البنك الدولي متمسك بمحاربة الفساد وتبني برامج إصلاحية
بعد مرور نحو عام على دخوله إلى البنك الدولي كرئيس له يرتدي الأمريكي بول وولفويتز زي المحارب ويشهر سيفا مضادا للفساد استعدادا للضرب في اللحظة التي تظهر فيها إشارة بسيطة على وجود فساد أو حتى صفقة مشبوهة.
وجاء موقفه من دول مثل تشاد، الهند، كينيا، والكونجو ليكشف بوضوح مدى جدية رئيس البنك الدولي في محاربة الفساد.
كان وولفويتز الرجل الثاني في وزارة الدفاع الأمريكية قبل وأثناء
الغزو الأمريكي للعراق. كما كان أحد أهم مهندسي قرار الغزو.
واصطدم تعيينه في منصبه الجديد كرئيس للبنك الدولي بمعارضة العديد من المنظمات التنموية الدولية. كما تواجه سياسته في إدارة البنك معارضة مماثلة. وترى هذه المنظمات أن البنك الدولي نفسه مسؤول عن تفشي ثقافة الفساد والرشوة في حكومات الدول الفقيرة والنامية.
ففي اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين التي عقدت في واشنطن الشهر الماضي طالبت الدول الأعضاء بضرورة وضع البنك الدولي معايير وقواعد تضمن الموضوعية في اتخاذ القرارات بشأن محاربة الفساد في الدول المستفيدة من البنك.
ومن المقرر وضع الخطوط العامة لهذه القواعد والمعايير في الاجتماع المقبل للبنك بمشاركة 148 دولة عضوا في سنغافورة في أيلول(سبتمبر) المقبل.
وكان وولفويتز قد أطلق في كانون الثاني (يناير) الماضي حملة جديدة
ضد الفساد، حيث سحب البنك تمويله لمشروع مد خط أنابيب نفط
في تشاد بقيمة4.1 مليار دولار لأن الحكومة التشادية تعتزم استخدام عائدات تصدير النفط في محاربة جماعات التمرد وليس الفقر كما كانت قد تعهدت من قبل. كما أوقف البنك القرض الذي كان قد قرر منحه لكينيا بقيمة 265 مليون دولار بعد اكتشاف وجود خلل في استخدام القرض. أما بالنسبة إلى الهند التي كان البنك الدولي قد قرر منحها قرضا بقيمة مليار دولار لتمويل المشاريع الصحية فتم وقف القرض. كما قرر البنك وقف تقديم أي قروض لأوزبكستان في الوقت الراهن. وبعد اكتشاف أن رئيس الكونجو أنفق 295 ألف دولار ببذخ شديد أثناء إقامته في أحد فنادق نيويورك وسدد القيمة نقدا قرر وولفويتز وقف أي قروض للدولة الإفريقية الفقيرة.
وكان وولفويتز قد قال أثناء وجوده في جاكرتا في نيسان (أبريل) الماضي إن الفساد هو أصل المشكلة عندما تفشل الحكومة في أداء مهمتها.
ورغم ذلك فإن هناك رؤية مختلفة لسبب الفساد تطرحها الهيئة الرقابية التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي المعروفة باسم مشروع بريتون وودز وهي أن السبب الرئيسي للفساد هو انخفاض أجور موظفي الحكومة ورغبة الشركات الكبرى في دفع الرشى من أجل الحصول على معاملة تفضيلية أو الفوز بصفقات. ووفقا لهذه الرؤية فإن صندوق النقد والبنك الدوليين يتحملان جزءا من المسؤولية عن تفشي الفساد، حيث ترى هيئة مشروع بريتون وودز أن برامج الإصلاح الاقتصادي التي تفرضها
مؤسسات التمويل الدولية على الدول الفقيرة كشرط مسبق للحصول على قروض أو مساعدات تتضمن خفض أجور الموظفين العموميين.
تقول ليدي ناكبيل من منظمة يوبيلي ساوث، وهي مظلة لعدد من النشطاء في مجال مناهضة العولمة والدفاع عن الدول الفقيرة، إنه على البنك الدولي النظر إلى نفسه ومعالجة أخطائه قبل أن يركز على معاقبة الدول الفقيرة بدعوى الفساد.
وتقول هذه المنظمة إن أسلوب وولفويتز يرفض النظر إلى "البنك" نفسه بشأن دوره في استمرار الفساد من خلال قروضه المشروطة وفساد إدارته.
ويبدو أن وولفويتز وضع مطالب هذه المنظمات في الاعتبار، حيث يسعى البنك إلى نشر برنامج تدريبي للموظفين العموميين وتشجيع حرية الصحافة في الدول النامية باعتباره حليفا استراتيجيا في الحرب على الفساد، إضافة إلى التشاور مع منظمات المجتمع المدني في هذه الدول.
ويضم البنك الدولي حاليا نحو 50 محققا يتولون التحقيق في 1700 قضية فساد في مشاريع البنك منذ 2001. كما تم إعداد قائمة سوداء تضم 330 شركة وشخصا يحظر حصولهم على أي عقود جديدة من البنك.