التحديات الاقتصادية لدول مجلس التعاون خلال عام 2006
تواجه دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات الاقتصادية في عام 2006 لا مناص من مواجهتها. وتتمثل هذه التحديات في تعزيز التبادل التجاري وبالتالي التكامل الاقتصادي بين دول المجلس فضلا عن مواجهة المشكلات الأخرى وخصوصا البطالة.
تعزيز التبادل التجاري
تشكل التجارة البينية بين دول مجلس التعاون نحو 10 في المائة من تجارتها مع دول العالم ما يعني عدم وجود رابط اقتصادي قوي بين الدول الأعضاء. في المقابل تبلغ نسبة التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 50 في المائة من تجارتها مع دول العالم. يبقى أنه خلافا لما هو الحال في الاتحاد الأوروبي فإن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تتنافس فيما بينها وليست بالضرورة مكملة لبعضها بعضا. حقيقة ما يجمع الدول الخليجية هو التشابه الاقتصادي, حيث التركيز على تصدير النفط ومشتقاته مع وجود بعض الاستثناءات مثل نجاح السعودية في مجال الزراعة ودبي في التجارة العابرة وقطر في الغاز.
تحقيق التكامل الاقتصادي
تسير مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس ببطء شديد, وخير دليل على ذلك تأخير تاريخ الانتهاء من مشروع الاتحاد الجمركي لمدة سنتين حتى عام 2007. وهذا ما اتفق عليه قادة دول المجلس في قمتهم الأخيرة في أبو ظبي في الإمارات. حسب الخطة الأصلية كان من المفترض أن تتمتع دول المجلس بصفة الاتحاد الجمركي بشكل كامل في نهاية عام 2005 أي بعد سنتين من تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وإذا ما سارت عملية التكامل الاقتصادي بالوتيرة نفسها فإنه من الصعب تحقيق السوق الخليجية المشتركة في نهاية عام 2007 والاتحاد النقدي في عام 2010.
التعاون التجاري مع الدول الأخرى
لم تنجح دول مجلس التعاون الخليجي حتى تاريخ كتابة هذا المقال في إنهاء المفاوضات المتعلقة بإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي. وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي وعددها 25 دولة الشريك التجاري الأول لدول المجلس. وقد تعثرت المفاوضات لفترة تقارب 15 سنة بسبب الشروط الأوروبية وفي مقدمتها تحقق الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون. على كل حال يبدو أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح, خصوصا بعد تبني أعمال الدورة الـ 26 في أبو ظبي مبدأ "السياسة التجارية الموحدة" مع العالم الخارجي. وقد استفادت بعض الدول الأعضاء (من غياب هذا المبدأ) في إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول الأخرى ومنحها امتيازات خاصة, تماما كما هو الحال فيما يخص اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين وأمريكا.
الإصلاح الاقتصادي
يمكن الادعاء بأن القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون في هذه الفترة يتمثل في منح القطاع الخاص الدور الريادي في إدارة دفة الاقتصاد. بل يلاحظ قيام السلطات بتحويل بعض الأمور العادية مثل أعمال البلدية إلى عهدة شركات خاصة. بمعنى آخر هناك توجه جدي في تحرير الاقتصاد من سيطرة القطاع العام. والأمثلة على ذلك كثيرة من قبيل السماح لشركات أخرى في دخول بعض القطاعات الحيوية مثل الاتصالات. ويكمن التحدي في استمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي على الرغم من ظهور بعض العوائق مثل البطالة في أوساط المواطنين. المعروف أن المواطنين في دول المجلس يعملون بشكل رئيسي في الأجهزة الحكومية, التي بدورها مرشحة لعلميات الخصخصة.
حقيقة تشكل عملية الإصلاح الاقتصادي حجر الزاوية فيما يخص محاولات جلب الاستثمارات الأجنبية. حسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تمكنت منطقة غرب آسيا من استقطاب نحو 10 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2004. وقد استقطبت السعودية 19 في المائة من هذه الاستثمارات, أي نصيب الأسد. لكن يبقى أن المبلغ الكلي لدول غرب آسيا متواضع قياسا بالمناطق الأخرى في العالم. حسب التقرير بلغ حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة (الداخلة) في العالم 648 مليار دولار في عام 2004.
مواجهة البطالة
يبقى أن التحدي الأكبر الذي بدوره يواجه بعض دول المجلس أكثر من غيرها يكمن في إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين. حقيقة تعتبر البطالة مشكلة خطيرة في البحرين, حيث تبلغ نسبتها 14 في المائة من حجم القوى العاملة الوطنية. ويخشى أن تتفاقم الأزمة على دخول المزيد من الخريجين إلى سوق العمل. ومن المنتظر أن يتم إطلاق مشروع وطني في بداية عام 2006 يركز على تدريب العاطلين وإعادة تأهيلهم لسوق العمل. كما أن إيجاد وظائف تتناسب وتطلعات المواطنين تشكل دوامة للمسؤولين في المملكة العربية السعودية. ويحتاج الاقتصاد السعودي إلى توفير أكثر من 150 ألف فرصة عمل سنويا للمواطنين.
ختاما يشكل استمرار ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية فرصة تاريخية لدول المجلس في مواجهة بعض هذه التحديات. فجميع الموازنات الخليجية حققت فائضا ماليا في الفترة الأخيرة. ربما المطلوب الآن هو توظيف بعض الفوائض المالية لجهة حل التحديات الاقتصادية وفي مقدمتها توفير فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطن الخليجي.
رئيس وحدة البحوث الاقتصادية ـ جامعة البحرين