إلى دعم مادي. وأنا أعتبر هذا المشروع بمثابة هدية للأمة العربية. وسيعتبر بمثابة حجر زاوية في تغيير محتوى الثقافة العربية، لأن الباحث العربي يجد حاليا صعوبة في العثور على المصادر والمراجع والأدوات البحثية التي تساعده في أبحاثه وتجعله يصل إلى المعلومات الحديثة في مختلف العلوم. وسيكون المحرك، بمشيئة الله، أداة قوية في البحث.
ويتمثل نجاحنا بفضل الله في الدراسات التي أجريناها على السلوك البحثي للمجتمعات الأكاديمية، فنحن لم نركز على المستخدم العادي، أو على استخدامات الشركات، أو غيرها؛ بل ركزنا على الحقل الأكاديمي؛ لأنه هو النسبة الأكبر في المجتمعات العربية سواء الجامعات أو المراحل العمرية الدنيا التي تمثل الثانوي والمتوسط والابتدائي. وفي حال تكوين عدد كبير من قطاع التعليم لدينا، فسيحقق المحرك نجاحا تسويقيا من حيث الإعلان وغيره، الأمر الذي سيساعد على تغطية تكاليف المشروع.

أليس من المستغرب أن تطرح جامعة الدول العربية فكرة إنشاء محرك بحث عربي، مع عدم توفير أي دعم مادي أو معنوي؟
في الحقيقة، نحن لم نطرق الباب لتبني هذا المشروع نهائيا، فهو اعتماد ومبادرة ورؤية شخصية. ومن الظلم أن أشير إلى أننا لم نجد دعما أو غيره؛ لأننا لم يسبق لنا الاتصال بحكومات، أو بجامعة الدول العربية، أو أي جهة شبه حكومية في العالم العربي. ولكني، ومن خلال "الاقتصادية" أقول إن المشروع مفتوح أمام الجميع، ولكن نرفض التدخل فيه أو توجيهه أو تسييسه، بيد أننا نقبل الدعم والمشاركة فيه وتوفير المعلومات التي يمكن أن نحتاج إليها، وفتح المكتبات العربية أمامنا، خاصةً وأن مشروع الكتاب الإلكتروني هو مشروع ضخم، وإذا استطعنا أن نسير وفقا للجدول الزمني الذي وضعناه، وبحسب الإمكانيات الموجودة، فسنتقدم حتى على محرك البحث "جووجل" في مجال الكتاب الإلكتروني. وهذا اختراق ضخم بالنسبة للعالم العربي على مستوى الثقافات العالمية.

لاحظنا في الفترة الأخيرة خضوع محركات البحث العالمية مثل "جووجل" و"ياهوو"، و"مايكروسوفت"، لبعض القيود من قبل الحكومات، كما حدث في أمريكا والصين، وهي دول تدعي الديمقراطية، فكيف ستتعاملون مع الحكومات العربية الأشد تأزما والأنكى ديمقراطية؟
إن عملية التسييس والقيود لن توجد بإذن الله لسبب بسيط هو أن الشيء الوحيد الذي سنلتزم به هو العادات والتقاليد العربية، فسنحجب المواقع والكلمات التي تسيء للدين أو الأخلاق. ولن يتم السماح بالوصول إليها من خلال محرك البحث "سوافي". لكن جميع ما يوجد من محتوى عالمي على الشبكة العنكبوتية سيكون متوافرا سواء باللغة العربية، أو الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية، أو الإيطالية، أو اليابانية، وهي لغات يدعمها محرك البحث. واتخذنا من مدينة ميونيخ في ألمانيا مركزا للمعلومات والاستضافة، ونخطط لبناء رابع أكبر مركز معلومات في العالم في مدينة الرياض عام 2009م، الذي يعتمد على إطار الاتفاقية التي ستناقش مع الحكومة السعودية.

هل سيكون هناك تنسيق بينكم وبين الحكومات العربية فيما يتعلق بمحتوى محرك البحث؟
هذا يعتمد على نوع الفكرة المطروحة للمناقشة، فإذا كان الحوار من زاوية الأمن الاجتماعي، فلا مانع لدينا من المناقشة. كما أننا حرصاء على أمن الدول أو الأمن الوطني الخاص بالدول. ولكن لن نسمح بتسليم معلومات أو التعرف على ما يجري داخل محرك البحث، وستكون لدينا الجرأة والشفافية لمناقشة الأمور وإيضاحها لمن يريد.
وأتوقع أن لا يأخذ الكثيرون هذا الكلام على محمل الجد، وأن يشيروا إلى تجربة "جووجل" الأخيرة ونزاعها مع الحكومة الأمريكية حول تسليم بعض المعلومات، المتعلقة بشكل أكبر على المواقع الإلكترونية وحسابات البريد الإلكتروني.
وأركز على مسألة الأمن الاجتماعي، سنكون منفتحين وبشفافية كبيرة أمام الجميع؛ لأنه يهمنا أيضا أن يبقى محرك البحث في مرتبة لا يرقى إليها الشك، وألا يكون سببا في تنفير المجتمع، فهذا لا يُقبل به، ومن ثم فمسائل الأمن الاجتماعي وتقديم إحصائيات حول عدد المستخدمين، وأكثر الكلمات أو المواقع بحثا، أو ما شابه ذلك لن يقدم للحكومات، ولكن سيتم إصدار تقرير شهري من جانب محرك البحث يعطي نتائج عدد طلبات البحث التي دخلت إلى الأجهزة، مع توضيح أكثر المواقع التي يتم البحث فيها، وستصبح هذه المعلومات في متناول يد الجميع، ولن تكون محددة لجهات معينة.

كم يبلغ عدد محركات البحث العالمية؟
يتجاوز عدد محركات البحث العالمية الرئيسية نحو 70 ألف محرك بحث، والأقوى منها على مستوى العالم هو 17 فقط، ولكن لا يوجد من بينها ما يدعم اللغة العربية دعما جيدا. وإذا كان هناك دعم، فهو ضعيف. فإذا أدخلت كلمة ما، يقوم المحرك بأخذها كصورة، ويبدأ في البحث عنها في المتشابهات داخل المحتوى العربي على الشبكة العالمية. وهذا المفهوم انتهى ولم يعد له وجود حاليا. ونحن الآن سنعتمد على نُظُم تتعرف على الكلمة وما يقابلها في اللغة العربية لتحضر لك المحتوى جميعه بالمعنى نفسه، ولكن بأشكال متعددة؛ بالإضافة إلى طريقة الكتابة داخل المجتمعات العربية، كما ذكرنا آنفاً.

ما مدى أهمية الكلمات الدليلية أو المفتاحية Keywords في العثور على النتائج المطلوبة؟
لتوضيح أهمية الكلمات الدليلية، نأخذ مثلاً المتشابهات، فإذا أدخلنا كلمة بنك أو مصرف أو صرافة فمحرك البحث سيبدأ بجمع المقابل ويحضر لك كامل المحتوى الذي يحمل المعنى نفسه المتوافر على الشبكة. فإذا أدخلت كلمة بنك سعودي، سيجلب محرك البحث "العادي" جميع البنوك السعودية ما عدا مصرف الراجحي، لأنه يسمى مصرف، لكن نظام محرك البحث "سوافي" لن يتعرف على كلمة بنك ومصرف فقط بل كل الكلمات المتشابهة وسيعطيك النتائج من خلال أدوات جديدة لا يمكن الإفصاح عنها في الوقت الحالي، لكن كمعلومة بسيطة سيبدأ المحرك في التجاوب معك ويطرح عليك سؤالا حول ما تبحث عنه بطريقة ذكية، أو ما يعرف بالذكاء الصناعي، فإذا أدخلت كلمة ما، سيسألك المحرك هل تعني كذا أم كذا، ومن ثم يحضر لك نتائج البحث. ومجموع الأسئلة الغرض منه هو اختصار وقت الباحث. وهذا غير متوافر حتى في اللغة الإنجليزية.

شهد عام 1994 انطلاق (ياهووو)، كموقع شخصي للطالبين (ديفيد فيلو) و(جيري يانج)، كما شهد العالم في سنة 1997 ميلاد (جووجل)، من طرف طالبي الدكتوراه (سيرجي برين) و(لاري بيدج). والسؤال الذي يفرض نفسه في النهاية: أين العرب من كل هذا؟ فكل المشاريع البحثية أنجزها طلاب جامعيون. أفليس لدينا نحن العرب جامعات؟!
للأسف العالم العربي متفكك ليس فقط في مجال تقنية المعلومات، بل في المجال الأكاديمي بوجه عام أيضاً. هناك وزارات كثيرة في العالم العربي يطلق عليها تقنية المعلومات، لكنها لا تحمل من هذا المعنى سوى الاسم. وهناك وزارات وجهات حكومية كثيرة في العالم العربي تعنى بدعم وتطوير البحث وخلافه وتطوير بيئات التعليم، لكنها لا تحمل من هذا المعنى سوى الاسم. للأسف عندما تسافر إلى مؤتمرات سواء داخل العالم العربي أو خارجه تجد أفضل الرجال وأفضل الكلام، من خلال مشاركة الوفود العربية، ولكن عندما تأتي إلى التنفيذ، لا تجد شيئاً، فنحن كعرب للأسف "ظاهرة صوتية".
المشكلة في العالم العربي، إذا نظرت في الهرم كهرم متكامل، القاعدة في العالم العربي لا تحرك شيئا داخل المجتمع، دائما قرارات، ودائما العمل يأتي من رأس الهرم، وهذا شيء طبيعي، وهذه آلية عمل مجتمع. ولكن في المجتمعات الغربية التواصل، أو قنوات الاتصال، من قمة الهرم إلى القاعدة ومن القاعدة إلى قمة الهرم موجودة، إضافة إلى أن قوة ثقافة المجتمع في طبيعة وجودة المناهج التعليمية، فهناك يتم التركيز على البحث وليس الحفظ، نحن إلى الآن نعلم أبناءنا كيف يحفظون ولا نعلمهم كيف يبحثون ويسألون، كما أننا لا نوفر لهم الأدوات التي توفر لهم الإجابة. أنا لا أقول نحن في شركة سوافي أو ميتسكو - سييك بورت أتينا لننقذ العالم العربي، نحن أتينا في مرحلة هي الخطوة الأولى في مشوار الألف خطوة. ويجب إذا بدأت أولى الخطوات ووجد من هو شجاع لاتخاذ قرار جريء للبدء في عمل مثل هذا العمل، يجب أن ينظر من لديه غيرة على العالم العربي وعلى اللغة العربية إلى هذا المشروع ويدعمه بقوة. إن الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي يتوجه نحو اقتصاد جديد يعرف بالاقتصاد المعرفي؛ بمعنى أن الاقتصاد العالمي أصبح يعتمد على تقنية المعلومات؛ لأنها هي المعرفة. فمتى استطعت أن توفر بيئة بحثية جيدة، وأدوات بحثية جيدة، ومناهج قوية للطلبة، استطعت أن تؤسس مجتمعات قوية تقوم على استخدام هذه المعرفة في تطوير الصناعات، وتطوير المنتجات، وفي الاختراع، وفي دفع الناتج المحلي للدول، وهذه هي القوة في اقتصاد المعرفة، ولكن اقتصاد معرفة من دون توفير الأساسيات والقواعد الأساسية لن يصل إلى أي نقطة تجعلنا على قدم المساواة مع الآخرين.

كيف تستشرفون مستقبل محركات البحث العربية؟
حاليا لا توجد محركات بحث عربية، ولا توجد أي منافسة، وهذا ليس من باب الغرور. أنا ذكرت "الإدريسي" وهو موجه لقطاع معين، ويخدم فئة صغيرة أو شريحة صغيرة في العالم العربي يطلق عليها enterprise. لكن ظاهرة ضعف محركات البحث الأخرى، من دون ذكر أسماء، قد تكون بسبب ضعف الإمكانيات، أو بسبب وجود خلل في برامج التسويق، أو خلل في برامج التنفيذ. وهذا ما نحاول تجنبه من كل الزوايا في عملنا حاليا ونعمل حالياً على تطبيق وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي تم وضعها مع الجانب الألماني لتقديم عمل يكون قويا ويدعم نفسه بنفسه، وفي الوقت نفسه يكون مفخرة بإذن الله لكل عربي ومسلم.

سبق وأن ذكرتم أن محرك البحث سوافي سيغطي جميع المواقع العربية على الشبكة العالمية ويقوم بتبويبها وفهرستها بطريقة جديدة وسهلة، هل لكم أن تطلعونا على تلك الطريقة الجديدة؟
هناك خدمات كثيرة سيتم تقديمها عن طريق "سوافي"، ونظام الفهرسة سيأتي للم شمل المحتوى العربي من الشتات. والشتات يقصد به أن المحتوى العربي على الشبكة العالمية مجزأ، وغير منظم، وغير مفهرس. لن نأتي بشيء جديد، ولكن سنوفر تقنيات جديدة مطورة على التقنيات الحالية لتبويب كامل المحتوى العربي على الشبكة العالمية، بحيث إنه فعلا مهما كان المحتوى، ومهما كان الموقع يكون متوافرا، بالإضافة إلى المحتوى الأجنبي أو باللغات الأخرى التي توجد داخل العالم العربي، أي ليس فقط فهرسة محتوى العالم العربي، ولكن فهرسة جميع محتوى اللغات الأخرى التي توجد داخل العالم العربي.

كم استغرق وقت الإعداد لهذا المشروع منذ بدايته وحتى موعد انطلاقه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل؟
بدأنا قبل فترة ليست بالقصيرة في عملية الإعداد والتخطيط. والتقنية الأساسية متوافرة من قبل شريكنا الاستراتيجي سييك بورت، حيث إنها متخصصة في تقنيات محركات البحث. وسبب تأخير تدشين اللغة العربية إلى (أكتوبر)، لأننا ما زلنا نبني أدوات بحثية جديدة تبني على القاعدة الأساسية للتطبيقات الفنية لمحركات البحث. ونقوم بتطوير برامج وأدوات دعم اللغة العربية داخل الشركة بأيد وعقول عربية ماهرة وخبيرة، وبالطبع لن نتوقف عند هذه النقطة، فنحن لدينا إدارة متكاملة تسمى إدارة البحث والتطوير مهمتها توفير أدوات وأساليب جديدة، بشكل ربع أو نصف سنوي، للتقليل من هدر وقت المستخدم العربي في عملية البحث.

ما النداء الذي توجهه، من خلال هذا اللقاء، ولمن؟
نطلب من الحكومات العربية فتح المكتبات العربية للتعاون معنا في تسليم المحتوى، ونحن على استعداد لتقديم كل خبراتنا وإمكانياتنا لتحويل هذه الكتب إلى كتب إلكترونية مقروءة، وليست كتب ينظر إليها على أنه يتم نسخها وتصويرها ووضعها على موقع على الإنترنت. نحن ننظر إلى أن يكون المحتوى العربي مكتوبا، بحيث عند استخدام أدوات البحث بالكلمة داخل هذه الكتب، يعثر المستخدم على ما يبحث عنه داخل هذه الكتب. وهذا مشروع ضخم جدا سيستغرق منا سنوات عديدة، ولكن يجب أن نبدأ فيه. وحتى الآن، هناك اتصالات مع بعض المكتبات الضخمة في العالم العربي، لكننا لم نجد تجاوبا بسبب أنهم ينظرون إليها من زاوية أنها عملية ربحية، وهذا شيء صحيح، فمن يريد أن يسلمنا المحتوى كي يتم العمل عليه ويتم توفيره مجانيا فهذه خطوة جبارة وكل الشكر والتقدير لتلك الجهات. ومن أراد بيع المحتوى، فنحن على استعداد للتعاون لتحويل الكتب إلى كتب إلكترونية وأن نوجد لها آليات لبيع محتوى هذه الكتب بطريقة معينة تحقق التوازن وبأسعار منطقية ومعقولة.
وأود أن أتقدم بشكر خاص لمكتبة الملك عبد العزيز العامة، حيث إنها أخذت زمام المبادرة، وهذا ما لم يتم الإعلان عنه حتى الآن، في فهرسة المحتوى العربي أو ما يطلق عليه Catalogue Index، وقامت بتوفير الآليات وأنفقت الكثير من الجهد والمال من أجل إنجاح هذا المشروع، ومشروع فهرسة المكتبات، أو المحتوى العربي في المكتبات العربية والعالمية، هو لا ريب مشروع ضخم. وأعتقد أن مكتبة الملك عبد العزيز العامة هي من أولى الجهات التي دعمتنا في هذا المشروع وأتاحت لنا الانطلاق في استخدام هذا النظام، وضمه كجزء من مكونات أدوات البحث. وأشير إلى النجاح الباهر لهذا المشروع، حيث وصل التعداد العام لنظام الفهرسة في مشروع مكتبة الملك عبد العزيز العامة إلى نحو 700 ألف كتاب، ونتوقع في القريب العاجل أن يتم التوقيع معهم في هذا الشأن.

هل خاطبتم الحكومات العربية الأخرى من أجل فتح المكتبات المتوافرة داخل أراضيها وتوفير المحتوى الموجود في المكتبات كي يكون تحت تصرفكم، ومن ثم تحويله إلى محتوى إلكتروني؟
ليس بعد، ولكن من خلال "الاقتصادية" أخاطب الجميع، بدءا من "عمرو موسى" أمين عام الجامعة العربية، بأننا نحتاج إلى المعلومة، نحتاج إلى أن تفتح أمامنا أبواب المكتبات العربية كي نستطيع توفير هذا المحتوى الذي يقبع فوق الأرفف، ومغلق عليه بداخل القاعات، كي نجعله متوفرا على مدى الأربع وعشرين ساعة، وعلى مدار الثانية، لكل من يحتاج أن يصل إلى المعلومة. الأمر الذي سيكون بمثابة وقود لدفع الثقافة العربية إلى الأمام والمنافسة خلال السنوات العشر أو العشرين القادمة، متى توفرت المعلومة، فبناء العقول سيشكل خطا جديدا للثقافة العربية ومنافسة الثقافات العالمية.

ماذا عن أهمية التسويق في رفع أداء محركات البحث؟
المعيار هو تحديد نقطة الجذب التي تجذب المستخدم، وإذا ازدادت لديك أعداد المستخدمين، فبطبيعة الحال ستأتي الشركات المعلنة للإعلان لديك. وطالما يدرك المعُلن أن إعلانه سيشاهد من قبل عشرة إلى 20 مليون مستخدم بشكل يومي، فهذه نافذة أفضل من الإعلان في الصحيفة والمجلات الورقية. فالقوة هنا تأتي من خلال كيفية الجذب والحصول على أكبر عدد من الزوار للموقع، ومن هنا تأتي استراتيجية التسويق بحيث تغطي التكاليف.

هل ستكون الكتب المعروضة على الإنترنت متوافرة بالمجان؟
نعم ستكون مجانا، ما عدا الجهات التي تملك حقوق الكتب، إذا رغبت في أن تحصل على مقابل، فسيكون هناك خدمة جديدة تدعى الخدمة الممتازة، أو الخدمة المضافة، وهي ستكون مقابل اشتراك شهري، أو اشتراك سنوي تستطيع من خلاله الحصول على اسم مستخدم ورقم سري للولوج إلى هذه المعلومات وتصفحها، بحيث إن هذا الاشتراك يتم دفعه للجهات صاحبة حقوق الملكية الفكرية.
وهنا نقطة أساسية أرغب في التركيز عليها، وهي أنه من ضمن القواعد، أو المبادئ الأساسية التي وضعناها لكيفية عمل هذا المحرك، هو احترام حقوق الملكية الفكرية، فلن يحدث أي تجاوز أو انتهاك لأي من حقوق الملكية الفكرية لأصحاب المحتوى أو الفكر الذي سيتم توفيره على الإنترنت. فمن أراد البيع سنقوم بتسويق المحتوى نيابة عنه، ودفع المقابل المادي له، وبآليات مختلفة. ومن أراد توفيره مجانا للعموم، فسنوفره له وسيتم الإشارة إليه وذكر اسمه.

كلمة أخيرة؟
في ختام هذا الحوار أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة "الاقتصادية"، وأدعوها إلى أن تزعج القارئ العربي بمشاهدة صوري ومقابلة أخرى معي عقب تدشين الموقع، وسأتحدث حينها بصراحة أكبر عن كل المعوقات التي تواجهنا. وأود أن أكرر أن الدعم المطلوب هو معنوي فحسب، ولا نطلب أي دعم مادي. ونحن مستعدون ومنفتحون على من لديه أي مبادرات أو أفكار تضيف شيئا جديدا لمحرك البحث سوافي. كما أننا مستعدون لحفظ حقوقه الفكرية وسندفع له مقابل ما قدمه لنا، وببساطة في الختام نطمح إلى تقديم عمل في النهاية يُشرّف العالم العربي، ويُشرّف كل عربي ومسلم في العالم.

-----------
384 كلمة

ماذا عن أهمية اقتصاد المعرفة، وما المعوقات التي تحول دون الأخذ بأسباب اقتصاد المعرفة في العالم العربي حتى الآن ؟
اقتصاد المعرفة له أهمية كبيرة للغاية، ويجب أن يتجه العالم العربي نحوه بأسرع وقت ودون إبطاء.
اقتصاد المعرفة لم يلتفت إليه نظرا لكونه علم جديد واقتصاد جديد، وعادة عندما تطلق هذه الأفكار أو النظريات الجديدة في تحويل الاقتصاديات العالمية لا يتم الإعلان عنها بجميع مكنوناتها للآخرين، وخصوصا شعوب العالم الثالث، ولكن هناك حالياً من تنبه لاقتصاد المعرفة داخل العالم الثالث وتجاوب معها وبدأ في تطوير الأفكار والخطط للتطبيق. وسآتيك بمثال بسيط، هناك تجارب محددة قامت بها بعض الجهات، على سبيل المثال، هناك جهة ذهبت إلى قرية صغيرة وفقيرة جدا في فيتنام، التي تعتبر من أفقر دول العالم، وافتتحت فصلا دراسيا يعتمد على استخدام جهاز الحاسب الآلي. وكان الطلاب يأتون إلى هذا الفصل أو قاعة التدريب هذه حفاة، وعليهم ملابس رثة ومهلهلة، وكان هناك فريق بحثي مختص بإجراء دراسة نفسية مفادها: ما التغيير الذي سيحدث لهؤلاء الطلاب خلال فترة معينة؟ من المذهل أن النتائج التي ظهرت أوضحت أن هناك تغييرا كبيرا في ذهنية هؤلاء الشباب تجاه الانفتاح على العالم والتعرف على أفكار جديدة لتطوير القرية. ووجد أن هؤلاء المجموعة من الشباب الذين لا تتخطى أعمارهم 12-18 نجحوا خلال سنتين، في لفت النظر إلى قريتهم إلى أن أصبحت مزدهرة اقتصاديا، ليس بسبب هذا المشروع الذي تم تنفيذه، ولكن بسبب ما بدؤوا بتنفيذه كأعمال حرفية، أخذوا كيفية وطريقة تنفيذها عن طريقة الإنترنت من خلال البحث، فأصبح هناك مراكز تجارية داخل هذه القرية، وصناعات تحويلية كثيرة، وصناعات يدوية، كل هذا تحقق من خلال الدراسات النفسية والاقتصادية المعمقة لهذه التجربة التي تم تجربتها كمدرسة تعتمد على اقتصاد المعرفة في مناهج التعليم. ومن هنا يأتي التغيير، فإذا كان كل هذا التأثير الكبير الذي حدث للإنسان البسيط الذي يفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، فما بالك لو طبقنا أدوات وأولويات اقتصاد المعرفة على من لديه الإمكانات، خصوصا عندما ننظر إلى دول الخليج، أو مصر، أو معظم الدول العربية، فنحن نعتبر في منطقة متقدمة جزئيا عن بعض المناطق الأخرى في إفريقيا وآسيا. فما بالك لو جلبنا أدوات اقتصاد المعرفة وطبقناها على الطلاب وبدأنا من الآن في زراعتها داخل العالم العربي، ماذا ستكون النتيجة؟

برأيكم كيف السبيل إلى ردم الفجوة الرقمية بين دول العالم العربي والدول الغربية؟
لابد أن يكون هناك أناس غيورون على أمتهم، وأن يأخذوا زمام المبادرة في دفع الحكومات العربية إلى الأمام، والعمل الجاد، واختيار الناس الشرفاء لقيادة هذا التوجه

الأكثر قراءة