هل تعاني الطبيبات المتميزات "عنصرية مهنية" مع الطبيب الرجل؟
تفضل المرأة عادة عند تعرضها لعارض صحي الذهاب إلى طبيبة، بينما يفضل الرجل العلاج على يد طبيب رجل، لكن إذا عانى المريض من مرض خطير أو إذا اضطر إلى إجراء عملية جراحية ففي هذه الحالة يفضل معظم الأشخاص من النساء والرجال الذهاب إلى الطبيب الرجل رغم وجود نخبة متميزة من الطبيبات النجاحات اللاتي حققن تفوقاً ملحوظاً في مختلف التخصصات الطبية، وعند مناقشة هذه القضية مع عدد من المختصين والأكاديميين جاءت الآراء والتبريرات متباينة حول الدوافع الأساسية لهذا التوجه، وهل فعلا تفضيل الطبيب الرجل يشكل ظاهرة مشاهدة في حياتنا اليومية أم هو مجرد تصور لا يمثل الواقع.
تأخر دخول المرأة لمجال الطب وقلة الكفاءات النسائية
حول هذا الموضوع يقول الدكتور محمود غلاب أستاذ مساعد في قسم علم النفس في جامعة الملك سعود" إن الرجل التحق بدراسة الطب في وقت مبكر مما أكسبه شهرة وثقة بين أفراد المجتمع بخلاف المرأة التي لم تدخل هذا المجال إلا في وقت متأخر مقارنة بالرجل لذا تمكن الطبيب الرجل من تكوين سمعة جيدة وشهرة في مجاله، كما أن التقاليد التي نشأنا عليها تميل إلى تفضيل الرجل"، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن الناس يميزون بين الطبيب والطبيبة وفقاً لنوع الجنس إنما الأمر عائد إلى خبرة الشخص والشهرة فمعظم الأطباء البارزين والمعروفين هم من الرجال, كما أن قلة توافر عناصر نسائية بكفاءة موازية لـ"الطبيب الرجل" جعلت المرضى يتجهون إلى الطبيب الأكثر خبرة وشهرة.
دور التنشئة في تفضيل للرجل
من جانبه ذكر الدكتور عبد الإله بن سعيد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود أن سبب اختيار المريض للطبيب الرجل وتفضيله على الطبيبة يعود إلى طريقة التربية التي نشأ عليها أفراد المجتمع وكونت لدى الفرد تصورا بأن الرجل أفضل من المرأة وهذا ينطبق على جميع المجالات وليس في الطب فقط, مبيناً أن هذا الاعتقاد خاطئ لأنه في الواقع ليس هنالك فروق بين كفاءة المرأة كطبيبة وكفاءة الرجل إنما التربية والبيئة المحيطة هي التي كونت مثل هذا الاعتقاد.
دور الإعلام
أما الدكتورة فريال كردي فترى أن هذه النظرة غير صحيحة مبينة أنه في الوقت الحالي نتيجة للوعي ولما تحث عليه تعاليم ديننا الحنيف وكذلك التقاليد فجميع هذه العوامل تؤثر في اختيار الطبيب, لذا نجد أن المريضة تفضل أن تعالجها الطبيبة بينما المريض الرجل يفضل الطبيب الرجل, على عكس ما كان يحدث في السابق حيث كان التفضيل لصالح الطبيب الرجل وذلك يعود إلى شهرته وظهوره في وسائل الإعلام بصورة أكثر من المرأة, مشيرة إلى دور الإعلام في إبراز الطبيب سواء كان رجلا أو امرأة وذلك عن طريق الإشادة بالإنجازات الطبية والجوائز التي يحصل عليها.
المستوى الثقافي يؤثر في نظرة الشخص إلى الطبيبة
وأوضحت الدكتورة نادرة عموري أستاذة علم الاجتماع في جامعة القدس أن بعض النساء يفضلن الذهاب إلى الطبيب الرجل لأنه يبدي تعاطفا أكبر مع المريضة من الطبيبة أو ربما تكون المريضة مرت بتجربة فاشلة مع إحدى الطبيبات فتعمم هذا الانطباع على باقي الطبيبات, مشيرة إلى أن المستوى الثقافي يؤثر في نظرة الشخص تجاه الطبيبة, فكلما كان المستوى الثقافي عاليا زادت من ثقة الشخص بالطبيبة حيث تكون المفاضلة بحسب الخبرات ومهارة الطبيب بغض النظر عن نوع الجنس ذكر أم أنثى.
وقالت "إن التربية أيضاً لها دور في تكوين مثل هذا التصور, فالمجتمع غرس فينا توجه لتفضيل الرجل على المرأة وبأنه أبرع وأكثر مهارة من المرأة وهذا لا ينطبق على مجتمعنا العربي فقط بل على جميع المجتمعات إلا أنه في مجتمعنا يظهر بشكل أكبر", مبينة أن مثل هذه الاعتقادات الخاطئة في طريقها إلى الزوال بزيادة الوعي الثقافي بين أفراد المجتمع.
وفي استطلاع لبعض الآراء ذكرت نادية العتيبي أن اختيارها للطبيب أو الطبيبة يكون وفقاً لنوع المرض الذي تعانيه ففي حالة الأمراض الجلدية أو أمراض النساء والولادة أو الأسنان تفضل اللجوء إلى الطبيبة لتوفر عدد من الطبيبات الماهرات في هذه التخصصات, أما بالنسبة إلى التخصصات الأخرى فتقول إنها تفضل الطبيب الرجل لأن ثقتها بإتقان الطبيب تكون أكبر في هذه الحالة, رغم أنها تشعر بالراحة أكثر إذا كانت تُعالج على يد طبيبة.
أما نورة العبد الله فتعلل تفضيلها الطبيب الرجل فيما لو اضطرت إلى إجراء عملية جراحية لما يتمتع به الرجل من سرعة في اتخاذ القرار بحسب رأيها في حال حدوث أمر طارئ أثناء إجراء العملية بعكس ما يحدث لو كانت المُعالجة امرأة, مشيرة إلى أن تفاعل الطبيب يكون أفضل من الطبيبة حيث إن الطبيب يشرح لها تفاصيل وخطوات العلاج.
فيما قال عبد الرحمن إنه يفضل الطبيب الرجل لأنه اعتاد منذ صغره على الذهاب إلى الطبيب الرجل واستمر الأمر معه عندما كبر فأصبحت ثقته بالطبيب الرجل أكبر, وأشار إلى أنه في حال تعرض لمرض بسيط مثل الزكام أو غيره فإنه لن يمانع إذا ما كان الطبيب المعالج امرأة أما إذا تعلق الأمر بمرض أشد خطورة فإنه يفضل اللجوء إلى الطبيب الرجل حتى لو وجدت طبيبة بالكفاءة نفسها.